طريق النجاة.. شعر إبراهيم الجهني
طريقانِ في الدنيا لِغَادٍ ورَائِحِ
تَسِيْرُ بِقَلْبٍ فيهِمَا وجَوَارحِ
ذهابًا قَطَعْتَ العُمْرَ مِنْ غيرِ أوْبَةٍ
فهلْ تَسْتَطِيْعُ العَوْدَ وَقْتَ الجَوَائِحِ !
زَرَعْتَ مِنَ الأشواكِ رَطْبًا وليِّنًا
فَغَرَّكَ أَنْ لِلْكَفِّ ليسَ بجارِحِ
وَغَرَّكَ غَزْوُ الشَّوْك في الناسِ واسِعًا
كَغَزْوِ ذِئَابِ الغَابِ أَوْ كُلّ نَابِحِ !
فواصَلْتَ إفْسادًا - ولَيْتَكَ لمْ تَصِلْ -
إلى أَنْ كَسَاكَ الشَّرُّ مِلْءَ الجوانحِ !!
وكانتْ زُرُوعُ الخيرِ تُخْرِجُ ثُمْرَهَا
ويحْمِلُهَا فَجْرُ الرِّياحِ اللَّواقِحِ !
فأبْدَلْتَهَا بالشَّوْكِ حتَّى ذَمَمْتَهَا
كما الحالُ في الأعمالِ بعدَ المدائِحِ !
عَلَا شَجَرُ الأشواكِ والْتَفَّ بعضُهَا
ببَعْضٍ؛ فَغَابَ النُّورُ عن عينِ لامحِ !!
أحاطَتْ بكَ الآثامُ مِنْ كُلِّ جانبٍ
فكيفَ ستنجو في ليالٍ كوالِحِ ؟!
قتيلُ يديْكَ الآنَ قُلْ لِي: فمَنْ غَدًا
يُنَجِّيْكَ؛ إذْ عَمَّرْتَ في غيرِ صالحِ ؟!
قَطَعْتَ طريقَ الوَصْلِ عَنْ دمْعِ تَوْبَةٍ
فَفَاجَأَكَ الإهلاكُ دونَ ملامحِ ؟!
فَوَا أَسَفَا والعُمْرُ يَغْرُبُ مُسْرَعًا
عليكَ ولمَّا تَسْتَجِبْ لنصائحِ
ووا أسَفَا والناسُ رابحةُ النَّدَىْ
وأنْتَ بِجَنْيِ الشَّوْكِ لسْتَ برابِحِ
وها أَنْتَ في الدنيا زَكُومٌ.. فهلْ تُرَىْ
إذا مِتَّ أَنْ تَشْتَمَّ مِسك الرَّوائحِ ؟!
فهيَّا إلى الإيمانِ وابْكِ على الذّي
صَنَعتَ.. بِصِدْقٍ في السجودِ، وصارِحِ
عساهُ - تَعَاَلْى - يقْبَلُ التَّوْبَ؛ رحمةً
فلسْتَ تُطِيْقُ النَّارَ أو لفْحَ لافِحِ
هُوَ اللهُ ربِّي لا شريكَ لَهُ.. وَمَنْ
سواهُ لكَشفِ الضُّرِّ عن كُلِّ نائِحِ !
الدكتور إبراهيم الجهني، شاعر مصري، يعمل مدرسًا للأدب والنقد بجامعة الأزهر الشريف، من محافظة الشرقية، صدر له عدة دواوين شعرية، تم جمعهم وإصدارهم في المجموعة الشعرية الكاملة.. حديث قلب إبراهيم.