بين صعوبة الحياة وتكاليف النكاح.. هل فرض الله شيئًا من المهر على والد العروس؟.. علماء دين يجيبون
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة صورًا لشاب وفتاة من الوافدين للتعلم بالأزهر الشريف، وذلك أثناء عقد قرانهما في مسجد صغير مع تيسير في المهر وقلة التكاليف.
ويشيد المصريون وطلاب الأزهر خاصةً بفكرة تيسير الزواج وتخفيف الحمل على الشاب حتى يتمكن من إتمام نكاحه، وورد في أكثر من منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تعليقًا على الصور بعبارة أقلهن مهرًا أكثرهن بركة، عملًا بحديثٍ للنبي صلى الله عليه وسلم “أعظم النساء بركة أيسرهن مهرًا”.
ويبقي السؤال هنا، ماذا إذا اتجه المصريون إلى تنفيذ هذه العادة في زواجهم بدلًا من التكاليف الباهظة الثمن؟، وما رأي الشرع في عادات الزواج المصرية؟.
يجيب عن هذا الشيخ محمود عبدالغني، الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف المصرية، إنه قد تبنى الحديث في هذا الأمر منذ أعوام، وتحدث فيه على منابر المساجد ومنصات المنتديات، وأوضح أن ما تعارف عليه الناس في مصر من تكليف العروس ووليها الأعباء للمشاركة في تجهيز بيت الزوجية الذي هو في الأصل واجب على الزوج دون عروسه، إنما هو مخالف تمامًا لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالي في كتابه: "وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"، وما عليه الناس من عرفٍ يكلف العروس ووليها ما لا يطيقون إنما هو مبني على الضرر.
وأكمل حديثه قائلًا: "فالواقع أن هناك من الناس من هو محبوس أو مسجون بسبب دينٍ غرمه أثناء تجهيز ابنته، إنما هو متعارض مع الشرع، وما لا يرضاه الله ورسول من ضرر فوجب إزالة الضرر، للقاعدة المذهبية الأصلية "الضرر يُزال".
كما يؤكد على أن الشرع لم يفرض شيئًا من المهر على والد العروس، بل إنه أمر الزوج بتجهيز كل ما يلزم بيته دون مغالاة أو تكلف، وجعل المهر من حقها، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم بناته ولم يدفع شيئًا لسيدنا علي أو سيدنا عثمان.
ويبين الشيخ أنه إذا تعارض العرف مع الشرع وجب تغليب الشرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"، مشيرًا إلى أنَّه زوَّج ابنته بهذه الفكرة مخالفًا للعرف الذي يتعارض مع الشرع، ومطبقًا للشرع، ولم يكلف زوج ابنته ما لا يطيقه، بل لم يطلب منه سوى المهر والمسكن على قدره، دون استدانةٍ ولا تغريم، وطلب منه عدم الإسراف في التجهيز، وأنه لم يكتب القائمة التي اصطلح عليها المصريون، بكل كتب فيها مهر الزوج وهو الذهب المتفق عليه، وأنه بعدما يسر الله لزوجها تجهيز المسكن الملائم لها، أكرم ابنته بالزيادة عليه من الذهب وغيره مما ترغب فيه.
كما يرحب الدكتور محمود الصاوي وكيل كليتي الدعوة والإعلام بجامعة الازهر سابقًا، بما ذهب إليه الوافدين من تيسير المهر، وإقامة شعائر بسيطة في المسجد لعقد النكاح، مشيرًا إلى أن النكاح عبادة دينية وقربة إلى الله تعالي، وأنه ليس أمرًا دنيويًا فحسب، بل هو أمر ديني يرشد إلى إعمار الأرض، ويوضح أن النبي قد أكد على معنى عدم المغالاة في المهور فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يسَّر النبي على أزواج بناته في مهرهن، وكذلك هو صلى الله عليه وسلم عندما نكح، وأكد عليه كذلك قوله فقال: "إن أعظم النكاح بركة أيسره مئونه"، وقال لرجلٍ جاء يشكو إليه عدم استطاعته النكاح "تزوج ولو بخاتم من حديد".
ويتابع الصاوي حديثه بأن المغالاة في المهر يترتب عليه مفاسد عظيمة منها: انتشار العنوسة بين الجنسيين، وتغريم الآباء والأولياء.
ويختتم الوكيل حديثه مع "القاهرة 24"، بتوجيه نصيحة إلى الأهالي بتيسير المهور على أزواج بناتهم، ويوصيهم بأن ينبغي عليهم تقديم مصلحة ابنتهم وصيانة حقها بالمهر على الموسع قدَره وعلى المقتر قدَره، وأنَّ الإسلام لم يحدد مهرًا معينًا، كما أن المهر ليس مقصودًا لذاته، بل هو رمزٌ لتقدير المرأة وحفظ كرامتها في الإسلام.