الأحد 22 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الوجه الآخر لملائكة الرحمة.. عداد ضحايا الأخطاء الطبية يفوق الحروب «تحقيق»

ضحايا الأخطاء الطبية
تقارير وتحقيقات
ضحايا الأخطاء الطبية - أرشيفية
السبت 14/أغسطس/2021 - 02:17 م

حياة منار سالم كانت تسير بصورة طبيعية، إلى أن شاء القدر أن تقع في فخ الخطأ الطبي، إثر أجراء عملية تركيب مسمار نخاع أثرت في قدميها ونتج عنها ضمور العضلات وشبه شلل نصفي، وأصبح لديها قدم أقصر من الأخرى وتطور الأمر إلى انحناء في العمود الفقري، سهام الخيبة والألم صربت الفتاة العشرينية في مقتل، ولم تتمكن من مواجهة المجتمع لمدة عامين كاملين، وما بين كل الصدمات التي مرت بها لم تنس كلمة أحد الأطباء لها "عندك كمية أخطاء طبية كبيرة.. أنتِ للأسف مش هتمشي تاني"، ولكن لن أتركك إلا بعد التأقلم على حياة جديدة تعلمك الإرادة والإصرار.


أنا بطلة حياتي


بعد سماع تلك الكلمات الإيجابية شعرت منار أن هناك أملًا في الحياة ورفعت شعار "أنا بطلة حياتي"، وآمنت بأن المعجزة لن تتحقق إلا بالسعي، وخضعت لجلسات العلاج الطبيعي وبدأت تسترد حياتها الطبيعية بالتدريج مرة أخرى. 
 

لم تختلف حياة الشاب «م.خ» عن سابقتها، فمنذ أن كان طفلًا بالصف الأول الابتدائي أجرى عملية استئصال اللوزتين نتج عنها إصابته بالروماتويد، تعرض لخطأ طبي في الصف الثاني الثانوي بسبب تناوله علاج خاطئ متمثل في 8 حقن طبية، بعدها اكتشف عدم قدرته على الحركة؛ طلب الطبيب الخاص به –رفض ذكر اسمه- أن يتوقف عن تناول هذا العلاج رغم ترشيحه له بعد اكتشاف آثاره الجانبية وحوله من إنسان طبيعي لإنسان عاجز تمامًا عن الحركة.

لم تتخذ أسرة الشاب الثلاثيني إجراء قانونيا ولم تلق اللوم على الطبيب واعتبروا الموضوع قضاءً وقدر. 


فقد "م.خ" الثقة في كل الأطباء وقرر الاعتماد على المُسكنات فقط لتسكين الألم، ولكن والديه لم يتخل عنه وحاولا دعمه باستمرار إلا أن أحيانًا ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد أثر الخطأ الطبي على حياته ولم يمكنه من الالتحاق بالكلية المحببة لديه وسعى في تحقيق حلمه بطرق أخرى مثل الالتحاق بالدورات التدريبية والتفوق الدراسي ودراسة الإعلام وتحضير رسالة الماجستير. 

 

 

ضحايا الأخطاء الطبية


زراعة العضو الذكري


بدأت أزمة الأم المكلومة منى، منذ ولادة نجلها واكتشفت أن العضو الذكري الخاص به مدفون، فذهبت إلى أحد المستشفيات لعلاجه، ولكن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية بطريقة سليمة  وبتر "العضو الذكري" عن طريق الخطأ بسبب عدم إجراء التحاليل المناسبة أو القسطرة أو قياس نسبة الصديد في البول، مما جعل جسده النحيف يعاني.

 
اضطرت منى إلى إسعاف نجلها من خلال التوجه إلى مستشفى آخر لزراعة عضو ذكري جديد من خلال استخراج أنسجة من فمه وبطنه ونجحت العملية على مرحلتين. 

وتتابع منى لـ "القاهرة 24" علمتُ أن الطبيب الذي أجرى العملية لكريم تم إيقافه بسبب أخطائه الطبية الكثيرة وكثرة الشكاوى منه.


قدم مبتورة بسبب عين السمكة


نفس السيناريو تكرر مع "صديق حمدي" فهو لديه 53 عامًا يعمل سائقًا تاكسي كان يعاني من وجود عين سمكة في إحدى قدميه فتوجه إلى طبيب جلدية وللأسف لم يكشف أن حالته ليست في تخصصه واستمر في علاجه وبدأت القصة ببتر أحد أصابعه بحجة عدم وصول "الغرغارينة" إلى جسده ثم وصل الأمر إلى بتر قدمه. 
وأوضح حمدي أنه لجأ إلى المحكمة ليأخذ حقه بالقانون، وحاول الطبيب الصلح لكنه رفض رفضًا باتًا واتجه إلى طريق المحاكم. 



وبدموع لا تجف وكلمات ممزوجة بالألم والحسرة، بدأت دينا حديثها قائلة: انقلبت حياة شقيقتي رأسًا على عقب في سنة 2003 أصيبت شقيقتي رحمة بآلام مبرحة في جنبها الأيسر، وكانت وقتذاك طالبة بالصف الأول الثانوي، كشفنا عليها في مستشفى التأمين الصحي التابع لمدرستها بالسيدة زينب، وشخصوا حالتها على أنها اشتباه زائدة بعد إجراء التحاليل اللازمة، دلفت إلى حجرة العمليات ومكثت بها قرابة 6 ساعات وبعد الكثير من القلق والتوتر من طول الفترة قال الأطباء إنها تعبت خلال العملية، بعدها خرجت على الترولي وجسدها به إحمرار شديد وموضوعة على جهاز الأكسجين.


