الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مهيب الركن صدام حسين

الإثنين 02/أغسطس/2021 - 09:06 م

يا قمةَ الزعماءِ إنيَ شاعرٌ                        والشعرُ حرٌّ ما عليهِ عتابُ

إني أنا صدام أطلقُ لحيتي حينًا                  ووجهُ البدر ليس يُعابُ

فعلام تأخذُنى العلوجُ بلحيتي                     أتخيفُها الأضراسُ والأنيابُ

وأنا المهيب ولو وقفت مقيدًا                      فالليث من خلف الشباك يهابُ

وأنا العراقي الذي في سجنِهِ                      بعد الزعيم مذلةٌ وعذابُ 

عفوًا إذا غدتِ العروبةُ نعجةً                     وحماة أهليها الكرامِ ذئابُ 

الأبيات للرئيس العراقي صدام حسين والذي يملك وجوهًا عديدة فهو البعثي الذي يكره الشيوعيين والسني الذي قمع الشيعيين، والعراقي العربي الذي أدّب الأكراد، والقمعي الذي أقصى كل معارضيه، والمواطن طيب القلب الذي يحنو أحيانًا ويعطف على العراقيين.

صدام حسين هو رابع رئيس للعراق بعد القضاء على الملكية. وسوف نأخذ ملمحًا سريعًا عن صدام الذي ولد عام 1937 بتكريت في قرية العوجة، وتولى حكم العراق عام 1979 بعد انقلاب شبه ناعم على أحمد البكر والذي قدم استقالته وتم تحديد إقامته حتى وفاته.

آمنَ صدام بالقومية العربية والاشتراكية، وكان عبد الناصر هو قدوته، وكان كل أمنيته أن تظل الأمة العربية رافعة رأسها في وجه كل مؤامرات الغرب الصهيو أمريكي. وكان يدعو الحكام العرب إلى الاصطفاف ليتخلصوا من العملاء حولهم ومن نرجسيتهم، ورغم ذلك هو نفسه الذي أفشل طريق الوحدة بين العراق وسوريا إبان حكم البكر. وكان يرى أن عز العرب ونصرهم ومَنَعَتَهم هي الوقوف ضد المؤامرات الصهيونية والأمريكية.

وبرغم مرور خمس عشرة سنة على إعدام صدام والذي تم إعدامه في 30 ديسمبر 2006 صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك عندما استيقظ العالم على خبر تنفيذ الحكم فيه، وكأنه تم التضحية به مثل الخراف يوم العيد، في سبيل القضاء على العراق، ورسالة إلى كل الزعماء العرب، فهكذا فسر الكثيرون توقيت إعدام صدام على أيدي الأمريكان وزبانيتهم من العراقيين الذين تحالفوا معهم لسقوط حكم صدام.

ولنا أن نرى الوضع بعد صدام الآن في العراق من تناحر بين السنة والشيعة والاقتتال المذهبي وتنامي الطائفية والتهجير القصرى للمسيحيين وابادة الإيزيديين والخلافات الكردية، وكل ذلك يقود العراق إلى مزيد من الدماء والتخريب، ولم تعد بلاد الرافدين كما كانت من قبل. 

وكان صدام يرى إبان حكمه أن التناحر الحزبي والطائفي يلزمه قمع، مع تحسين الحالة المعيشية للعراقيين، وهكذا حكم العراق بالقمع والترهيب، فلقد سطع نجم صدام إبان انقلاب 1969 بقيادة أحمد حسن البكر ومن قبلها وهو طالب حاول قتل عبدالكريم قاسم رئيس العراق وقتها، وهروبه إلى سوريا ومنها إلى القاهرة، وصدر حكم غيابي بإعدامه، ولم يعد إلا بعد قتل عبد الكريم قاسم. وقد نال مكانته في حزب البعث واستمر في ذلك حتى كان نائبًا لرئيس الجمهورية في عهد البكر والذي كان تقرب منه كثيرًا لعلاقات النسب التي وثقت تلك الصلات. 

وسيطر صدام وقتها على الجيش والحكومة والحزب الحاكم، وكانت في يديةه كل أدوات الحكم والسيطرة. وكانت هناك محاولات لتصفيته واغتياله، وقتها رفض البكر، ولكن لما حانت الفرصة لصدام أعدم وصفى كل معارضيه، وكل من كانوا حول البكر يوسوسون له بتصفيته بعد أن تبوأ كرسيّ الحكم.

