والنشء إن أهملته طفلًا تعثر في الكبر
بالنسبة لحادثة البنت اللي قتلت صديقتها دي وزيها كتير من الحوادث اللي أصبحت الحقيقة مفجعة وغير متماشية تمامًا مع فطرة الإنسان البشرية والإنسانية، الحقيقة أنا بقيت أتخض أوي من مثل هذه القضايا ومش بتخض بس، لا بخاف أوي على أولادي من الدنيا والناس اللي بقوا متوحشين ويخوفوا، بس لما بفكر في الموضوع بشكل أشمل من الحادث أو سبب وقوعه بهذا الشكل المخيف، بفكر في النشأة والتربية اللي بقوا في الأغلب تيك أواي زي الأكل بالظبط، زمان بابا الله يرحمه وماما مقالوش متخونيش صاحبتك ومقالوش متفتنيش ومقالوش متكذبيش ومقالوش متفتشيش السر، بس قالولي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
آية المنافق: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
فعرفت أن المنافق بيكدب وبيخلف الوعد وبيخون الأمانة وبيفجر في الخصومة، وكمان قالولي إن المنافق ده أسوأ شخص في الوجود، وأنا محبش أكون شخص سيئ، دائمًا كان بابا يقول الفتنة أشد من القتل لدرجة إني وأنا صغيرة جدًّا افتكرت الفتنه دي سلاح، كل أم وأب قادرين يطلعوا للحياة أولاد أصحاء نفسيًّا لو اتقوا الله في أولادهم وربوهم بما يرضي الله، يعني ماتزرعش الغيرة والنفسنة في قلب ولادك علشان زميلهم جايب أكتر منهم في الدرجات ولا قريبهم جايب أعلى منهم في المجموع ودخل كلية أحسن منه، ولا كل ماتشوف حد تقولهم خليك زي فلان علشان هو أحسن منك، أنت كده بتدمره وبتخلق عنده غيرة من الناس مش بتحفزه على فكرة، متجيش تقول لابنك أو لبنتك فلان قال عليا إيه من ورايا علشان هيكبر ويبقى عصفورة في شغله، متسمحش لابنك يحكي لك سر عن أصحابه، وعلمه أنه ما دام حد ائتمنه على سر لو الشخص نفسه حكاه قدامه يعمل نفسه ميعرفش علشان هو وثق فيه، علمه حديث النبي عليه الصلاة والسلام، خليه يفرح للناس من قلبه حتى لو بقوا أحسن منه، وياخد بيد الضعيف لحد ما يقوى، طلعه سوِي بدل البلاعة اللي بترمي علينا عيال مشوهة دي بسبب تربية الأهالي الضايعة.
كان عندنا درس في القراءة زمان لسه فاكراه اسمه لحد دلوقتي "النخلة المعوجة" وفاكره صوت أمي في ودني وهي بتقول لبابا جزء من الدرس علشان كان بيدلعني طول الوقت "والنشء إن أهملته طفلًا تعثر في الكبر". ربوا أولادكم خلوهم أسوياء ماتكونوش سبب في إنتاج شخصيات مشوهة للمجتمع شخصيات ملعوب في أساسها الإنساني، وافهموا أن اللي هتزرعوه هتحصدوه، فهموهم إن كلمة اشمعنا فلان ماتتدخلش البيت، وإن كل واحد وله ظروفه، فهموهم يبصوا في ورقهم.
فهموهم إن رأي الناس فيهم مش مهم المهم إنهم يعملوا الصح وإن ربنا وحكمه عليهم هو المهم، فهموهم إن رزقهم بيد الله علشان يطلعوا أقوياء وعندهم كرامة، أبعدوا عن تفكيرهم نظرية الانتقام وفهموهم إن الطيب أحسن والعفو عند المقدرة، علموهم أن أخلاقهم تكون طيبة ونفسهم سامحة، وإنهم يحترموا اللي قدامهم مهما كان أقل منهم مش جايز عند ربنا أحسن مننا كلنا، فهموهم أن الدنيا مش مستهلة وخلوا ربنا طول الوقت نصب أعينهم حب مش خوف، فهموهم كده وارموهم في الدنيا وماتخافوش، وفي النهاية الله يزرع ونحن نحرث زرعته فقط يعني طول ما أنت قاعد ونايم وسايق وشغال ادعي لأولادك بالهداية فقط فهم زرع الله ونحن نحرث الزرع فقط ونعتني به …
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا"
