"عزيزي ثيو لن ينتهي البؤس أبدًا".. ذكرى انتحار الفنان فان جوخ
في مثل هذا اليوم 29 يوليو من عام 1890، تحل ذكرى انتحار الفنان الهولندي "فينسنت فان جوخ"، إذ وقف فان جوخ في يوم 27 يوليو، في حقل القمح، وأمسك مسدسه وصوبه نحو قلبه مباشرة، ثم خرجت الطلقة ليسقط مغشيًا عليه على الأرض.
فان جوخ، هو الرسام الهولندي الشهير المولود في 30 مارس 1853، بدأ منذ الصغر في ممارسة الرسم، وشجعته والدته على ذلك، ما جعله يتخذ قراره مبكرًا أن هذا سيصبح عمله، لم يكن والده مقتنعًا بمستقبل الرسم كمهنة تعوله، غدا فينسنت محبًا لما يفعله، وكل صباح يخرج حاملًا معه أدوات رسمه، متجولًا بين الحقول، ليشاهد الطبيعة، وكان ذائم الذهاب لمستنقع في الباسيفارت، يرسم زنابق المياء، لكن أهل أيتن، البلدة التي يقطن بها، لم يحسنوا معاملته، إذ أنهم رأوه عاطلًا لا عمل له.
دأب فان جوخ على التعلم والمحاولات دون كلل ولا ملل، وكان أخوه ثيو يساعده بقدر ما يستطيع من أدوات وأموال، وكان يطلع على رسومات تشريحية للحيوانات والبشر ويضع التخطيطات الكثيرة للأشياء التي يرسمها، كما أنه انكب على قراءة الأدب، كي تكتمل لديه الصورة عن تصور الناس للعالم وغير ذلك.
سافر لاحقًا إلى لاهاي لقريبه الرسام موف، حتى يتعلم في مرسمه قواعد أصول الرسم، ساعده في البداية لدفع إيجار غرفته وشراء سرير له، ظل فينسنت يعمل بجهد كبير وبدأ باستخدام الألوان الزيتية بدلًا من الرصاص، وكان محور اهتماه منصبًا على رسم الفلاحين والعمال، وكان أخوه ثيو يمده دومًا بالمال.
في عام 1886 قرر السفر للحاق بأخيه ثيو في باريس، عاش هناك سنتين، يرسم في ضواحي المدينة، لكه لم ينسجم بشكل كبير في الحياة هناك، وفي 1888 انتقل إلى آرل تاركًا باريس، ظل يرسم هناك في فصل الصيف والربيع الطبيعة والفلاحين، حتى حل الشتاء وكان يعيش معا بول غوغان، وكان كعادته يكون مزاجه متقلبًا في الشتاء، فنشبت بينهما إحدى المناوشات، انتهت بإصابته بغضب شديد أفقده التفكير فأخذ موس حلاقته وقطع شريان أذنيه.
اتهمه أهل آرل بالجنون ووقعوا عريضة حتى يوضع بإحدى المصحات النفسية، وانتج في فترة إقامته بآرل العديد من أعماله المهمة مثل لوحة دوار الشمس.
انتقل فينسنت إلى مستشفى سان ريمي، تم وضعه في غرفه مع 11 نزيلًا مصابين بأمراض عقلية مختلفة، ثم نصحه الطبيب بأن يرتاح ويبتعد عن كل ما يؤذيه حتى يتخلص من نوبات صرعه التي دعته إلى الإقدام على قطع أذنيه، في فترة إقامته هناك رسم العديد من اللوحات، رسم الغرفة التي يقيم بها ورسم الحقل المجاور للنافذة ورسم السور الذي يحيط بالمستشفى، كما رسم لوحته الأشهر على الإطلاق "ليلة النجوم".
خلال إقامته في المستشفى كان أخيه ثيو قد باع لوحة له بقيمة 400 فرانك، وعند خروجه استخدمهم للذهاب إلى باريس، لكنه لم يمكث طويلًا مع أخيه وزوجته وابنهم فينسنت، فانتقل إلى بلدة أوفير ظل هناك لفترة يرسم الحقول قبل أن يقرر الانتحار.
بعد أربع ساعات من سقوطه مغشيًا عليه، أفاق من إغماءاته، وتحامل على نفسه حتى وصل للمنزل، شاهدته مدام "رافو" وهو غارقًا في دمائه، فاستدعت مسرعة الدكتور غاشيه، وحاول أن يرعاه، ووصل أخوه ثيو في الصباح، وظل إلى جانبه، ولم يستطع الطبيب غاشيه أن يستخرج الرصاصة، وفي يوم 29 يوليو عام 1890 توفي فان جوخ وهو في عمر الـ37.