"مش أنا" يجسد معاناة مريض اليد المسكونة.. وخبراء ليس لها علاج
استطاع الفنان تامر حسني تسليط الضوء على متلازمة نادرة بفيلمه الأخير "مش أنا" الذي يناقش فيه مرض “اليد الفضائية” أو الغريبة أو الفوضوية في إطار كوميدي لتوعية الأفراد بخطورتها.
ومن ضمن الحالات النادرة "ك. م" والذي تحدث “القاهرة 24” مع الطبيب العالج له حيث أكد أن معاناته المريض الحقيقية يوميًا كانت مع يده من خلال قيامها بالشيء ونقيضه في آنٍ واحد، فمثلًا أثناء ارتداء قميصه باليد اليمنى تبدأ اليد اليسرى بخلعه بشكل لا إرادي دون السيطرة عليها، فضلًا عن عدم تحكمه بالأشياء، بمرور الوقت يكتشف بمحض الصدفة أن لديه “متلازمة اليد الغريبة أو الفضائية” بسبب أزمة نفسية خاصة بالتنشئة الاجتماعية ومع العلاج السلوكي النفسي والجلسات المطولة التي استمرت إلى 6 أشهر بدأت حالته في التحسن بعد اكتشاف جذور المشكلة ومع الوقت تعافى تمامًا خلال عام ونصف بمساعدة الطبيب النفسي والعائلة التي لعبت دورًا هامًا في تقديم الدعم المستمر له.
متلازمة اليد الغريبة تعتمد على تحريك يد المريض بشكل لا إرادي، مما يجبر المريض أحيانًا على استخدام يده السليمة لتقييد تصرفات اليد الغريبة أو الفوضوية، حسبما أفاد أطباء سويسريون أن متلازمة اليد الغريبة "نادرة ومزعجة" وفقًا لما جاء في "ويب ميد".
وفقًا للتقرير الصادر عن “هيلث لاين”، فإن متلازمة اليد الغريبة هي حالة عصبية نادرة تجعل يد واحدة تتصرف بإرادتها الكاملة وتتحرك كما لو كان لها عقلها الخاص، تشعر اليد المصابة بأنها غريبة على صاحبها خلال هذه الحلقات ويبدو أنها تتحرك عمدًا للقيام بمهام غير مقصودة.
وأشار التقرير إلى أن هذه المتلازمة تحدث بسبب عدة عوامل أبرزها بعد إصابة الأشخاص بالسكتة الدماغية أو الصدمة أو الأورام الخبيثة، وأحيانًا ما ترتبط بالسرطان والأمراض العصبية وتمدد الأوعية الدموية في الدماغ.
أظهرت الدراسات والأبحاث أن أبرز أعراض متلازمة اليد الغريبة أو الفوضوية هو عدم القدرة على التحكم في اليد لأنها تعمل بشكل مستقل.
سبق وأن وصفها أخصائي الأعصاب “كورت جولدشتاين” في تقرير له عام 1908 بعد إصابة امرأة بجلطة أثرت على جانبها الأيسر، بأن يدها اليسرى وكأنها لشخص آخر، في الوقت ذاته تختلف السمات السريرية والسلوكية بين المرضى المصابين، فبعضهم يدرك هذه الحركات منذ بدايتها ولكن البعض لا يمتلك الوعي الكافي بما يحدث حتى يتم توجيه اليد نحوهم من قبل شخص آخر.
وفي الإطار التالي، قال الدكتور على العطار رئيس أقسام الطب النفسي والمخ والأعصاب بفرنسا إن متلازمة اليد الغريبة يُصاب بها كلًا من البالغين من الجنسين والأطفال وفيها فقدان سيطرة العقل على يد واحدة، فيفقد الشخص السيطرة على حركة يده كأن الأطراف لديها عقل خاص بها يجعلها تتحرك بحركات بسيطة أو معقدة، ويعبر المريض أحيانًا بأنها غير مقصودة وغير مرغوب بها.
وأضاف لـ "القاهرة 24" أن أحد أسباب الإصابة بالمتلازمة الجلطة أو السكتة الدماغية أو إجراء جراحات الأعصاب وخاصة في الدماغ أو مرض السرطان وتمدد الأوعية الدموية.
وأشار العطار إلى ضرورة العلاج الدوائي والسلوكي من خلال إبقاء اليد محكمة لفترات طويلة لتجنب الأذى.
وعلى الجانب الآخر، أكد الدكتور خيري شعبان عبد الغنى استشاري الصحة النفسية وعضو الجمعية المصرية للمعالجين النفسيين أن متلازمة اليد الغريبة تُسمى بالعديد من الأسماء مثل اليد الفضائية أو الفوضوية وتعني أن اليد اليمنى لا تعلم ما تفعله اليسرى.
