بسبب محجر بالإسكندرية.. تلوث بيئي وأمراض تنفسية وقرار بمقاضاة وزارة البيئة «صور»
وضعت آية اسمًا مستعارًا أموالها وأحلامها في شراء منزل لها ولأسرتها بأحد التجمعات السكنية الفاخرة بالإسكندرية؛ ليكون حلقة الوصل والرابط الذي يعيد الأبناء من بلاد المهجر إلى وطنهم الأم.
بعد فترة وجيزة اكتشفت السيدة أن منزل الأحلام المبني فوق هضبة مرتفعة يوجد أسفلها محجر لاستخراج الجير في منطقة أبوتلات بالإسكندرية، لا يكف عن انبعاث الغازات والأدخنة والغبار الملوث الذي يضر بالصحة العامة للإنسان والحيوان، على حد سواء.
الأتربة والغبار الملوث هما سيدا الموقف هنا، حتى إن الأشجار تحول لونها من الأخضر إلى الأسود أو الأبيض نتيجة لتراكم الأتربة، ناهيك عن الأمراض الصدرية وأمراض الجهاز التنفسي العلوي التي أصابت الجيران وأبناءهم حسب حديت السيدة آية.
شبهة فساد
وفي تحايل على إبقاء المحجر في ذات المكان بعد إغلاقه لفترة قصيرة، تحوّل إلى كسارة أو شونة يستخلص منها المقاولون الأحجار والرمال ومواد البناء المختلفة، لإبقائه قيد العمل.
وبحسب حديث السيدة لـ«القاهرة 24»، فإنها لم ترضخ للأمر الواقع؛ حيث توضح أن الأضرار البيئية والسلبية على صحة الإنسان لا تفرق بين غني وفقير، فلجأت إلى تقديم شكوى لجهاز حماية البيئة بالإسكندرية، ومن ثم راسلت الوزارة على الرقم المخصص للشكاوى، وكان الرد روتينيًا.
شكاوى بلا جدوى
على مدار عامين قدمت السيدة شكاوى عديدة إلى وزارة البيئة وحتى المحافظة، التي أكدت آية أنها بالفعل شكّلت لجنة لمعاينة المحجر أو الكسارة وتحديد الأضرار البيئية والمشاكل الصحية التي تنتج عنه، لكن وفقًا للسيدة يبدو أن هناك من له مصلحة في إبقاء الوضع كما هو عليه، ففي كل مرة يحدث ما يعرقل خطوات اللجنة الفنية ولا تحضر للمعاينة.
وفي محاولة أخيرة منها، أرسلت السيدة بريدًا إلكترونيًا إلى الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، شرحت لها فيه الموقف ودعتها لمعاينة المكان بشخصها أو من خلال لجنة تكونها الوزارة تحت إشرافها، لكنها لم تجد ردًا، فقررت استعمال الكارت الأخير وصرحت للوزيرة عن جنسيتها الأجنبية التي تمتلكها لكن أيضًا دون رد.
الآثار الصحية للمحاجر على السكان:
وبحسب دراسة نشرت عن العواقب البيئية للمحاجر ومقالع الحجارة للباحثة روان المصري، فإن وجود وانتشار المحاجر بالقرب من المناطق السكنية يسبب أضرارًا على البيئة بشكل عام وعلى السكان أنفسهم بشكل خاص.
وإن قرب تلك المحاجر بأقل من متر واحد يزيد من الأمراض التي تضر بصحة الإنسان، إذ تنتج الملوثات عن عدة مصادر من هذه المحاجر ومنها الغبار والأتربة المتطايرة والمواد الغازية الناجمة عن عوادم السيارات والآلات.
وأشارت الدراسة إلى الضجيج الذي ينتج عن الماكينات، الذي يعتبر من مصادر الأمراض السمعية؛ حيث ينتج عن العمل في المحاجر؛ بحيث تصدر هذه الآلات أصواتًا ذات مستويات عالية جدًا، والتي يمكن سماعها من مسافات بعيدة والأصوات التي تصدر من مناشير الحجر خاصة القريبة من المباني السكنية والتي تؤثر على السكان.
وأكدت الدراسة التي نشرت في جامعة بيرزيت، فإن الغبار يسبب العديد من الأمراض التنفسية مثل الربو وضيق التنفس والأزمات الصدرية والتهاب العيون والجلد، كما أن للغازات الناجمة عن الآلات والسيارات دورًا في انتشار تلك الأمراض.
مقاضاة وزارة البيئة ومحافظة الإسكندرية
عزمت السيدة آية على عدم العودة مرة أخرى إلى مصر بعدما يئست من تغيير الوضع في المنطقة التي اختارت أن تضع فيها أموالها وتستمثر فيها ليس فقط للسكن، وأكدت أنها تتمسك بحق أولادها في البقاء بوطنهم الأصلي، وحقهم أيضًا في العيش في بيئة صحية وآمنة.
وأكدت السيدة في تصريحاتها لـ«القاهرة 24»، أنها قررت رفع دعوى قضائية ضد محافظة الإسكندرية ووزارة البيئة التي تسعى للحد من الانبعاثات وتقليل نسب التلوث، خاصة في ظل مساعيها لاستضافة مصر مؤتمر الأطراف بشأن المناخ COP27 في نوفمبر 2022 نيابة عن القارة الإفريقية.