عالم أمير.. سوداني يحول منزله إلى "وطن لأحلام اللاجئين" في القاهرة (صور وفيديو)
على أبواب حي فيصل الشعبي في محافظة الجيزة، يقع منزل "أمير" اللاجئ السوداني الذي هرب من آثار الحرب في إقليم جبال النوبة في السودان بداية الألفية الجديدة، وقرر أن يستقر في مصر آملًا في نصف حياة تسمح له بالعيش الكريم.
منزل أمير الذي يقع في منطقة داخلية بحي فيصل، تحول مع الوقت إلى وطنٍ جديدٍ للسودانيين، وامتد ليشمل: إريتريين وإثيوبيين وحتى يمنيين، يرونه ملاذًا لإعادة التأهيل مما يتعرضون إليه من مضايقات تصادف اللاجئين في كل مكان.
يقول أمير إن آثار الحرب يمكن التعامل معها خاصة من قبل من يمتلكون تجربة بالفعل، وهو الأمر الذي دفعه إلى استخدام منزله مأوى يشعر فيه اللاجئ بأنه في وطنه.
من الحرب للعلم
حياة أمير بدأت في أول الألفية، لم يكن يترك وطنه بسبب الحرب، وما زال عنده آمال كبرى للعودة، لكن السلام لم يكتمل حتى اللحظة، بعلم بسيط مهترئ لوطنه السودان يرفعه على باب غرفته في شقة تقع في حي شعبي بالكاد تصل مساحتها إلى 80 مترًا، لكنها أصبحت مقصدًا لعديد من اللاجئين الأفارقة.
يشير أمير إلى أن اهتمامه باللاجئين وقضاياهم، جعلهم ينجذبون إليه، فهنا مكان آمن يحكي كل منا تجربته، نتشارك الحياة مع بعضنا، ربما نتعلم حرفة جديدة تجعلنا قادرين على استحداث موارد مادية جديدة، وتمنحنا القدرة على المنافسة في السوق المصري.
حسب أمير فإن تواضع المكان وتجهيزاته، لم يمنع الناس من القدوم يوميًّا من الثامنة صباحًا وحتى العاشرة ليلًا؛ حيث يتم تقديم خدمات اجتماعية يحتاجها اللاجئون عادة، ورغم بساطتها فإننا نعمل على أن يكون لها أثر مهم في حياتهم، مثل كيفية التعامل مع المجتمع المضيف، أو حماية الشخص نفسه من سلوك معين على أساس تجنب الدخول في مشكلات مثل مخالفة قانون وثقافة المجتمع المضيف.
نحو 233 ألف لاجئ حتى عام 2017، حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، كما توضح البيانات توزيع أعداد اللاجئين بين الجنسيات العربية والإفريقية المختلفة خلال الفترة المذكورة في التقرير، وتضمنت القائمة اللاجئين السوريين والفلسطينيين، ولاجئي السودان والصومال، والتي شهدت تباينًا كبيرًا خلال فترة التقرير.
ويشير الجهاز إلى تضاعف عدد اللاجئين بين عامي 2012 و2013 من نحو 110 آلاف لاجئ إلى 230 ألف لاجئ، ولكن هذا العدد اتجه إلى التراجع ليصل إلى نحو 213 ألف لاجئ عام 2015، ثم ارتفع تدريجيًا ليصل إلى نحو 233 ألف لاجئ عام 2017.
إعادة التأهيل
“الحنة السوداني” حرفة لا يمكن أن يتجاهلها أمير؛ حيث يتعلمها اللاجئون كنوع من إعادة التأهيل، وهناك الكثير من الحرف، إكسسورات مثلًا، حتى الحرف التي يتقنها المصريون، على أمل أن يشكلوا منافسة في السوق المصري مع الوقت.
أمير يرى أن هذا يتم تسميته تعليم حرفة، لكنه يعتبره جزءًا من تحقيق الانتماء للمكان الذي يأمل أن يجعله جمعية مشهرة مع الوقت، لتلقى الدعم الذي يمكن توزيعه على مجمع واسع من اللاجئين، يراه غير متحقق من قبل المفوضية الخاصة بهم في مصر.
يشير أمير إلى أن السعادة في أن يساعد شخصًا لا يجد سكنًا، فهو أمر يساعده هو على الحياة فنسيان آثار الحرب لديه ليس سهلًا، هو نفسه جزء من إعادة التأهيل التي تحدث لجميع القادمين إلى منزله في فيصل، حيث تجتمع أوطان عبر المنتمين إليها لتشكل وطنًا جديدًا ينتمون إليه ويشعرون فيه بالراحة، ويمكنهم أن يبدأوا فيه حلمًا جديدًا.
وأضاف أمير أنه لا ينسى كل تليفون جعله يستيقظ متأخرًا، الناس يأتون إليه من الصباح وحتى المساء في وقت متأخر، ورغم ذلك تليفونات الثانية بعد منتصف الليل تحدث عادة، فبينما صديق تم الاعتداء عليه، سيدة لا يعرفها تعرضت لاعتداء جنسي ثم تم إلقائها في الشارع، كلها أمور أصبح يتعامل معها بجدية، فقد تعوّد أن يواجه ذلك، أو حسب تعبيره مشاركة الشخص في مصابه.
ويختتم أمير: "المهم أن نواصل مواساة الشخص، كل مجتمع لديه مشكلاته، ولا يمكن أن نلصق بهذا المجتمع أزمة مثل معاداة اللاجئين، وهو نفسه يواجه نفس المشكلات، مع الوقت ينهض الشخص ويحاول أن يفهم أن عليه الاستمرار في الحياة، إنها مستمرة رغم ذلك، وبالتالي عليه أيضا أن يستكمل المسيرة".
في الخطوة التالية من علاج أمير يتم توجيه الأشخاص المتضررين إلى الجهات المسؤولة طبيًا؛ خاصة أطباء بلا حدود، على أمل أن يتم دمجه مرة أخرى في المجتمع، أو بالأحرى إعادة إحساسه بنفسه أنه إنسان له حقوق وسيحصل عليها فعلًا.