نساء الإخوان.. كيف استفادت الجماعة الإرهابية من القوة الناعمة في عملياتها؟
منذ غرس أول بذرة لإنبات جماعة الإخوان المسلمين في سبعينيات القرن الماضي، وقبل أن تبللها المياه حتى، تأصل في جذور عقيدة الجماعة أن ليس للمرأة حق الظهور على الملأ أو تولي المناصب القيادية، ولعل من روّى بذرة الجماعة بذلك المنطق هو مؤسسها، حسن البنا، الذي منع تكوين هيئات إدارية مستقلة للسيدات، بشكلٍ قطعيّ.
واعتمد البنا في قراره هذا، الذي ضَمّنَه أحد لوائح الجماعة، على خوفه من انشغال النساء بتشكيلات وتسميات لا طائل تحتها، ولا خير فيها_ من وجهةِ نظره_ فسعى لجعلهن متفرغات بشكل كامل للاستفادة من الدروس وتطبيقها في منازلهنّ، على أولادهنّ وأخواتهن وإخوانهنّ فقط.
ورغم ذلك، استطاعت بعض النساء اللواتي اعتنقن الفكر الإخواني، الإفلات مما شيده البنا لهن من سجون، فكان لهن الدور الأبرز في النهوض بالجماعة وإيصالها لأهداف لم تكن لتتحقق لولاهن.
ولعل أبرز هؤلاء السيدات هي زينب الغزالي، التي تعد أشهر الإخوانيات على الإطلاق، إن لم تكن أشهر نساء الحركة الإسلامية عامة، وذلك بسبب تعنتها الجلي ضد المجتمع الذكوري بشكل عام، والذي تولّد لديها نتيجة وفاة والدها في العاشرة من عمرها، لتواجه الغزالي تسلط أخيها الأكبر، الذي خاضت معه حربًا معدومة السلاح لإكمال تعليمها الذي حاول منعها منه مرارًا، إلا أنها انتصرت في النهاية.
وفي شبابها، تعرّفت زينب الغزالي إلى الاتحاد النسائي، الذي كانت ترأسه هدى شعراوي، وتوثقت العلاقة بينهما، وأصبحت من أعضاء الاتحاد البارزات، وكانت من أشدّ المنادين بتحرير المرأة، لكنّها أنهت علاقتها بهدى شعراوي، وأسست بعدها جمعية للسيدات المسلمات،
ومن ثم اقترح عليها حسن البنا، مؤسس الإخوان المسلمين، ضمّ جمعيتها إلى الإخوان، وأن ترأس قسم الأخوات المسلمات فيها، لكنّها رفضت، وحافظت على التنسيق بينها وبين الإخوان، طيلة عشرة أعوام.
وادعت الغزالي أنّها بايعت حسن البنا في نهاية العام 1948، وأصبحت عضوة في الإخوان المسلمين، وكلّفها حسن البنا بدور مهم في الوساطة بين جماعة الإخوان والزعيم الوفدي، مصطفى النحاس، رئيس وزراء مصر حينها.
ولعبت زينب الغزالي دورًا مهمًّا في تنظيم الإخوان، العام 1965، وألقي القبض عليها، وحكم عليها بالمؤبّد، وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر، تمّ تخفيف الحكم، وأفرج عنها العام 1971.
ولعل أبرز ملامح شهرة الغزالي ينبع من اتهام طلال الأنصاري، قائد مجموعة الفنية العسكرية، المتهمة بمحاولة اغتيال الرئيس السادات، لها بأنّها كانت حلقة الاتصال بين المجموعة والإخوان المسلمين، وأنّها هي التي عرّفته بصالح سرية، مؤسس المجموعة، وأنّ عملية الفنية العسكرية هي عملية تمت بإذن من الإخوان المسلمين، وهو ما نفته الغزالي في التحقيقات.
وإذا جاء الحديث عن النساء البارزات داخل الجماعة الإخوانية، لا بد من التطرق إلى ذكر اسم جيهان الحلفاوي، التي تعد أولى النساء الإخوانيات اللواتي خضن تجربة العمل العام؛ فهي أول مرشحة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر لمجلس الشعب المصري، في انتخابات العام 2000، التي شهدت تأجيلًا حتى العام 2002.
بدأت ملامح الحلفاوي تتردد على الإعلام في مطلع عام 2000، عندما تقدمت بالترشح لمجلس الشعب، وذلك ردًّا على القبض على زوجها في قضية عرفت بقضية الـ101، التي أُحيل فيها إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.
ورغم أن الحلفاوي، لم تحصل على المقعد، لكنّ شهرتها كأول أخت تخوض الانتخابات، جعلتها رمزًا فريدًا.. تابعت دراستها الإسلامية، فحصلت على ليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر، بعدها وجهت طاقتها للعمل العام، فترأست المركز المصري للدراسات الإسلامية، وتوقفت عن العمل في صفوف الإخوان عقب خروج زوجها من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين.
ومن عائلة سيد قطب، نجد أن شقيقته الصغرى، حمدية قطب، هي إحدى أشهر النساء داخل التنظيم الإخواني؛ حيث إنها ثاني امرأة في الإخوان يتم الحكم عليها بالسجن، بعد زينب الغزالي.
ولعبت قطب دور ضابط اتصال بين أخيها وأطراف التنظيم المتعددة، في الفترة من 1961 وحتى 1965، وخصوصًا نقل تعليماته لزينب الغزالي، فضلًا عن تهريبها أوراقه من محبسه، ما جعلها بطلة في نظر الإخوان.
وتم القبض عليها في أغسطس 1965، بتهمة الانتماء لتنظيم الإخوان المسلمين، وحُكم عليها بعشرة أعوام، قضت منها في السجن ستة أعوام، ثم عفا عنها الرئيس السادات، وأفرج عنها في نوفمبر 1972، وبعد شهر من الإفراج، تزوجت الدكتور حمدي مسعود، وانتقلت معه للإقامة بفرنسا، وانقطعت عن العمل واكتفت باستكمال دراستها التي توقفت.