كيف تورّط يزيد بن معاوية في قتل الحسين؟
تمر اليوم ذكرى ميلاد يزيد بن معاوية، ثاني خلفاء بني أمية، وأول حاكم إسلامي يأخذ منصبه بالوراثة، حيث ولد في 23 يوليو عام 645، وهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
قبل وفاة والده معاوية بن أبي سفيان، خطب في الناس قائلا: “اللهم إن كنت إنما عهدت ليزيد لما رأيت من فضله فبلغه ما أملت وأعنه، وإن كنت إنما حملني حب الوالد لولده، وإنه ليس لما صنعت به أهلا فأقبضه قبل أن يبلغ، فلما مات مُعاوية بايعه أهل الشام، ثم بُعث إلى أهل المدينة من يأخذ له البيعة فأبى الحسين بن علي وابن الزبير أن يُبايعاه لرفضهم أن يُورث الحكم في الإسلام، وتنتهي بذلك الشورى”.
عقب تولي يزيد أمر المسلمين والحُكم، أرسل أهل الكوفة إلى الحسين، الرسائل، يدعونه للخروج إليهم، ونصحه بن عباس بألا يخرج، وكذلك عبد الله بن عمر، لكنه قرر في الأخير “الخروج”، وكتب وصيته وأعطاها لأخيه محمد بن الحنفية، والتي يقول فيها: "أنّي لم أخرج أشرا، ولا بطرًا، ولا مفسدًا، ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.. أُريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدُي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وسيرة أبي علي بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين، وخرج في قرابة المئة من أهل بيته، منهم أخوته ونسائه وأولاده.
ونزل الحسين ومن معه في كربلاء في شهر محرم 61 هجريًا، وكتب عبيد الله بن زياد كتابًا إليه يقول فيه: “أما بعد، إنّ يزيد بن معاوية كتب إليَّ أن لا تغمض جفنك من المنام، ولا تشبع بطنك من الطعام أو يرجع الحسين على حكمي، أو تقتله والسلام”.. فلما ورد الكتاب قرأه الحسين ثم رمى به وقال: "لا أفلح قوم آثروا مرضاة أنفسهم على مرضاة الخالق" فقال له الرسول: "أبا عبد الله! جواب الكتاب؟" وقال: “ما له عندي جواب، لأنّه قد حقّت عليه كلمة العذاب”، فأخبر الرسول ابن زياد بذلك، فغضب من ذلك أشدّ الغضب، وأمر بإعداد الجيش لمحاربة الحسين.
ووصل إلى مكان الحسين 4 آلاف جندي بقيادة عمر بن سعد، وحاصروا الحسين أيامًا، واجتمعوا خلالها كثيرًا حتى كتب عمر بن سعد إلى ابن زياد، قائلًا: "أمّا بعد، فإنّ الله تعالى قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الاُمّة؛ هذا الحسين قد أعطاني أنْ يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أنْ يسير إلى ثغر من الثغور فيكون رجلًا من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أنْ يأتي أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده، فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا لك رضىً وللأمّة صلاح".
فلما قرأ بن زياد الكتاب، ردّ على عُمر بكتاب يقول فيه: "إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه، ولا لتطاوله، ولا لتمنّيه السّلامة والبقاء، ولا لتعتذر عنه، ولا لتكون له عندي شافعًا.. أنظر فإنْ نزل الحسين وأصحابه على حُكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سِلمًا، وإنْ أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتُمثّل بهم؛ فإنّهم لذلك مُستحقّون.. فإنْ قتلت الحسين فأوطئ بالخيل صدره وظهره، ولستُ أرى أنّ هذا يضرّ بعد الموت شيئًا، ولكن عليّ قولٌ قد قلتُه: لو قد قتلتُه لفعلتُ هذا به.. فإنْ أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السّامع المطيع، وإنْ أبيت فاعتزل عملنا وجُندنا، وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمّرناه بأمرنا، والسّلام"
ودارت المعركة في 10 من محرم، ولم يكن مع الحسين سوى 70 رجلًا، وسقطوا واحدًا تلو الآخر ومنهم أولاده وإخوته، حتى أصيب الحسين بسهم في رقبته، فأقبل عليه الشمر وبعض من معه فأكثروا فيه الطعن، وقطع الشمر رقبته بالسيف، ثم أُخذت نساء البيت الشريف، كسبايا إلى بلاط يزيد بن معاوية، وهناك أظهر يزيد الحُزن، وخطبت فيه السيدة زينب رضي الله عنها، خُطبتها الشهيرة، قائلة: "أَمِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَسَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا؟".