محلل عسكري: انتشار الفساد والجماعات الإرهابية ونقص المياه والاتجار بالمنظومة الصحية أبرز أزمات العراق (حوار)
رصد اللواء الدكتور محمد عاصم شنشل، المحلل العسكري العراقي، عددا من القضايا الهامة التي تتعلق بالشأن العراقي والأحداث التي شهدتها بلاده في الفترة الماضية، من حرائق المستشفيات والوضع الصحي المتأزم، الذي فقد علي أثره الكثير من العراقيين أرواحهم.
كما تحدث شنشل، خلال حوار مع "القاهرة 24"،عن انتشار الفساد والمنظمات الإرهابية التي تحول دون عودة الاستقرار في العراق، فإلى نص الحوار..
كيف ترى الاتفاق السوري العراقي لتنظيم المياه؟
الاتفاق السوري العراقي لتنظيم المياه، في حد ذاته اتفاقية خاسرة مقدما، فماذا تعني الاتفاقية بخصوص واردات نهري دجلة والفرات.. هذا المسلسل مستمر للمهزلة الحاصلة في العراق وسوريا، فالدولتان يعانيان من الجفاف، والعراق تناسى أن الاتفاقية يجب أن تتم أولا مع تركيا بصفتها دولة المنبع.
تركيا التي تشارك العراق بنهر الفرات ودجلة، تتحكم في المياه وسنجد أن المنسوب بدأ في التناقص سنويا، حتى وصل العراق إلى مراحل تعاني فيها المناطق الشمالية من الجفاف، نزولا حتي يلتقي النهرين سواء في المناطق الغربية أو حتي إلي الفرات الأوسط نزولا إلي المناطق الجنوبية.
نهرا دجلة والفرات يعانيان من النقص الشديد في المياه، لذلك يجب إيجاد اتفاقية تستطيع إيجاد حل لتلك الأزمة المستعصية التي يعيشها العراق في القطاع المائي، كما يجب إيجاد حلول لمشكلات القطاع الصحي وقطاع الكهرباء، فضلا عن انتشار الفساد الأمر الذي وضع العراق أمام مشكلة حقيقية لا يمكن أن تحل بمجرد اتفاقية خاسرة، بل يجب أن يكون هناك تحرك دولي رادع يمكن العراق من استعادة حقوقه المائية.
ويجب أن تتخذ حكومة الكاظمي التي من المفترض أن تكون بدأت بتغيير المسار، إجراءات لوضع خطة إعادة هيكلة تنظيمية للعراق وتطوير البنية التحتية، ومن الأصح أن تتخذ خطوات إيجابية بحيث يبدأ الضخ المائي المناسب الذي كان يتمتع به العراق سابقا لتعديل مناسيب المياه التي ستوفر الراحة النفسية والأمان لكثير من العراقيين الذين عانو كثيرا منذ عام 2003.
كما أن إيران تقطع المياه أيضا من الجانب الجنوبي (نهر ديالي)، ونهرا الكرخة وكاراون، اللذين كانا مصدرًا تاريخيًا لخصوبة جنوب العراق، ونجد أن تركيا أيضا تستمتع بقطع المياه عن العراق في الجانب الشمالي، لذلك يجب أن يكون هناك اتفاق قوي وصارم مع تركيا وإيران قبل الاتفاق مع الجارة سوريا، وأعتقد أن الاتفاق الأقوى هو الذهاب إلي تركيا والاتفاق معها ثم اللحاق بإيران كي يستعيد العراق عافيته بالنسبة للثروة المائية، التي كان يتمتع بها حتي وإن كان دون التعويض عما فاته.
كيف هو الوضع الأمني والاستقرار بالعراق؟
الأوضاع الأمنية والسياسية والعسكرية والخدمية في العراق لم تستقر منذ 2003، العام الذي حدث فيه الاحتلال الأمريكي الصهيوني الفارسي الجائر للعراق، والذي دفع بلادنا إلى تلك الدوامة من تدخلات وميليشيات وإرهاب واقتصاد منهار، كل تلك الأوضاع لا يمكن أن تحل إلا بخطة ممنهجة مبنية على قيادة عراقية قوية تستطيع تطهير العراق.
المنطقة لم تنتهِ من الموجات الإرهابية التي تشهدها من حين لآخر، وكلما حدث استقرار أمني، يظهر من يسعى لإشعال الفوضى من خلال الهجمات المنظمة لداعش والميليشيات التابعة لإيران المنتشرة في أرجاء العراق، حتي يتسنى لهم السيطرة على العراق وإبقائه في حالة دائمة من عدم الاستقرار لكي يتمكنوا من نهب ثرواته.
والحكومة العراقية ليست قادرة على ردع أي من هذه التنظيمات الإرهابية، سواء كانت داعش أو الميليشيات الإيرانية، كذلك فإن استهداف أبراج الكهرباء يأتي بفعل فاعل فهناك أكثر من 200 برج تم استهدافه، وذلك نتيجة الفساد المنتشر في كافة الوزارات العراقية وخاصة وزارة الكهرباء.
ما وضع المنظومة الصحية بالعراق؟
المنظومة الصحية بالعراق حالها حال الفساد المنتشر بالعراق، فكلما يتم الاتفاق على مواضيع مهمة من أجل إحياء المنظومة، يخرج توجه لافتعال حرائق أو بعض الأمور منها نقص الأدوية والمستلزمات الطبية ونقص الدكاترة والاختصاصيين، بالإضافة للعقود التي تبرم بين وزارة الصحة العراقية وشركات المقاولات التي يفترض أن تؤهل المستشفيات العراقية التي تواجه الوضع الصحي المتأزم الآن بالعراق والعالم.
افتعال مسلسل الحرائق المتكررة بالمستشفيات العراقية، يأتي على سبيل إسناد ملف المقاولات لتنفيذ بعض العقود التي من المفترض أن تمد المستشفيات بكل ما تحتاجها من أسرة ومستلزمات طبية ولقاحات فيروس كورونا وغيرها، لذلك نجد أن افتعال الحرائق الأخيرة سبقها شبه تعتيم على حريق بوزارة الصحة العراقية أو في مبنى مدينة الطب الموجودة في بغداد.
ونجد أن الطابق الرابع فقط من المبني هو ما تم حرقه وباقي الأدوار الأخرى لم تطلها النيران، فهذا الطابق يحتوي على كل ملفات العقود التي أبرمت مع الكثير من المقاولين لإحياء الكثير من المستشفيات في عموم العراق، ومنها مستشفى الحسين في ذي قار الذي تم حرقه بفعل فاعل، وفق ما ذكره شهود العيان وفقد الكثير من الأبرياء أرواحهم بالإضافة للعديد من المصابين، وهذا المسلسل المتكرر سيستمر إذا لم تقطع يد الفساد.
والملف الصحي أيضا لم يبت به من قبل حكومة الكاظمي، التي هي أضعف بكثير مما كان متوقعا، فالملف الصحي مثله مثل ملف الموارد المائية، والملفات الخدمية وغيرها من الملفات الهامة التي تفتقر إلى المصداقية وتغلل فيها الفساد الذي في كل يوم يكبر ويكثر ويسيطر على العراق.