زكي مبارك لطه حسين: تعال نتحاسب يا ناسي العهد ويا منكر الجميل
كانت الحياة بين الأدباء قديمًا مليئة بالسجال والصراعات، ومن أشهر تلك الصراعات، الصراع الواقع بين طه حسين وزكي مبارك، ولكن ذلك الصراع امتد لأمد طويل، بل كان سببًا في فقدان زكي مبارك عمله.
كان زكي مبارك طالبًا لدى طه حسين في جامعة القاهرة، أو كما كان يُطلق عليها حينها الجامعة المصرية، وفي إحدى المحاضرات التي كان يلقيها طه حسين فوجئ بطالب يطلب منه إعطاءه الكلمة وهو منفعل، ولكن طه حسين رفض إعطاء الكلمة، إلا أن ذلك لم يحدّ من اعتراض الطالب بل قام بجرأة لإلقاء خطبة عصماء ينتقد فيها طه حسين ويُشكك في مصادره بشكل دقيق وعلمي، وقد كان طه حسين انتهى لتوه من إلقاء محاضرة عن إحياء التراث اليوناني، لم يلق ذلك إعجاب طه حسين مثلما لقي إعجاب الطلاب، بل أثار سخطه مما دفعه إلى جعله يرسب في امتحان الليسانس أكثر من مرة.
تجدد الصراع بينهما مرة أخرى بعد 9 سنوات، عندما ألف زكي مبارك كتابه "النثر الفني" والذي خالف فيه رأي المستشرقين ورأي طه حسين.
وكتب طه حسين عن الكتاب يقول: "كتاب من الكتب ألفه كاتب من الكتاب" رافضًا ذكر اسم زكي مبارك أو الكتاب وكأن في ذلك تنكير من شأنهما، مما دفع الأخير للرد بشكل عنيف يقول: "كنت أنتظر أن تفرح بكتابي، لأنه كما تعلم جهد أعوام طوال، ولكن خاب الظن وعرفت أنك وسائر الناس تغضب وتحقد، وكنت أرجو أن يكون عندك شيء من تسامح العلماء. تعال نتحاسب يا ناسي العهد ويا منكر الجميل، لقد مرت أعوام لم يكن يذكرك فيها بخير أحد غيري، وهل كان في أصحاب الأقلام من انبرى للدفاع عن طه حسين غير تلميذه وصديقه زكي مبارك. لقد ذكرتك بالخير في جميع مؤلفاتي؟. فهل يضيع عندك كل هذا المعروف لأنى بددت أوهامك في كتاب (النثر الفني)؟"
وبالرغم من ذلك الصراع الشديد فإن زكي مبارك دافع عن طه حسين مجددًا عندما أصدر إسماعيل صدقي باشا، رئيس الوزراء قرارًا باستبعاده من الجامعة، وظل يدافع عنه حتى عاد مرة أخرى، إلا أن طه حسين لم يرد الجميل ورفض تجديد عقد زكي مبارك، بل وفصله من الجامعة، فكتب زكي مبارك: "لو جاع أولادي لشويت طه حسين وأطعمتهم لحمه".