جيل وراء جيل.. العنف باسم الدين من الخوارج لطالبان
نجحت أمس الأحد قوات تابعة لحركة طالبان في دخول العاصمة الأفغانية كابُل، بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية وإجلائها عن البلاد، وشهدت العاصمة انهيار كامل للحكومة الأفغانية، حيث غادر الرئيس الأفغاني البلاد قبل ساعات من دخول قوات الحركة، كما سيطرت الحركة فور دخولها على كافة المؤسسات الحيوية في العاصمة بشكل كامل، وعمت حالة من الهلع والرعب بين سكان المدينة، وسط ترقب عالمي للأحداث والتطورات الخطيرة.
وظهرت الحركة في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث كانت في البداية تعمل على حماية الناس من اللصوص وقطاع الطريق، وسبب تسميتها بطالبان أنهم يقولون أنهم مجموعة من طالبة العلم، الذين يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية، وتنتمي الحركة دينيًا إلى المذهب الحنفي، والذي يعلنون دائمًا أنه النموذج في كافة الأحكام، ومن تلك الأحكام مثلًا تحريم الموسيقى ومنعها، تجريم قص اللحية، إجبار المرأة على ارتداء الحجاب، تحريم النحت، وغيرها من الأحكام في المعاملات والعبادات وغيرها.
طالبان وإحياء لفكرة لم تمُت عبر التاريخ
تاريخنا الإسلامي مليء بتلك الجماعات التي لا تنتهي من الوجود، والتي اتخذت من الدين ستارها، لتحاكم وتأمر وتنهي وتقاتل وتقتُل وتحجب وتمنع، فالخوارج قتلوا الخليفة عثمان بن عفان وانقلبوا على علي بن أبي طالب، والحشاشين الذين شكلوا فرق انتحارية لمساعدة دعوتهم في الانتشار، فهم باسم الدين غسلوا عقول أتباعهم، حتى صاروا كالآلة المعدة للقتل بمجرد سماع الأمر، واستطاعت تلك الحركة بثت الرعب والفزع في كافة أرجاء الدولة الإسلامية الفاطمية والعباسية.
وهناك أيضًا حركة القرامطة، والتي نشأت في أثناء تفكك الدولة العباسية، وارتكبت واحدة من أبشع المجازر في التاريخ الإسلامي، حيث قتلوا ما يقرب من 30 ألف حاج بعد إغارتهم على المسجد الحرام، وخلعوا أبواه واقتلعوا الحجر الأسود من مكانه وأخذوه معهم ليمكث عنهم نحو عشرين عاما، كل تلك الأفعال كسوها بالزهد وقراءة القرآن وادعاء محبة آل البيت النبوي الشريف، ويكمن علاج تلك الجماعات في الثقافة العامة للشعوب في المقام الأول، إذ أننا لو نظرنا للشعوب التي ينجحون في إخضاعها نجد توغل الجهل وانتشاره بينهم، فهم يصدقون ببساطة أي شيء يقال لهم مدام الكلام مغلف بآيات قرآنية أو أحاديث نبوية.