دار الإفتاء.. واستمرار البناء
تطل علينا دار الإفتاء المصرية بمؤتمرها العالمي السنوي السادس الذي تدعو إليه الأمانة العامة لدور الإفتاء، والذي يٌعقد يومي الاثنين والثلاثاء الثاني والثالث من شهر يوليو 2021، ولسنا نبالغ إذا قلنا إن دار الإفتاء إحدى أهم المؤسسات الدينية والإفتائية في العالم الإسلامي التي تعمل وفق معايير عالمية ومؤسسية محترمة، ومثلت حائطَ صدٍ لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تستخدمها الجماعات المنحرفة، ويأتي مؤتمر هذا العام تحت عنوان: (مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي.. تحديات التطوير وآليات التعاون) ليكون خطوةً أخرى جديدة نحو مسار البناء لدار الإفتاء والأمانة العامة لدور الإفتاء نحو العالمية، والمتابع للمؤتمرات الفكرية والدينية المختلفة يُدرك أن المؤتمر العالمي يمثل إضافة جديدة للريادة التي تتميز بها دار الإفتاء المصرية، في الوقت الذي تتلقى فيه الدار ضربات موجهة ومنظمة من التيارات المنحرفة وكتائبها الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي.
دار الإفتاء تحت قيادة العالم الجليل فضيلة الدكتور شوقي علام، ومظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء تسير بخطى ثابتة، وتعمل جنبا إلى جنب مع مؤسسات الدولة الوطنية، للحفاظ على عقول الشباب من الأفكار المتطرفة، ويقدم أمناء الفتوى الفتاوى التي تناسب الواقع دون أن تخل بقواعد وأصول المنهج العلمي، ولا تترك الدار شاردة ولا واردة إلا ويتصدى المتخصصون لها فورا، حتى يُسعفوا الناس بموقف الشرع الشريف من القضايا المطروحة على اختلاف مستوياتها.
إن المؤتمر السنوي السادس لدار الإفتاء المصرية يُعد تتويجا وتأكيدا على المسيرة الهائلة التي تقودها الدار في مجال التحول الرقمي والفتوي الإلكترونية، والرصد المستمر للقضايا التي تخص العالم الإسلامي في كافة أنحاء العالم، والرصد المستمر لقضايا التطرف، وجاء المؤتمر ليبرز صورة حية لدور مؤسسات الفتوى التي كانت على مستوى الحدث، والتي واكبت هذه المستجدات الطارئة بفتاوى عصرية تقدر حجم المسائل والوقوف على كافة أبعادها وآثارها من أجل الحكم حكما صحيحا.
وفي كل مؤتمر يتم الإعلان عن ابتكار مشروعات مختلفة، يتم تنفيذها على أرض الواقع، وبخطط محددة، في مجالات التعليم والفكر والتدريب وغيرها، يتم تنفيذ ذلك واقعيا وليس للدعاية الإعلامية كما نرى في بعض أو معظم المؤتمرات التي يهمها فقط مخاطبة الإعلام دون وجود إجراءات حقيقية على أرض الواقع.
يزيح مؤتمر هذا العام الستار عن الإعلان عن مركز (سلام) لدراسة قضايا الفكر المنحرف، وإزاحة الستار عن عدد من المشروعات والمبادرات المهمة التي تثري الحقل الإفتائي في الداخل والخارج، وتستشرف بها الدار والأمانة العامة ما هو منتظر منها في المستقبل من خطط ومشروعات واعدة وفاعلة، وتحقق مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة، وتمنع نشر الأفكار المتطرفة، وتعزز مسيرة العمل الوطني.
هذا بخلاف الموجود الفاعل المتطور مثل: مركز التدريب، والتعليم عن بُعد، والمؤشر العالمي للفتوى، وهو الذي يرصد حصاد الخطاب الإفتائي للتنظيمات المتطرفة ومحاولة هذه التيارات لاستعادة الثقة، وتكوين مرجعية بديلة عن الأزهر ودار الإفتاء، هذا المؤشر -الذي أتشرف بالمشاركة في ورشته التابعة للمؤتمر- يقوم برصد وتحليل آلاف الفتاوى على مستوى العالم خلال العام، مستعينًا بـأول محرك بحث متخصص في رصد وتتبع الفتاوى وتحليلها عالميًّا، وعليه فإن ثمرة المؤشر يجب أن تكون قاعدة لكل المراكز البحثية المتخصصة لتقرأ من خلال المؤشر كيف تتحرك وتفكر وتحدد الأولويات، وتكون موجودة بين أيدي صناع القرار، إذا لا يعقل أن يكون ما يرصده المؤشر بعيدا عن صناع القرار، خاصة في مجال التعليم والمناهج التعليمية والمراكز البحثية.