وأضاف في تصريح خاص، أنه غالبًا ما يعاني المريض من يدًا تتحرك بصفة مستقلة عن التحكم العقلي، حيث أنها تمسك الأجسام وتتحرك بطريقة مخالفة لما يرغبه الفرد، مشيرًا إلى أن هذه الحالة نادرة وتحدث نتيجة لبعض الإصابات المخية أو عند قطع الجسم الثفني -الذي يربط نصفي المخ الكرويين ببعضهما البعض- أو الجراحات.
وتابع أن هناك بعض الحالات الشديدة لتلك المرض لأن متلازمة اليد الغريبة تكون عدائية، فقد تم تسجيل حالات لأشخاص مصابين بهذه الحالة يضربون أو يصفعون أنفسهم بشكل عفوي، ومرضى آخرون يدهم الخارجة عن السيطرة حاولت خنقهم.
وعن الأسباب الرئيسية وراء الإصابة بتلك المتلازمة قال استشاري الصحة النفسية إن الإصابة قد تنشأ نتيجة لآفات في أماكن من الدماغ تلعب دورًا في التحكم بالحركة والتخطيط، تتضمن الجسم الثفني والفصوص الجبهية والجدارية والقذالية، مثل هذه الآفات قد تتشكل بعد سكتة دماغية والأمراض العصبية، مثل مرض ألزهايمر وأورام الدماغ.
وكشف خيري عن عدم وجود علاج قاطع لمتلازمة اليد الغريبة سوى العلاج السلوكي أي إشغال اليد باستمرار بوظائف أخرى ولكنه ليس فعالًا، ناصحًا أسرة المصابين بتلك المرض بدعمهم نفسيًا والبعد عن التعنيف والاستهزاء لضمان سلامة المريض.
وفي هذا السياق، قال الدكتور وليد هندي استشاري إن متلازمة اليد الغريبة نادرة للغاية يُصاب بها الرجال والنساء على حد السواء، والحالات التي تم الإفصاح عنها على مستوى العالم قد تصل إلى 14 حالة فقط حتى الآن، أول حالة تم تسجيلها من هذه المتلازمة كانت لسيدة أصيبت بجلطة وفقدت السيطرة على يدها تمامًا وشعرت أن يدها لها عقل منفرد.
أضاف هندي لـ "القاهرة 24" أن ردود فعل المحاطين بالمصابين تختلف عند معرفتهم بحقيقة مرض أقاربهم، فقد تكون بالضحك أو الإحباط أو التعجب من حركاتهم غير المفهومة، مشيرًا إلى أعراض تلك المتلازمة وهى فقدان السيطرة على اليد تماما وإصدار حركات غير مبررة مثل تمزيق الملابس أو نتف الشعر وتناول الطعام بطريقة غريبة.
أوضح استشاري الصحة النفسية، أن متلازمة اليد الغريبة تُسبب حرجًا شديدًا للمصاب وأسرته لأن في معظم الأحيان تصبح اليد الفضائية مسارًا لتهديد أصحابها سواء بالخنق أو الخدش وتبدأ حالات التهيؤ عند المريض بأن هذه اليد لا تخصه وينسبها لشخص آخر.
وبالنسبة لأسباب تلك المتلازمة، أكد هندي أنها ليست معروفة بشكل دقيق وعلمي ولكن الأبحاث أكدت أن سبب ظهورها هو تلف في أحد أجزاء المخ أثناء إجراء العمليات الجراحية أو الإصابة بالسكتة الدماغية والانفصال البصري أو الحسي وأحيانًا التهابات الدماغ وألزهايمر وللأسف لم يكتشف لها علاج حتى الآن ولكن نحاول مساعدة المريض من خلال التحكم باليد المصابة من خلال إشغالها بطرق أخرى.
ويقول الدكتور عاهد المبيضين أستاذ الإرشاد النفسي والتربوي بتونس إن تم تسجيل أول حالة مصابة بمتلازمة اليد المتمردة من قبل طبيبة النفس الألمانية "كورت جولدشتاين" حيث ذكرت خلال تقرير لها عن امرأة أصيبت بجلطة أثرت على جانبها الأيسر، كما تطرق الأمر إلى اليد اليسرى، وأصبحت تتصرف بشكل عشوائي كما لو كانت شخص آخر، في حين أن البعض الآخر يعتقد أن تلك اليد مسكونة من قبل روح أخرى.
وتابع، من أبرز الحركات التي تصدر عن هذه اليد قيام أحد اليدين بأفعال معاكسة لليد الأخرى فضلًا عن شعور الشخص بأن اليد ليست ملكه وقيام اليد المصابة بأنشطة نحو هدف دون إرادة الشخص والشعور بوجود طرف إضافي.
واختتم حديثه قائلا إن العلاج الفعال هو التحكم في اليد الغريبة وإشغالها باستمرار التجاوز تلك الأزمة.