بالدعاء والصلاة.. كيف عاشت البعثة المصرية في أفغانستان اللحظات الأخيرة قبل العودة للوطن؟
ما بين الثلاثين للخمسين عامًا، بلغت أعمار المصريين التابعين للبعثة الأزهرية في أفغانستان، الذين تبدلت أحوالهم في ظرف أقل من 24 ساعة، وذلك بعد دخول حركة طالبان على العديد من الولايات الأفغانية ومن ثم سيطرتهم على العاصمة كابول، ليعيشوا في وسط حالة من الأجواء المخيفة والمتسارعة ولمدة أسبوع كامل، ليُصبح الأمل الوحيد لهم في النجاة وإعادة الطمأنينة هو لحظة عودتهم إلى الدولة المصرية سويًا.
يحكي الشيخ محمد الحسيني وكيل البعثة الأزهرية المصرية في أفغانستان، أن الحركة سيطرت خلال الأسابيع الماضية على كثير من الولايات الأفغانية ولكن الجميع كانوا يعتقدون أن دخول العاصمة كابل يكون صعبًا، وفي يوم وليلة فوجئ الجميع بسرعان دخولهم كابل العاصمة بشكل مفاجئ وفوجئ الجميع بهروب الرئيس محمد أشرف غني وحكومته خارج البلاد، مما أدى إلى سقوط كابل فى يوم واحد وهو يوم الأحد الماضي.
كنا لا نعلم ماذا سيحدث لنا بعد كل لحظة تمر.. يسرد الحسيني في تصريحات خاصة لـ القاهرة24، أنه فور علمهم بما حدث من سيطرة وأحداث مفاجئة وغير آمنة من قبل حركة طالبان، قامت السفارة بنقل جميع أعضاء البعثة الأزهرية المصرية والتي بلغ عددها نحو 23 شيخًا، إلى مبنى السفارة المصرية بكابول، مُسترسلًا: كنا لا نخرج ولا نرى الشارع منذ دخول السفارة، مُتذكرًا أن أصعب الأوقات التي كانوا يحاولون فيها السيطرة على خوفهم تمثلت وقت ما كانوا يطمئنون أسرهم على أحوالهم وهم في أشد الاحتياج إليهم وإلى معاودة أحضانهم من جديد، خائفون من عدم القدرة على العودة إليهم مرة أخرى، مردفًا: كنا نقوم بطمأنتهم حتى لا نلقي في قلوبهم الخوف.
كانت قراءة القرآن والصلاة والدعاء هم أبرز ما يفعله أفراد البعثة الأزهرية المصرية على مدار اليوم وبشكل دوري، متضرعين إلى الله ليأمن خوفهم ويبعث لهم طريق النجاة، فيقول وكيل البعثة والذي يبلغ من العمر 41 عامًا، اليوم كان يمر في قراءة القرآن الكريم والدعاء بتفريج الكرب وما نحن فيه وتأدية الصلوات في أوقاتها ولا نمتلك وقتها سوى الدعاء.
وفيما يخص المأكل والمشرب، أوضح وكيل البعثة أنهم كانوا يواجهون غلاء الأسعار نظرًا للظروف التي تمر بها افغانستان، ويرتضون بما هو متاح لهم، مؤكدًا على عدم حدوث أي تعامل بين أفراد البعثة وبين حركة طالبان.
من جانبه، تحدث الشيخ شوقي أبوزيد، رئيس البعثة الأزهرية بأفغانستان، عن تلك الأحداث التي عاشها الشيوخ على مدار أسبوع كامل، واصفًا إياها بالـ مفزعة، مؤكدًا على عدم توقعهم دخول حركة طالبان بهذا الشكل السريع إلى العاصمة كابول.
أحوالنا كانت في ترقب دائم وقلق من اللحظة القادمة، بهذه الكلمة يصف ما كان يحدث، وبقلب لا يملك سوى الإيمان قال: كنا ندعو دومًا بأن نعود سالمين إلى أهلنا وأولادنا في مصر.
يحكي أبوزيد في تصريحات خاصة لـ القاهرة24، أنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من القنصل العام بعد دخول حركة طالبان للعصامة كابول، طالبًا منه أ يجمع جميع الشيوخ ويذهبون إلى السفارة المصرية، ليهرول الشيوخ مُسرعين كي يلحقوا بالطائرة داخل المطار، وبلسان حزين أوضح أنهم لم يستطيعوا لحظتها الصعود نظرًا لعدم توفر عنصر الأمن في المطار وانتشار الفوضى وقُطاع الطريق، مما جعلهم يتخذون قرارًا بالعودة إلى السفارة مرة أخرى.
لم تيأس البعثة يومًا ما من أمل العودة إلى الوطن مهما تأخرت المدة، حيث قال رئيس البعثة إنهم كانوا دومًا على يقين من العودة للمطار مرة أخرى، والصعود على متن الطائرة للعودة إلى مصر، مؤكدًا أن السفارة لم تتأخر لحظة عن التواصل مع القيادات السيادية والأزهر وأيضًا الخارجية في مصر، مُشيرًا إلى أن اللحظة التي علموا فيها بالعودة مرة أخرى لأرض الوطن، كانت من أكثر اللحظات أمنًا بالنسبة للجميع.
وكان مطار القاهرة استقبل فجر اليوم الثلاثاء البعثة المصرية القادمة من أفغانستان، على متن طائرة حربية مصرية، وتم تجهيز تأمين طبي وإداري للجالية المصرية العائدة على أعلى مستوى، وذلك في إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي والقوات المسلحة، وبعدما سيطرت حركة طالبان على الحكم في أفغانستان.
أشاد العديد من المصريين العائدين بالقيادة السياسية، لحرصها على عودتهم إلى أرض الوطن، موجهين الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية على المجهود الذي بذله وجميع التعليمات التي أصدرها في سبيل تأمين عودتهم من أفغانستان إلى مصر.