منها السوشيال ميديا والإخوان والعملات المشفرة.. ننشر المقاربة المصرية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف
أعلنت وزارة الخارجية، اليوم الإثنين، التقرير الوطني لجمهورية مصر العربية حول مكافحة الإرهاب لعام 2021، موضحة في الفصل الأول منه المقاربة المصرية الشاملة لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف المؤدى إلى الإرهاب.
وقال التقرير إنه على الرغم من الجهود الدولية المبذولة للتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف وتعدُّد المُبادرات والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن، إلا أن المُجتمع الدولي ما زال يُعاني من تفَشِّي تلك الظاهرة، مشيرا إلى أن ذلك دفع مصر لمطالبة المُجتمع الدولي بتعزيز فاعلية الجهود الدولية من خلال تبني مُقاربة شاملة لمُواجهة ظاهرة الإرهاب، بحيث لا تقتصر على المُواجهة الأمنية فحسب، وإنما تشمل كذلك الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتنموية، وإيلاء البُعد الفِكري والأيديولوجي الأولوية اللازمة باعتباره المُحفز الرئيسي لارتكاب أعمال إرهابية، مع التأكيد على عدم ارتباط الإرهاب بأي دين أو ثقافة أو منطقة جغرافية بعينها.
وأشار التقرير إلى أن تلك المُقاربة تنطلق من ضرورة الحفاظ على مُقومات الدولة الوطنية ومُؤسساتها، واحترام مبدأ “المسئولية الرئيسية للدولة Primary Responsibility of the State ” ومركزية دور مُؤسساتها الوطنية المعنية بإنفاذ القانون في سياق جهود مُكافحة الإرهاب والتطرف، وضرورة احترام ما يتصل بمبدأ سيادة الدول في هذا الخصوص، وأن الدور الذي يُمكن أن يضطلع به المُجتمع المدني هو دور مُكمل يدعم جهود الدولة وتحت مظلتها الرسمية.
وأوضح أن مصر ترى أن تلك المُقاربة التي تستهدف مُعالجة الجذور المُسَبِّبة للإرهاب تتطلب الآتي:
- مُواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء بالنظر إلى انبثاقها عن ذات المصدر الأيديولوجي وهو تنظيم “الإخوان” الإرهابي القائم على الفِكر التكفيري المُتطرف الذي أرساه سيد قطب وحسن البنا ويستند إلى تفسيرات دينية مُنحرفة لتحقيق مآرب سياسية.
- التوصل إلى اتفاق حول تعريف للإرهاب وعدم استبداله بأي توصيف آخر أو ترسيخ مُصطلحات مغلوطة من شأنها التمييز غير المُبرَّر بين مُختلف التنظيمات الإرهابية بتصنيف بعضها بأنها “إرهابية” والبعض الآخر بأنها “مُتطرفة أقل عُنفًا أو غير العنيفة”، مثل مُصطلح “التطرف العنيف Violent Extremism ” أو “جماعات التطرف العنيف Violent Extremist Groups” بدلًا من الجماعات الإرهابية Terrorist Groups، بما يُسهم في التخفيف من وطأة جرائمها أو تبريرها، سواء كانت مرجعية تلك الجماعات أيديولوجية تكفيرية، أو عنصرية/ عرقية White Supremacist، فكلاهما يُؤديان إلى الإرهاب.
-اتباع نهج انتقائي في هذا الخصوص من شأنه تقويض الجهود الإقليمية والدولية لمُحاربة الإرهاب، بما يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمُحاربة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، وأنه على المُجتمع الدولي التوقف كذلك عن الترويج لبعض المُصطلحات الأخرى المُضللة مثل “الجهاد/ الجهاديين والمُعارضين والمُتمردين Insurgents/Militants/Jihadists ” لدي وصف العناصر أو الأعمال الإرهابية، إذ أن من شأنها أيضًا إضفاء الشرعية وتبرير الجرائم المُرتكبة من جانب هؤلاء الإرهابيين.
- ضمان مُحاسبة الدول التي ترعي الإرهاب وتحتضن عناصره، بما في ذلك “المُقاتلين الإرهابيين الأجانب”، وتُوفر لهم الملاذ الآمن أو تقوم بتسليحهم وتدريبهم وتيسير انتقالهم عبر أراضيها إلى مناطق أخرى لزعزعة استقرارها، أو تُقدِّم لهم الدعـم المالي واللوجسيتي / السياسي والإعلامي، في خرق واضح لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يُهدد السلمَ والأمن الدوليين.
