"نفس الكتالوج".. إخوان تونس يسيرون على خطى الجماعة في مصر ويهددون باستخدام العنف
حالة من التخبط تعيشها حركة النهضة الإخوانية في تونس الخضراء بعدما تسببت في اضطرابات شعبوية متتالية، وباتت في خسارة لا تستطيع النهضة النهوض منها مرة أخرى، ليخرج راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس مجلس النواب المجمد، مهددًا باستخدام العنف ضد قرارات الرئيس قيس سعيد، الصادرة بشأن رفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب وتجميده وإقالة الحكومة.
الغنوشي الذي لم ينتظر طويلًا ليعلن اتباع خارطة نظيرته الإخوانية في مصر، إبان ثورة الـ30 من يونيو، بالتهديد باستخدام العنف، فما أشبه اليوم بالبارحة.
اختلفت الجنسيات واختلف الزمان لكن العقلية الإخوانية لم تتغير، إذ دائمًا ما تلجأ إلى استخدام العنف والتلويح بالتدمير والخراب إذا ثار الشعب عليها للإطاحة بها من المناصب القيادية التي استخدمتها لتنفيذ مصالحها السياسية الفاسدة، ليرى المتابعون للأذرع الإخوانية التي انكشفت نواياها خلال العقد الماضي في الشمال الإفريقي، الجماعة باعتبارها قطعًا من الشطرنج موزعة في دول مختلفة وفقًا لرؤية التنظيم العالمية.
نفس كتالوج العنف المسلح
النهضة الإخوانية في تونس، لم تدخر جهدًا للبحث عن مخرج لأزمتها الحالية أمام الشعب التونسي، لتبدأ في تطبيق ما يمكن وصفه بـ "كتالوج" أو "روشتة" دولية يتم اتباعها على خطى مثيلتها المصرية عام 2013، إذ وجّه زعيمها حديثه لجميع القوى السياسية التونسية، وفي مقدمتهم الشعب التونسي ذاته، ملوحًا بورقة الإرهاب والعنف والتدمير، كما سعى للحصول على دعم أوروبي من خلال التهديد بتدفق اللاجئين باتجاه أوروبا، إذا لم يتراجع رئيس الجمهورية قيس سعيد، عن قراره بتجميد البرلمان.
الأمر الذي سرعان ما أعاد للمصرين لتصريحات جماعة الإخوان في مصر عام 2013، إذ سرعان ما رد الغنوشي ووصف قرارات الرئيس التونسي بأنها "انقلاب" وأنه سيدعو الشارع للدفاع عن ديموقراطيته.
النهضة وتفريغ الساحة السياسية
وقالت ضحى طليق، محللة سياسية تونسية، إن حركة النهضة الإخوانية استطاعت خلال السنوات العشر الأخيرة نسج تحالفات مع عدد من العائلات السياسية داخل البرلمان، إلا أنها لم تستطع تكوين إرث سياسي عريق لها داخل البلاد.
اقرأ أيضا.. تونس لا تريد النهضة.. تركيا تدعم أذرعها وقطر ملجأها الأخير والرئيس يلقنهم الضربة القاضية
وأضافت طليق لـ "القاهرة 24" أن النهضة وضعت نصب أعينها هدفها الأوحد المتمثل في تقاسم الغنيمة بعد سقوط نظام بن علي، مع بعض الاستثناءات والتيارات القومية أو البعض من اليسار.
وأشارت إلى أن مساعي النهضة ألزمتها بالعمل على تفريغ الساحة السياسية من معارضيها، فالقوى السياسية صاحبة المشروع الوطني القومي الديمقراطي على غرار الجبهة الشعبية والتيار الشعبي، إضافة إلى الدستوري الحر؛ لا تجد نفسها حليفة الحركة لاختلاف المشروع المجتمعي، لذا لا تتلاءم مع مشروع الإخوان الذي لا يؤمن بالانتماء للوطن بل الولاء للجماعة دون سواها.
في حين قال نزار الجليدي، محلل سياسي تونسي، إن حركة النهضة تمثل إحدى ألوية التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، فهي لا تختلف في فلسفتها عن فلسفة جماعة الإخوان التي مارستها في مصر عام 2013، فهي دائمًا تسعى لمصالحها دون النظر إلى الشعب.
وأضاف الجليدي لـ "القاهرة 24" أن النهضة الإخوانية في تونس سقطت بدستورها الذي أعدته ملغمًا بالدسائس والمواد المطّاطة التي تحتمل أكثر من تفسير لتمرير أهدافها، مشيرًا إلى أنها عقب سقوطها أصبحت تظهر عداءها لكل الأطراف السياسية.
