الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

اضطراب العقل السلفي بعد شهادتي «يعقوب - حسان»؟!

الجمعة 13/أغسطس/2021 - 04:36 م

يُعاني العقل السلفي عمومًا من اضطراب، لكن في الحالة المصرية نجد اضطرابًا جديدًا بعد الشهادتين اللتين أدلا بهما الرمزان في التيار السلفي: محمد حسين يعقوب ومحمد حسان، أمام محكمة الجنايات في القضية المعروفة باسم "خلية داعش".

العقل السلفية يفتقد النقد والتفكير والتحليل، ويركز على ظاهر الدليل، ويكتفي بحفظ مقولات رجال السلف، ويصطدم بالواقع، وهذا يعكس مزجه بين المتناقضات، وله خطاب زاعق متشدد يميل للتبديع والتحريم في معظم أحواله.

ثم إن هذا التيار لا ينتظم في اتجاه فكري واحد، ويقدس شيوخَه، وينتشر تبعًا لانتشارهم، وتتعدد مناهلُه الفكرية التي يَغرف منها، ومن ثَمَّ تتعدد توجهاته حيال الموقف من القضايا الحياتية المطروحة، وكل ذلك أحدث اضطرابًا في العقل السلفي.

الواقع بتعقيداته المختلفة صار صادمًا للشباب السلفي، فالموقف من الإخوان وإن بدا واضحًا لدى التيارات المختلفة، لكنه ملتبس لدى السلفيين، فبينما نرى قياديًا سلفيًا يخطب على منصة "رابعة"، نجد قياديًا آخر يخطب محذرًا من اعتصام "رابعة"!، وكل منهما - كما زعما - يستمد من السلف وابن تيمية وابن عبد الوهاب، ويتساءل السلفيون: نصدقُ مَن؟

يوم الأحد 8 أغسطس 2021م وقف الشيخ محمد حسان أمام المحكمة في القضية المعروفة باسم "خلية داعش إمبابة"، وأحدثت شهادته هزة عنيفة بين المنتمين للتيار السلفي، إضافة للهزة العنيفة طويلة الأثر التي أحدثتها شهادة زميله محمد حسين يعقوب من قبل، لأن شهادتهما بدت متناقضة مع أدبيات وركائز وجذور الفكر السلفي، فالأول يعلن جهلَه، وأنه غير مؤهل للإفتاء، والثاني يجعل الأشاعرة "أهل السنة والجماعة"، ويثني على الأزهر منبع الأشاعرة.

مع أنه معلوم أن تضليل الأشاعرة هو أحد أهم ركائز وأدبيات التيارات السلفية على اختلاف ألوانها، وأن السلفيين درجوا على أن الأزهر مؤسسة أشعرية صوفية مبتدعة، وأن دعوة السلفيين لما يسمونه توحيد العبادة وتوحيد الأسماء وتوحيد الصفات فيه تناقض للبنية الأشعرية التي عليها الأزهر الشريف، وما زال الأزهرُ يعتقد أن سلفي مصر هم فرع لما يُعرف بالوهابية.

ولأن الفكر السلفي من نمط الفكر الساري، بمعنى أنه لا يعمل من خلال منظمة أو مؤسسة يمكن تتبع خيوطها وتضاريسها فإن هذا جعل الداعية السلفي المشهور مصطفى العدوي يخرج مُعقبًا على كلام محمد حسان ليقول: «الأشاعرة ضالين، ومنهجهم منحرف عن الإسلام».

تشيع الفوضى بين أتباع التيار السلفي، ويذهب الشباب ضحيةَ هذه المتناقضات الشديدة في قضية عقائدية عندهم، فالاختلاف مع الأشاعرة دأب شيوخ السلفية المعاصرة على جعله من العقيدة والأصول، لا من الفقهيات والفروع، بل إن مسألة الأشاعرة من المسائل التي على أساسها يقومون بتصنيف المسلمين وتقسيمهم إلى: مع أو ضد التوحيد.

يضطرب العقل السلفي بين متحير أو ساكت أو مؤيد للعدوي، أو باحث لحسان عن مخرج، وقبل ذلك صدمة حسين يعقوب الذي ظهر أمام المحكمة ولا يعرف أفكار تنظيم داعش، ويقول: «أنا لست سلفيًا، وحاصل على دبلوم، ولا أفتي الناس!!».

ثم يأتي القيادي الإخواني سلامة عبد القوي - وهو صديق مقرب من الشيخ محمد حسان - ليقول تعقيبًا على شهادة حسان في المحكمة: «إن حسان دعا للجهاد في مؤتمر سوريا، وتحرك على دعوته آلاف الشباب، وأنه قابلهم في تركيا، وحاول صرفهم عن الانضمام لداعش، فاتهموه بالكفر والتقصير والخذلان، واستشهدوا بكلام الشيخ حسان وفتواه في مؤتمر سوريا، وقال سلامة إن الشباب اعترفوا بأن حسان وبرهامي والدكتور السلفي م. ع (لم يذكر اسمه) كانوا يدعمون المجاهدين في سوريا».

هكذا يلقي الشباب السلفي اضطرابًا وتحيرًا له أثر نفسي شديد عليه، نعم الظاهرة السلفية لا يمكن تبسيطها بهذه الكلمات، لأن رصدها وفهم طبيعتها وتتبع أفكارها وتضاريسها وتأثيرها فيه ما هو أعمق، لكنها لمحة سريعة في هذا الاتجاه.

تابع مواقعنا