ملامح فلسفة الجمهورية الجديدة في مصر
أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي يوم الخميس الموافق 15-7-2021 عن انطلاق الجمهورية الجديدة، وذلك في إطار احتفالية المؤتمر الوطني الأول لمبادرة حياه كريمة.. الأمر الذي مثل علامة ومنعطفا جديدا للدولة المصرية، حيث أن انطلاق الجديد يعني تغيرا في كثير من القديم.
إن مفهوم الجمهورية الجديدة ليس شعارا يعبر عن تغيير نظام الحكم أو شكل الوضع السياسي، وذلك كما استخدم المصطلح في العديد من الدول بعد تغيرات سياسية أعادت تشكيل المشهد السياسي بتلك الدول.. حيث أن فلسفة الجمهورية المصرية الجديدة تختلف بشكل كامل في أبعادها وأركانها، الأمر الذي يعبر عن شكل جديد للدولة المصرية، وذلك بعد ثورة ٣٠ يونيو المجيدة، بما يتوافق مع إمكانياتها ورؤيتها الإستراتيجية، للواقع والمستقبل.
مفهوم الجمهورية الجديدة في مصر يعبر عن نظرة متكاملة الأبعاد يمكن اجمال أبرزها في مجموعة من المحاور أبرزها:
- وضع خريطة جديدة لمصر وهو ما تمثل في مشروع التقسيم الإداري الجديد الذي عمل على ترسيم حدود المحافظات، ليس فقط من أجل خلق حدود إدارية جديده ولكن، لإنشاء توسع حضاري منظم يستوعب الزيادة السكانية الجديدة، ويوفر ظهيرا صحراويا لكل محافظة يضمن الاستصلاح والزراعة وإقامة صناعات موازية لضمان التنمية المستدامة في محافظات مصر، وتوفير فرص عمل بتلك المحافظات.
- صناعة نخب شابه جديدة معتمدة على العلم والتأهيل السياسي والإداري، لتدويرها واستخدامها في أرجاء الدولة المصرية، وهو ما بدأ بفكرة البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، وحتى رسوخ فكرة الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب، التي أصبح اجتياز دوراتها واختباراتها جزءا أساسيا لبدء العمل الإداري في الدولة المصرية.
- تمكين المرأة المصرية ودعم أدوارها في المجتمع، وهو ما ظهر خلال إستراتيجية تمكين المرأة 2030، والتي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2017 من خلال المجلس القومي للمرأة، إضافة إلى خلق أدوار جديدة للمرأة المصرية، واشراكها بشكل حقيقي في اتخاذ القرار.
- تطوير الريف المصري وإعادة هيكلته بطرق تنظيمية حديثة تضمن الحفاظ على الهوية المصرية الأصيلة له، وضمان خصوصيته وذلك من خلال مبادرة حياه كريمة لإحياء الريف المصري الذي طالته يد الإهمال والعشوائية لسنوات طويلة. وهي المبادرة التي ستغير شكل الحياة في الريف المصري، وتضمن حياة كريمة لكل سكانه.
- التصدي التدريجي للمشكلات المتراكمة في علاقة الدولة بالمجتمع وعلاقة المواطن بالنظام والعلاقات البينية بين الأفراد وبعضهم البعض، حيث قامت الدولة باقتحام ملفات لم يكن لأحد أن يتصور أن يتم حلها مثل ملف مدن العشوائيات، التي كانت تضم مساكن غير صالحة للاستخدام البشري، والتي تم أعاده هيكله تلك المناطق بصورة حضارية تضمن الاستثمار في العنصر البشري وتنميته لإدراجه في نهضه المجتمع. إضافة إلي إعادة ضبط للعلاقة الحاكمة بين المركز والأطراف، وتمكين المجتمع المحلي بصور أكبر وتمكين مفهوم اللامركزية في الإدارة.
- تطوير مؤسسات الدولة لتكون أكثر استجابة لاحتياجات المواطن، وبصورة تتواكب مع التقدم المتسارع في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة.. وذلك من خلال إستراتيجية التحول للمجتمع الرقمي، والعمل على رقمنة الخدمات المقدمة للمواطن ما يعني سهولة في الحصول على الخدمة، وأيضا مكافحة الفساد والقضاء عليه.
- إعادة بلورة دور إقليمي وعالمي نشط للدولة المصرية الحديثة يعلي من مفهوم الأمن القومي الشامل وينظم بشكل خلاق دوائر الحركة المصرية بمفهوم واسع، يعتمد في الأساس على دوائر الأمن القومي المصري الأساسية، فبعد فترة من قبوع الدولة المصرية في محيطها الداخلي أصبحت فاعلة في كثير من القضايا الإقليمية والعالمية، الأمر الذي أعاد كثير من قوة الدولة المصرية وهيبتها.
تحديث الجيش المصري ليكون أكثر قوة ويكون درع وسيف يحمي ويصون كافة المكتسبات السابقة. وهو ما تم من خلال رفع القدرات القتالية وتسليح القوات المسلحة بأحدث معدات القتال، وتطوير القوات البحرية، وتطوير القوات الجوية، وتطوير منظومة الدفاع الجوي.. وكذلك حظي التصنيع الحربي باهتمام كبير في تلك الرؤية، فنظمت مصر معرض الدفاع الأول عام ٢٠١٨ بمشاركة دولية في مجال التصنيع المشترك، لتكون بداية حقيقة للتصنيع العسكري المحلي.
إن مفهوم الجمهورية الجديدة لا يعني تحولات هيكلية في أركان الدولة المصرية فقط، ولكنه يتطلب أيضا تحولات على مستوى فكر المواطنين وقدراتهم لكي يكونوا أعضاء فاعليين في بناء الدولة المصرية الحديثة.. وذلك لأن "مصر أم الدنيا تستعد لتكون قد الدنيا".