وقد اهتم صدام بإحداث نهضة اقتصادية شاملة في العراق، وبنى المدارس والجامعات وحقق مجانية التعليم وشجع على التعليم الجامعي والبحث العلمي. وقضى تمامًا على الأمية بالعراق وتحسّن مستوى معيشة المواطنين وارتفع معدل دخل المواطن العراقي، وكذلك العملة العراقية، ونهض بالفلاح واهتم بالزراعة وشق الترع وحقق تقريبًا اكتفاء ذاتي من احتياجاته من الغذاء.

أمَّمَ صدام كل شركات النفط التي كان لها الأثر الأكبر في الانتعاش الاقتصادي. كما منح الأكراد جميع حقوقهم السياسية والقومية وأعطاهم الحكم الذاتي برلمان وحكومة تدير شئونهم. كما طوّر الجيش وتسليحه ودخل في تحالف مع فرنسا بعد أن نفض اتفاقه مع روسيا الشيوعية وتوتر العلاقات بينهما. وبنى أول مفاعل نووي برعاية فرنسية ولكن إسرائيل دمّرته، وكان صدام قوةً كبرى في المنطقة يخشى الغرب تطلعاته وعدم انصياعه وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية  فبدأوا في إرهاقه والتضييق عليه.

ودخل في حرب مع الإيرانيين بعد وفاة الشاه ونجاح ثورة الخميني استمرت ثماني سنوات على السيادة حول شط العرب واستمرار دعمهم للأكراد، وانتهت الحرب عام 88 بعد أن أنهكت الدولتين اقتصاديًّا، وراح ضحيتها أكثر من مليون شخص بخلاف الجرحى والمصابين.

وما لبثت أن خمدت الحرب وسعى صدام للبناء حتى بدأت حرب علنية مع الشيعة يقود نيرانها الإيرانيون أيضا. فكان صدام سنيًّا واعتمد في إدارة البلاد على أهل ثقته وخاصته وأقصى عن عمدٍ الشيعةَ بل وتم تصفية زعمائهم كما حدث في النجف باغتيال الصدر والذين كانوا يرفضون صدام منذ البداية.

وغزا الكويت التي فتحت عليه أبواب الجحيم، وفرض عليه حصارًا اقتصاديًّا شاملًا وبدأ في تطبيق سياسة النفط مقابل الغذاء جراء الحصار المفروض عليه من الغرب.

وهكذا بدأ خريف صدام بعد أن أعلنت أيضا بريطانيا وأمريكا عن وجود أسلحة دمار شامل بالعراق، وبدأت لجان التفتيش التي اعترض عليها صدام في البداية، حتى كان التقرير الذي قال بوجود سلاح نووي لدى العراق وأدى إلى تدخل أمريكا بالعراق واحتلاله بمساعدة العراقيين (وقد أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب وقتها كذب بوش بشأن وجود سلاح دمار شامل في العراق).

كما يتم محاسبة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إبان الغزو على كذبه وتضليله للشعب البريطاني، الذي دخل بغداد فوق الدبابات الأمريكية. حتى سقط نظام صدام وتم إصدار قائمة سوداء بكل رجال صدام الذين قبض عليهم لمحاكمتهم عن جرائمهم، وقبض أيضا على صدام الذي حُكم عليه بالإعدام بعد محاكمته بتهمة الإبادة الجماعية لقرية الدجيل الشيعية والتي راح ضحيتها 148 شيعيًّا من القرية، وتم تنفيذ الحكم صبيحة يوم العيد الأضحى المبارك عام 2006. 

وقد ظهرت بعض الصور ومقاطع الفيديو التي توضح صدام وهو يسير إلى حبل المشنقة بكل ثقة وشموخ وقوة وجرأة، مع علمه بأن الأمريكان سوف يعدمونه، حيث قال: "أنا ستعدمني أمريكا وأنتم ستعدمكم شعوبكم".

ولا ننسى دعم صدام للقضية الفلسطينية الدائم ورعايته للجرحى وأهالي المعتقلين في سجون إسرائيل، كما لا ننسى أنه أول بلد عربي يضرب الكيان الصهيوني بالصواريخ العراقية المتطورة، وكان يرى أن نفط العرب يبقى للعرب. 

ومن أقوال صدام أيضا: 

لا تأسفنَّ على غـدرِ الزمانِ لطالما رقصتْ على جثثِ الأسـودِ كلابُ..

لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها.. تبقى الأسودُ أسودًا والكلابُ كِلابُ

حفظ الله العراق وأعاد له وحدته ونهضته وقوته، وللعرب عزهم ومجدهم. 

 

تابع مواقعنا