القصة الكاملة.. هل فشلت إثيوبيا في الملء الثاني لسد النهضة؟
الكثير من التساؤلات لا زالت تحتاج إلى إجابات في أزمة الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، والذي أعلنت أديس أبابا عن الانتهاء منه قبل يومين.
وما بين فشل إثيوبيا في الملء الثاني أو نجاحها في هذه الخطوة، سيطرت حالة من الجدل بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، فهل فشلت إثيوبيا في الملء الثاني لسد النهضة؟.
قبل عدة أشهر أعلنت إثيوبيا شروعها في الملء الثاني لسد النهضة مع بدء موسم فيضان النيل في يوليو الجاري، مؤكدة أن خطتها تستهدف تخزين 13.5 مليار متر مكعب في الملء الثاني، بالإضافة إلى 5 مليارات متر مكعب في الملء الأول عام 2020، ليصبح إجمالي كميات المياه المخزنة في بحيرة سد النهضة في الملء الأول والملء الثاني 18.5 مليار متر مكعب.
الممر الأوسط هو السر
وحسب مصادر مطلعة لـ "القاهرة 24"، فإن إثيوبيا منذ ذلك الوقت عملت على قدم وساق من أجل تهيئة الإنشاءات في السد لاحتجاز هذه الكمية في الملء الثاني البالغة 13.5 مليار متر مكعب، إذ عملت على تعلية الممر الأوسط للسد 30 مترا عند منسوب 595 متر فوق منسوب سطح البحر، وهو الارتفاع المناسب لاحتجاز 13.5 مليار متر مكعب.
وعلى مدار عدة أشهر بدأت إثيوبيا في تعلية الممر الأوسط باستخدام عشرات المعدات والآلات والعاملين والفنيين والمهندسين، لكن بعد هذه المحاولات لم تستطع تعلية الممر الأوسط إلى منسوب 595 متر لكن توقف الأعمال حتى ارتفاع 574 متر فوق منسوب سطح البحر أي تم تعلية 8 أمتار فقط بدلا من 30 مترا، لتمر مياه الفيضان من أعلى الممر الأوسط وتضطر إثيوبيا إلى رفع المعدات والآلات وتوقف أعمال التعلية.
وذكرت المصادر أن هذا المنسوب الذي نجحت أديس أبابا في تحقيقه وهو 574 متر لا يحتجز سوى 2-3 مليار متر مكعب إضافية للكميات المحتجزة بالفعل من الملء الأول في العام الماضي، والبالغة 5 مليار متر مكعب، لتُصبح إجمالي المياه المخزنة هي 7- 8 مليار متر مكعب كأقصى تقدير، حسب الصور ومقاطع الفيديو التي نشرتها مصادر رسمية إثيوبية.
فشل جزئي في الملء الثاني
تُجيب مصادر مطلعة على الأعمال الفنية للسد الإثيوبي، على حقيقة فشل إثيوبيا في الملء الثاني، موضحا أنها فشلت جزئيا في تحقيق هدفها باحتجاز 13.5 مليار متر مكعب، لكنها في نفس الوقت نجحت في احتجاز كميات مياه لا تزيد عن 3 مليار متر مكعب، وهو هدف سياسي إثيوبي بفرض سياسة الأمر الواقع على دولتي المصب.
وأوضحت أن غزارة الأمطار لعبت دورا أيضا في زيادة الفيضان وسرعة تخزين المياه في بحيرة سد النهضة، وبعدها مرور المياه من أعلى الممر الأوسط وإجبار أديس أبابا على وقف هذه الأعمال التي من شأنها زيادة كميات المياه المحتجزة خلف السد.
الأسمنت والفيضان والتمويل السبب
يشرح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، تفاصيل الوضع الحالي لأعمال البناء في سد النهضة، موضحا أن تعلية الممر الأوسط توقفت عند 8 أمتار بدلا من 30 مترا، وبدأ مرور الفيضان أعلى الممر الأوسط مع استمرار فتحى التصريف، والاكتفاء بتخزين 3 مليار متر مكعب هذا العام بدلا من 13.5 مليار متر مكعب بإجمالي تخزين 8 مليار متر مكعب.
وأشار شراقي لـ "القاهرة 24"، إلى أن هذه الكمية كافية لتوليد كهرباء من أول توربينين على مستوى منخفض 560 متر، ومخزون العام الماضي كان كافيا لتشيغلهما ولكنهما غير جاهزين للعمل حتى اليوم.
وحسب شراقي، فإن رئيس الوزراء الإثيوبي برر هذا الإخفاق للظروف الأمنية التي تمنع وصول الأسمنت من المصنع إلى منطقة السد في موعده، حيث تحتاج حاليا 10 أيام بدلا من ثلاثة في الظروف العادية، بالإضافة إلى مشاكل التمويل وأخيرا هجوم الأمطار.
عودة المفاوضات
وحسب مصادر دبلوماسية، فإن مصر قدمت اعتراضا رسميا إلى الأمم المتحدة، لهذه الخطوة الإثيوبي الأحادية بالملء الثاني، مشددة على أن مصر ترفض هذه الخطوة بغض النظر عن الكميات المخزنة.
وذكرت المصادر الدبلوماسية لـ "القاهرة 24"، إن هناك ضغوطا دولية على إثيوبيا لاستئناف المفاوضات بمنهجية جديدة في ظل تعزيز دور المراقبين الدوليين وإطار زمني محدد، تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
وفي بداية الشهر الجاري، تلقى الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري خطابًا رسميًا من نظيره الإثيوبي يفيد ببدء إثيوبيا في عملية الملء للعام الثاني لخزان سد النهضة الإثيوبى.
ووجه عبد العاطي وقتها خطابا رسميا إلى الوزير الاثيوبي لاخطاره برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يعد خرقًا صريحًا وخطيرًا لاتفاق إعلان المبادئ، مشددا على أنه يعد انتهاكًا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية، بما فيها نهر النيل الذي تنظم استغلال موارده اتفاقيات ومواثيق تلزم إثيوبيا باحترام حقوق مصر ومصالحها المائية وتمنع الأضرار بها.
ودفع التعنت الإثيوبي مصر والسودان إلى طلب عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي، الذي استجاب لهذا الطلب وعقد جلسة طارئة قبل أكثر أسبوعين طالب فيها بضرورة عودة المفاوضات بسرعة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.