- هذا الأمر يستلزم احترام كافة الدول أعضاء الأمم المتحدة لالتزاماتها في هذا الصدد بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصةً القرار رقم 2462 لعام 2019 بشأن “منع ومُكافحة تمويل الإرهاب”، والقرار رقم 2396 لعام 2017 حول “التصدي لظاهرة المُقاتلين الإرهابيين الأجانب”، وما تضمنه من مُطالبة الدول بإخطار الدول الأخرى في حال وصول أو ترحيل أو توقيف أشخاص يُشتبه في كونهم إرهابيين، ورقم 2370 لعام 2017 بشأن منع حصول الإرهابيين على السلاح؛ مع منع التنظيمات الإرهابية -والداعمين لها- من استغلال التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لأغراض إرهابية.
- عدم الفصل أو التمييز بين العمل الإرهابي المادي وبين الفِكر أو الخطاب المُتطرف التحريضي المُؤدي إلى الإرهاب.
- تعزيز التعاون الدولي لتقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة، بما في ذلك المُقاتلين الإرهابيين الأجانب، خاصةً من الشباب، من خلال، منع التنظيمات الإرهابية وداعميها من استخدام وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الفِكر المُتطرف وخطاب الكراهية؛ سواء كان نابعًا من أيديولوجية تكفيرية للتنظيمات الإرهابية، والداعمين لها، أو العنصرية وكراهية الأجانب، فكلاهما يُؤديان في النهاية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ويُهددان السلم والأمن الدوليين؛ مع إلزام الشركات المُوَفِّرة لخدمات التواصل الاجتماعي بحذف المُحتوى المُتطرف التحريضي من على مواقعها، بما في ذلك من خلال إغلاق المواقع التي تتضمن مثل هذا المُحتوى.
وأشار التقرير إلى ضرورة الاستجابة لطلبات الدول بتوفير البيانات المطلوبة حول مُستخدمي تلك المواقع لأغراض الإرهاب لتقديمها إلى جهات إنفاذ القانون، مع أهمية عدم الخلط هنا بين الحق في حرية التعبير من ناحية، وإساءة استخدام هذا الحق لأغراض إرهابية من ناحية أخرى. لذا، تُطالب مصر بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2354 لعام 2017 الخاص بمُكافحة الخطاب الإرهابي، الذي سَبَقَ وأن تقدمت به إبان عضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن، بما يكفل ضمان فاعلية الجهود الدولية لمُكافحة الإرهاب.
وأوضح التقرير ضرورة تعزيز الجهود الدولية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، سواء من خلال الأفراد أو شبكات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، أو الدول والكيانات الإرهابية التي تتخذُ من بعضِ المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية والإغاثية والدعوية “ستارًا” لها لجمع التبرعات لتمويل أنشطة إرهابية، بما في ذلك لنشر الخطاب المُتطرف المُؤدي إلى الإرهاب، فضلًا عن منع حصول الإرهابيين على السلاح إعمالًا لقرار مجلس الأمن رقم 2370 لعام 2017 الذي سبق وأن تقدمت به مصر إبان عضويتها بمجلس الأمن.
وتابع التقرير أهمية التصدي للروابط القائمة بين التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، سواء تلك التي تعمل في تهريب المُخدرات، أو البشر، أو الاتجار في الأسلحة، وهو ما يعتبر أحد العناصر الرئيسية لتعزيز فعالية جهود مُكافحة الإرهاب، وأن السبيل الأنسب لتحقيق ذلك هو من خلال تعزيز ركائز الدولة الوطنية وبناء قدرات مُؤسساتها، باعتباره أمرًا ضروريًا لملء الفراغ الذي تستغله جماعات الجريمة المُنظمة والتنظيمات الإرهابية لصالحها. ولعل ما تعرضت له بعض دول المنطقة خلال السنوات الماضية كان شاهدًا على ذلك، حيث أدى انهيار المؤسسات الوطنية بتلك الدول إلى خلقِ فراغٍ سياسيٍ واجتماعيٍ تسلَّلت بعض التنظيمات الإرهابية والطائفية لتملؤه، وهو الأمر الذي نجحت مصر بفضل إدراك شعبها في التصدي له والحيلولة دون حدوثه.
ولفت التقرير إلى ضرورة تنفيذ تدابير فعَّالة للتصدي للطرق المُستحدثة الخاصة بتمويل الإرهاب، وذلك لمُواكبة التطور النوعي الذي طرأ في هذا الصدد، وذلك على ضوء ما تم رصده مُؤخرًا من تزايد لجوء التنظيمات الإرهابية إلى استخدام العُملات الافتراضية أو المُشفرة في التحويلات المالية بغرض غسل الأموال وتمويل أنشطتها الإرهابية.