بعد سيطرتها على 4 مناطق.. ما هي المقاومة الشمالية التي تتحدى سلطة طالبان؟
محافظة أفغانية واحدة لا تزال مستعصية على حركة طالبان، كما كانت عصية في فترة الحكم الأولى للحركة في تسعينيات القرن الماضي، ومن قبلها القوات السوفيتية التي لم تتمكن من دخول المحافظة وتوقف المد السوفيتي أمام بسالة ومقاومة أبنائها، إنها محافظة بنجشير الواقعة شمالي أفغانستان أحد أبرز معاقل ما يسمى بـ المقاومة الشمالية، التي قادها سابقا القائد البارز أحمد شاه مسعود، وحاليا نجله الذي يحمل نفس الاسم.
على ما يبدو لا زال الشمال الأفغاني يتذكر جيدا بطولات أبنائه أمام السوفييت ومن بعدهم حركة طالبان، كما يتذكر جيدا اغتيال قائدهم أحمد شاه مسعود في سبتمبر 2001، لكن هذه المقاومة وإن بدت صلبة لعدة عوامل، إلا أن نتائجها المحتملة تبقى مشوشة حتى الآن أمام محاصرة طالبان لها وسيطرتها على كامل الدولة، فضلا عن حديثها الهادئ حول السلام وتجنب إراقة الدماء، ما يطرح تساؤلا حول الأهداف الحقيقة، أهي مقاومة مسلحة أم دعوة للتفاوض مع طالبان؟
وما يزيد المقاومة الشمالية صلابة، هو الطبيعة الجغرافية والديمغرافية لمحافظة بنجشير، فهمي معروفة بجبالها وكهوفها الاستثنائية، كما تشكل عرقية الطاجيك الغالبية العظمى لسكانها بخلاف حركة طالبان المنتمية لعرقية البشتون، كما يرى سكان بنجشير في أسرة أحمد شاه مسعود، زعامة متفق عليها، ما يخلق عصبية تمنح هذه المقاومة صلابة قوية في مواجهة طالبان.
وبخلاف طبيعة المحافظة وسكانها، فقد أشارت تقارير عدة إلى استقبال بنجشير عدد كبير من قوات الأمن الأفغانية الفارة من كابول والولايات المجاورة عقب سيطرة حركة طالبان عليها، ولجأوا إليها رفقة سلاحهم ومعداتهم العسكرية الثقيلة بما فيها المروحيات العسكرية والمدرعات.
انتزاع 3 مناطق من أيدي طالبان
وأعلنت قوات تابعة للمقاومة الشمالية أمس واليوم، السيطرة على 4 مناطق خارج بنجشير كانت حركة طالبان قد سيطرت عليها، وذلك في ولايتي بغلان وبروان، القريبتين من بنجشير، فيمال قال وزير الدفاع السابق في الحكومة المنهارة، بسم الله محمدي، إن المقاومة سيطرت على 3 مناطق في بغلان، متابعا أن المقاومة ما زالت على قيد الحياة.
وتضم المقاومة بخلاف أحمد مسعود، نائب الرئيس السابق، أمر الله صالح، الذي ادعى أنه الرئيس الشرعي لأفغانستان، بموجب الدستور بعد فرار الرئيس أشرف غني، ودعا إلى مقاومة طالبان.
على خطى الوالد
وبعد سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية رسالة لأحمد مسعود، قال فيها إنه مستعد للسير على خطى والده رفقة المجاهدين المستعدين لمقاومة طالبان مرة أخرى.
ودعا مسعود، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مد المقاومة الشمالية بالعتاد العسكري للوقوف في وجه طالبان، معتبرا أنه بغض النظر عما يحدث، فإنه سيدافع عن بنجشير باعتبارها آخر معاقل الحرية في أفغانستان.
وأحمد مسعود، من مواليد عام 1989 وعاش خارج أفغانستان منذ اغتيال والده، لكنه عاد في العام 2016، وقضى سنوات طويلة في طاجيكستان المجاورة، ودرس في المرحلة الثانوية بإيران، بينما درس المرحلة الجامعية في المملكة المتحدة والتحف بالكلية العسكرية هناك.
موقف طالبان: نريد التفاوض
واليوم أعلنت حركة طالبان أنها تسعى للتفاوض مع قادة ولاية بنجشير السياسيين، مؤكدة أنها لا تريد الدخول إلى الولاية ولكن تريد اتفاقا سياسيا.
ونقل السفير الروسي في كابول، رسالة من قادة طالبان إلى زعماء بنجشير مفادها أن الحركة تريد حلا سلميا بعيدا عن سفك الدماء.