وأوضح أن الذراع الإخوانية في تونس المتمثلة في النهضة لا تتحمل أي طرف سياسي، وتريد أن تستعمل كل الأطراف الموجودة للوصول إلى مصالحها فقط، وأنها حاولت تشكيل تحالفات مع اليساريين، ولكنها لم تستطع التوصل إلى اتفاق، كما تأخذ من الحزب الدستوري الحر عدوًا ظاهرًا لها في الساحة السياسية، باعتباره كان مشاركًا مع بن علي في السابق، وتسبب في كبح جماح الإخوان داخل تونس لعدة سنوات، وصفًا النهضة بـ "سرطان" شرس ينخر الشعب التونس.
صراع القوى السياسية والسير على خطى أردوغان
على خطى نظيرتها المصرية دأبت الحركة الإخوانية في تونس المعروفة باسم النهضة، في ممارسة الصراعات مع القوى السياسية المعارضة لها إلى حد اعتراض نوابها في مجلس النواب على من يعارضها، وتَمثّل ذلك جليًا في الاعتداء المتكرر على عبير موسى رئيسة حزب الدستوري الحر، إلى جانب إعلان النهضة معاداتها للنقابات والحركات السياسية الأخرى.
ففي ذلك تستكمل ضحى طليق، المحللة السياسية التونسية لـ "القاهرة 24" أن معادات النهضة للنقابات يعد أمرًا طبيعيًا باعتبار النقابات تمثل الحصن المنيع أمام الحركة ضد التفريط في المؤسسات العمومية والقطاعات الاستراتيجية وخصخصتها وبيعها للخارج، في حين تعمل النهضة جاهدة على بيع البلاد للأجنبي.
كما أوضحت أن النهضة تعيش في مأزق أمام الشعب، الذي خرج مطالبًا برحيلها، واستجاب الرئيس قيس سعيد لتلك المطالب، ما دفعها لاستخدام الابتزاز والضغط على الدول الأوروبية خاصة إيطاليا وفرنسا، حيث هدد رئيسها راشد الغنوشي أن مئات الآلاف من التونسيين سيزحفون باتجاه الضفة الشمالية للمتوسط، الأمر الذي يذكرنا بما هدد به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في وقت سابق، بخصوص السماح للاجئين بالسير إلى أوروبا.
اقرأ أيضا..بلسان "إخوان" مصر.. زعيم التنظيم في تونس يهدد بالإرهاب والعنف إذا استمر تجميدهم
وأردفت طليق، أن الخطوات المتبعة من حركة النهضة، تشير إلى تكرار سيناريو الإخوان في مصر عقب 30 يونيو 2013، بإعدادها للعمليات الإرهابية، وهو ما ورد على لسان الغنوشي في حوار مع صحيفة إيطالية.
العنف ملجأ الإخوان للبقاء
وقال نزار الجليدي، محلل سياسي تونسي، في تصريحاته لـ "القاهرة 24" إن حركة النهضة دسّت أعوانها في النقابات الأساسية حتى تستطيع أن تكون قوى في البلاد، ونجحت في اختراق الاتحاد العام للشغل التونسي الذي يمثل أكبر فصيل سياسي في تونس.
وأضاف أن الذراع الإخوانية في تونس لا تفضل العمل مع النقابات بشكل صريح، لأن النقابات في تونس ضد مصالحها وضد الفساد الذي تسعى النهضة لممارسته لتقوية أذرعها بهدف الحصول على مكاسب سياسية للسيطرة على الحكم.
مردفًا كلما ضاق الحال على حركة النهضة تتجه إلى اتباع طرق الإخوان المعتمدة في كافة أنحاء العالم العربي باتباع العنف وممارسته لبسط سيطرتها على الشارع التونسي، مبينًا ذلك بأن النهضة التونسية تستعد لتبدأ في تنفيذ عمليات لها مستقبلا من قبل جهازها السري المنوط به ممارسة أعمال العنف.
وأشار إلى أن مخاوف التونسيون بشأن العنف الإخواني المتوقع، بدأت بعدما تواردت أنباء بشأن بدء النهضة في إخراج السلاح التابع لها في جميع أنحاء الجمهورية، للعب دور عنف داخلي، والحصول على دعم من الخارج من قبل تركيا وقطر، لتكرار سيناريو الإخوان في ليبيا.
وخسر حزب النهضة أنصاره على مدى العقد الماضي، ورغم تأييده الأوّلي لرئاسة سعيد، إلا أن الغنوشي انضم لاحقًا لحزب نبيل القروي المرشح الرئاسي السابق ضد الرئيس التونسي الحالي، في دعم رئيس الوزراء هشام المشيشي في خلافه مع الرئيس، كما دأب الغنوشي على تعزيز نفوذ حزب النهضة في الحكومة، لضمان السيطرة على مفاصل الدولة التونسية.