 


وبالسؤال علمت أن طبيبة التخدير أعطتها جرعة بنج زائدة، والمفروض وضعها على جهاز تنفس صناعي ولكنه للأسف كان به عطل، ظلت شقيقتي على جهاز التنفس الصناعي بالرعاية المركزة التابعة للتأمين الصحي لمدة سنة لا تستطيع التحكم في عملية الإخراج، وأجمع الأطباء على أن حالتها ميئوس منها، وأصبحت طريحة الفراش، ومنذ عام 2005 ونحن في البيت فشقيقتي ميتة بالحيا ولكن فيها الروح. 


ضحايا الأخطاء الطبية يفوق الحروب


منظمة الصحة العالمية قدرت في تقرير لها في سبتمبر 2019 أن خمسة أشخاص يفقدون حياتهم كل دقيقة في العالم بسبب الأخطاء الطبية، وهو ما يفوق عدد ضحايا الحروب والكوارث سنويًا، وقدرت جامعة مانشستر في بحث لها أن 6% من المرضى على مستوى العالم يتعرضون للإعاقة أو الموت بسبب أخطاء الأطباء.


المضاعفات الطبية وارد حدوثها


من جانبه أوضح الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق نقابة الأطباء أن هناك فرقًا كيرا بين المضاعفات الطبية والخطأ الطبي المضاعفات فكل عملية لها أعرض جانبية، مشيرًا إلى أن هذه المضاعفات ذُكرت في المراجع الطبية ورغم أن احتمال حدوثها ضئيل للغاية إلا أنها واردة الحدوث، لذلك نجد أن المريض يوقع على ورقة مفادها "لو حصلت المضاعفات الطبية فهذه خارجة عن إرادة الطبيب"، هذه المضاعفات متعارف عليها في العالم كله وليس في مصر فقط. 
 

الشطب من النقابة


وتابع: الخطأ الطبي هو أن الطبيب لا يسير علي البروتوكول العلمي لهذه العملية، مثلما يحدث مع طبيب لا يغلق الجرح جيدًا أو ينسى فوطة طبية في جوف المريض، ومن المفترض في حدوث الأخطاء الطبية أن يقدم المريض شكوى  في النيابة العامة وأخرى في النقابة، للتحقيق مع الطبيب بعد الاستعانة باستشاريين آخرين، لكشف هل الطبيب ارتكب الخطأ الطبي أم لا؟ ولو تم إثبات ذلك يتم تحويله إلى لجنة التأديب وتختلف الأحكام بداية من لفت نظر إلى شطب من النقابة. 
واستكمل هناك قانون المسؤولية الطبية يتضمن التحقيق مع الأطباء من خلال لجنة طبية مكونة من استشاريين أطباء، لتحديد العلاقة بين الطبيب والمريض ولكن للأسف لم يتم البت فيه.


الطب مش فذلكة.. وهناك جهل بالقانون

 


واختتم حديثه قائلًا: "الطب مش فذلكة" يجب على الطبيب اتباع البروتوكول العلمي وعدم تجاهل أي شيء للحفاظ على أرواح المرضى والحفاظ على سلامتهم. 


ويرى عبد الحميد رحيم، المستشار القانوني والمحامي بالاستئناف العالي، أنه من المفترض أن يتميز الطبيب بالحيطة والحذر والعلم باللوائح والقوانين فلا ‏يستطيع الاعتذار بالجهل بها أو عدم تعمده مخالفتها لأنها أشياء من المفترض معرفتها.

وأضاف لـ "القاهرة 24 " أنه قد يعاقب الطبيب بالإصابة الخطأ أو بحدوث عاهة مستدامة أو ‏بالقتل الخطأ إذا خالف اللوائح الصحية وتضعه تحت المسؤولية ‏الجنائية والمدنية، ‏فمثلًا إذ أجرى الطبيب عملية جراحية مخالفًا بذلك اللوائح الصحية ‏يحاكم أمام محكمة الجنح نتيجة إهماله ويعاقب طبقا لأساس ‏المسؤولية الجنائية لخطأ الطبيب، طبقا للمادة 244 من قانون ‏العقوبات، التي تنص على أن عقوبة الخطأ الطبي الجسيم الحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز 200 أو 300 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

 

ضحايا الأخطاء الطبية


العمل في ظروف قهرية

 

وأشار رحيم إلى أن هناك اعتبارات تراعى عند تقدير خطأ الطبيب مثل الظروف ‏الخارجية التي تحيط به، والتي تتطلب العمل في ظروف قهرية ‏غير مناسبة بعيدًا عن الوسائل اللازمة أو كخطورة الحالة وما ‏تلزمه من إسعافات عاجلة أو غموض تشخيص حالة المريض،
وقد يعاقب الطبيب عن قتل خطأ لعدم الاحتياط في عمله مثلما ‏يحدث بلوائح مستشفى الأمراض النفسية التي تتضمن معاملة المريض برفق للتغلب على انفعاله وتجنب الأذى.

تابع مواقعنا