سِحر على جثث.. مُعايشة ترصد لحظات العثور على أعمال السحر من مقابر الفيوم «صور وفيديو»
«السلام عليكم دار قوم آمنين، أنتم السابقون ونحن بكم إنَّ شاء الله لاحقون».. هذه تحية من يزور المقابر .. في تلك المرّة التي أقدمت فيها على زيارة أحد مقابر الفيوم، لم تكُن كعادتي لزيارة قبر والدي الذي رحل عنّ عالمنا مُنذ 10 سنوات قد مضت، بل كانت هذه الزيارة بهدف ممارسة عملي بالصحافة، لمُعايشة يوم داخل المقابر أثناء رصد لحظات استخراج أعمال السحر وإبطالها بهدف رفع الأذى عن أصحابها، وكان ذلك برفقة مسؤولي حملة نظافة مقابر الفيوم من أعمال السحر.
عندما دخلت المقابر الأولى التي كانت بعزبة مقابر منشأة بني عتمان التابعة لمركز سنورس بالفيوم، استوقفت لبضع ثوانِ، وسألت نفسي، كيف تُدفن الأسحار بجوار الموتى؟ قبل الدفن أم بعد، رفقة الجثث أم خارج العيون فما الأمر؟!
شدَّ الرجال رحالهم، ارتدوا القفازات والكمامات الطبية، مُجهزين مُعدات استخراج الأعمال، والشكائر البيضاء التي يضعون داخلها أعمال السحر التي يتم العثور عليها بكل حرص، شباب مُتحمس ورجال ما بين العقد الخامس والسادس، جميعهم متحمسون ومتسابقون على العُثور على الأعمال بنية أخذ الثواب، ورفع الأذى عن الذين أصابهم مفعول الأسحار.
وعندما دقت الساعة الخامسة عصرًا، بدأ الشباب يتحمس أكثر مُسرعين حتى لا يضيع الوقت، شباب يتسلل المقابر من الأعلى، للبحث عن أعمال السحر بكل دقة، وشباب آخر ينشب في الأرض بالمُعدات المُخصصة لذلك، من أجل العثور على أي شئ مُشتبه كونه سحرًا، حتى يتم إبطاله في نهاية اليوم.
أكثر ما لفت نظري في المعايشة، الطفل «يوسف عبد الحميد»، طفل صغير في المرحلة الابتدائية، هو نجل الشيخ المسؤول عن تفسير وفك وإبطال أعمال السحر بالحملة، ذهب رفقة والده وأصر على ذلك، ليس ليلهو، بل وجدته يبحث بكل حرص وبكل حُب عن الأعمال، وعندما سألته مش خايف؟ رد مُبتسمًا وقال لأ، هذا الطفل الصغير قد عُثر بالفعل على أعمال سحر داخل إحدى مقابر سنورس في مرة سابقة.
عُثر أبطال الحملة، في مقابر منشأة بني عتمان التابعة لمركز سنورس بالفيوم، على ملابس نسائية، وبعض الأقمشة المعقودة، وبرطمان زجاجي مثل حجم برطمان «المربى»، داخله مادة باللون الأحمر، تُشبه الدماء، جزء منها قد جف بالفعل والآخر ما زال لزجًا، ووضعوا تلك الأعمال في شكائر بيضاء لحين فكها وإبطالها بالقرآن والسنة.
أبطال الحملة تأكدوا بالفعل، من عدم وجود أعمال أخرى داخل هذه المقابر، فانتقلنا إلى مقابر عزبة عبد العظيم بسنورس، وفرَّ الشباب حاملين على اكتافهم المُعدات، وكل منهم أخذ مكان في هذه المقابر للبحث بعناية في كل الأماكن دوّن المساس بالعيون المُغلقة التي تضم الموتى حفاظًا على حُرمة المتوفى.
عُثر الشباب في هذه المقابر، على بعض الأقمشة المعقودة، وملابس داخلية لسيدات ورجال، ودُمى، وبعض الأقمشة المدوّن عليها طلاسم، وفي نهاية اليوم تم إبطال جميع الأعمال التي تم العثور عليها بالمنطقتين، لرفع الأذى عن أصحابها، وذلك بالماء والقرآن الكريم.
بدأت حملة نظافة مقابر سنورس بالفيوم من أعمال السحر والشعوذة، مُنذ 35 يومًا، من خلال 50 شابًا، حيث انطلقت الحملة ببندر سنورس، لمدة 3 أيام، ثم انتقل الفريق إلى القرى والعزب المجاورة للمدينة بالتنسيق مع الأهالي، وأسفرت الحملة عن العثور على كميات كبيرة من أعمال السحر والشعوذة المدفونة داخل مقابر سنورس.
وقال أحمد محمود، مؤسس ومُنسق حملة تنظيف المقابر من القمامة وأعمال السحر بمركز سنورس، إنَّ هدف الحملة تنظيف المقابر من السعف أو الجريد والسحر، والقمامة، وأسفرت الحملة حتى الآن عن العثور على عدد كبير من الأسحار والشعوذة، وطلاسم تدل عن الموت والسحر بالفراق بالأسماء لبعض الأشخاص، وبعض الصور الشخصية لأشخاص تم الوصول إليهم بالفعل من أهالي سنورس، كانوا يعانون بالفعل من مشاكل، وتم إبطال العمل حتى أصبحوا حاليًا في تحسن واستقرار.
وأضاف محمود، أنَّ الحملة عمل تطوعي، دوّن الحصول على مقابل مادي، وعن التجهيزات، أكد أنَّهم قاموا بشراء مُعدات على حسابهم الشخصي، فضلًا عن انضمام شيوخ لهم صدى في المركز وقبول ومصداقية بين الأهالي.
وفي هذا اليوم من الحملة، التقينا الشيخ عبد الحميد اللاهوني، الشيخ المسؤول عن الحملة، وعن فك وتفسير أعمال السحر بالحملة، وقال: "لا نرجوا من هذه الحملة إلا الثواب، ورفع الأذى عن المتضررين من الأعمال التي خرجت من نفوس ضعيفة".
وأضاف اللاهوني، نتبع في إبطال هذه الأعمال على القرآن الكريم والسنة، ونبحث عن الأعمال بكل دقة، بين القبور، وأعلاها، وحولها، ولكن لا نفتح قبرًا.
وقد انطلقت حملة تنظيف المقابر بمركز وقرى سنورس، من القمامة وأعمال السحر، في مطلع يوليو الجاري، حيث عُثر مسؤولو الحملة، في أول يوم لها، على أعمال سحر على رجل ماعز، وملابس داخلية، وجلود حيوانات، ودباديب، كما عثروا في المرات السابقة على فساتين زفاف وطلاسم لأشخاص، ودُمى أطفال بوجه محروق، وأعمال بالموت والتفرقة وعدم الإنجاب.
ويحرص الشيوخ، أثناء فك الأعمال التي يتم العثور عليها، بارتداء القفازات الطبية، والكمامات، ويتم فك الأعمال داخل رجاكن بها ماء، وتلاوة القرآن الكريم عليها، وأيضًا الآيات القرآنية المُخصصة لفك وإبطال أعمال السحر.
