تونس من الداخل.. من يؤيد ومن يعارض قرارات الرئيس قيس سعيد؟
ثلاثة أيام مرت على قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، التي جرفت قادة المشهد السياسي المتأزم في البلاد منذ عدة أشهر، وسط أزمة اقتصادية واجتماعية فاقمت منها جائحة كورونا، ولا تزال ردود الفعل الداخلية على قرار "سعيد"، تتوالى ما بين مؤيد يراها في محلها لحلحلة الأزمة، وآخر يطالب بضمانات وسط موافقة ضمنية، فيما وصفت حركة النهضة المسيطرة على البرلمان المُجمد بقرار الرئيس، هذه الخطوة بالانقلاب.
وأكد الرئيس التونسي، في أول ظهور له بعد قراراته، أمس الاثنين، أنه طبق الدستور ولم تكن خطوته سوى تفعيل للمادة 80 منه، والتي تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات اتخاذ القرارات الضرورية في حال واجهت البلاد خطر داهم، مؤكدًا أنها ليست انقلابًا، وأن من يصفها بذلك عليهم العودة إلى الصفوف الأولى للدراسة، متابعًا: "الانقلاب يكون بالخروج عن الشرعية وأنا لجأت للدستور".
وقال سعيد، إنه يتحمل مسؤولية قراراته وأنه حذّر مرارًا وتكرارًا، لكن "اعتقد البعض أن الأخلاق والاحترام ضعف والتعفف نوع من الخوف"، مضيفًا أن الصبر نفد ووصلت الأوضاع في كل مؤسسات الدولة التونسية إلى حد لم يكن مقبولًا وتفشَّى الفساد والتعيين بناء على الولاءات الحزبية في مؤسسات الدولة، وفق قوله.
وعبرت عدد من النقابات والأحزاب عن انحيازها لإرادة الشعب التونسي، وطالبت الرئيس بوضع خارطة طريق واضحة بالتشارك مع القوى المدنية، تضمن تعديل النظام السياسي الذي فشل في مواجهة الأزمة خلال الأشهر الماضية، ومراجعة القانون الانتخابي ومواجهة الفساد، فيما عبر رئيس الحكومة المقال، هشام المشيشي، عن استعداده لتسليم السلطة للشخص الذي سيختاره الرئيس.
إلى ذلك انتشرت صور وفيديوهات لمواطنين تونسيين يحتفلون في الشارع بقرارات الرئيس والتي جاءت بعد مظاهرات تطالب بالتصحيح.
هيئة المحامين: مطالب مشروعة ونحتاج لضمانات
هيئة المحامين التونسية، أشادت بـ "التحركات الشعبية المطالبة بتصحيح المسار الثوري بالبلاد"، معتبرة أنها مطالب شرعية ويجب الاستجابة لها، بالإضافة إلى ضرورة محاسبة الفاسدين وتعديل نظام الانتخابات.
وانتقت الهيئة مجلس النواب الذي تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية، قائلة إن الأمر وصل بها إلى “تغليب منطق الاستحواذ والمغالبة والمصالح الذاتية الخاصة والحزبية الضيقة على المصلحة العامة وعلى المصلحة العليا للوطن، مطالبة بضمانات لاحترام الحقوق والحريات ومكتسبات الشعب التونسي ومسار الانتقال الديمقراطي، داعية إلى فتح ملف الفساد”.
كما ساندت جمعية المحامين الشبان، قرار سعيد، وأكدت أنها في محلها وتمثل استجابة للطلبات الشعبية وتطبيقا لإرادة الأغلبية.
الديوانية تؤيد قرارات سعيد
من جانبها أيدت نقابة الديوانية قرارات الرئيس التونسي، مطالبة بفتح ملف "التعيينات الحزبية داخلها والسطو السياسي على مفاصل الإدارة العامة للديوانية"، موضحة أن "الإدارة حادت عن دورها الوطني لتصبح أشبه بملوك الطوائف خاضعة لأجندات لوبيات المال والسياسة".
اتحاد الشغل يطالب بضمانات
الاتحاد التونسي للشغل، وهو أكبر تجمع نقابي في البلاد، حيا التحركات الشعبية في العديد من المناطق، وطالب بضرورة التمسك بالشرعية الدستورية في هذه المرحلة وضمان احترام الحقوق والحريات، كما طالب بوضع جدول زمني محدد لتطبيق الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس.
جمعية القضاة: يجب مواجهة الفساد الإرهاب
فيما طالبت جمعية القضاة التونسيين، رئيس الجمهورية، بالإسراع في إنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية والإفصاح عن آليات استئناف المسار الديمقراطي بمشاركة جميع القوى الوطنية المدنية لتصحيح المسار الديمقراطي.
وطالبت النيابة العمومية بحماية المجتمع والدولة من جرائم الفساد والإرهاب التي أعاقت الانتقال الديمقراطي وتتبع كل مرتكبيها.
اتحاد الصناعة والتجارة: نريد حكومة كفاءات
وفي تصريحات بعد لقاء الرئيس التونسي، أكد سليم غربال، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة، أن اللقاء كان إيجابيًّا وأن رئيس الدولة رجل حقوق وغير قادر على الانقلاب على الدستور، مشيرًا إلى أنهم طالبوا بحكومة كفاءات وطنية غير متحزبة مطلعة.
أحزاب تساند خارطة طريق
وعبرت عدة أحزاب عن موافقتها على قرارات سعيد، واعتبرتها تاريخية وتصحيح لمسار الثورة، وطالبت بضمانات وخارطة طريق واضحة وتعديل للنظام السياسي وقانون الانتخابات، وعلى رأس هذه الأحزاب والحركات، حركة مشروع تونس وآفاق تونس وتحيا تونس والحزب الدستوري الحر والتحالف من أجل تونس وحركة تونس إلى الأمام، بالإضافة إلى نواب عن الكتلة الديمقراطية، وهي ثامن أكبر كتلة في مجلس النواب بعد حزب النهضة.
وفي بيان مشترك آخر طالبت نقابة الصحفيين التونسيين والاتحاد العام للشغل والهيئة الوطنية للمحامين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وجمعية القضاة التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بضرورة الالتزام بمدة الشهر المعلنة لإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية وتجميع السلطات بيد رئيس الجمهورية، معلنة تكوينها لجنة عمل مشتركة لإعداد تصور لخارطة طريق.
جمعية القانون الدستوري: ما حدث بعيد عن الانقلاب
واعتبرت سلوى الحمروني، رئيسة جمعية القانون الدستوري، أن ما حدث في تونس بعيد تمام عن الانقلاب وأنها جاءت في إطار الدستور، موضحة أن لرئيس الدولة تقدير الخطر الداهم الذي تواجهه الدولة، معتبرة أن تونس كانت خارج دولة القانون منذ 2015 بسبب تعطيل المحكمة الدستورية، ما خلق حالة من التسيب والإفلات من العقاب.
حركة النهضة: ما حدث انقلاب
حركة النهضة المسيطرة على البرلمان وأولى المتضررين بقرار سعيد، عارضت القرارات ووصفتها بالانقلاب وساندها في ذلك حزب حراك تونس الإرادة الذي أسسه المنصف المرزوقي، وحركة الوفاء.
وفي بيان جديد اليوم الثلاثاء، أعربت عن تفهمها للاحتجاجات التي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة، مجددة وصفها لقرارات الرئيس التونسي بغير الدستورية والانقلاب، داعية إلى العودة في أقرب وقت ما وصفته بالوضع القانوني، كما دعت إلى تنحية المؤسّسة العسكرية والأمنية عن التجاذبات والمناكفات السياسية.