شهادة من رحم حرب الإرهابيين في سوريا.. داعش كفّر محاكم القاعدة ولاحق المنشقين عنه بالقتل | الجزء الثاني
يواصل “القاهرة 24” نشر شهادات أبو أسامة الجزراوي، أحد قيادي جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي في سوريا، والتي حملت عنوان «هذه شهادتي»، ويكشف من خلالها كيف كانت المعارك بين التيارات الإرهابية في سوريا.
الجزراوي يُعد أبرز العناصر المقاتلة في صفوف تنظيم القاعدة بسوريا، ولقى حتفه في عملية انتحارية نفذها في 2015 أودها فيها بحياة العشرات من الأبرياء، لكنه ترك أسرار وكواليس عن الصدام بين داعش والقاعدة، وكيف كان تنظيم الدولة يدير معارك ضد نظرائه من التنظيمات الإرهابية.
في الجزء الثاني يكشف الجزراوي كيف كفّر قيادات داعش نظرائهم من التنظيمات الإرهابية، ومارسوا الظلم في أفج صوره مع غيرهم من مقاتلي التيارات الإرهابية، بل تعاملوا مع المنشقين عنهم أنهم مرتدين عن الإسلام فلاحقوهم بالقتل.
يقول الجزراوي إن تنظيم داعش رفض الدخول في الهيئات الشرعية وكان يُسميها بالهيئات الشِّركية، بل وكان قياداته تُكفرُ من يدخل فيها، وترفض المشاركة وتعتمد على محاكمها فقط، إذ يرون أن لهم السلطة في أرض الشام فقط، وأنهم من ينوب عن الله في أرضه، غير معتبرين ولا آبهين بالفصائل الأخرى.
يتابع الإرهابي الانتحاري: «كُلفت في أواخر شهر ذي الحجة من عام 1435هـ بأن أكون شرعيًا للحسكة (شرق سوريا)، فدخلتها على إثر خلافٍ سابقٍ مع الدولة وكان الوضع متوترٌ جدًا، وكنا نطلب منهم الجلوس لجلسات قضائية لإنهاء الخلاف ونزع فتيل الفتنة وكانوا يرفضون ذلك، وبعد أن اشتد الخلاف بيننا حضر شرعي الحسكة وبعض الأمراء في إحدى الجلسات ليتم الاتفاق على تشكيل المحكمة. فقالوا: نقبلُ بمحكمة يكون منا قاضي للحكم ومنكم قاضي للدفاع... حتى انفضّ ذلك اللقاء دون اتفاق».
أشار إلى أنه في ذلك بعد قتال الجماعات مع بعضها في حلب، تناقشوا في جبهة النصرة مع داهش في قضية المقاتل “أبي سعد” وكيف قتلوا، مضيفًا: «قالوا: ثبتت ردته.. فقلت لهم: ثبتت عند من؟.. قالوا: عند محاكم الدولة.. فقلت: هو ليس جندي عندكم، وهل ترضون أن نفعل بكم مثل هذا؟ نخطف أميرًا من أمرائكم ونقيم عليه الحد؟.. وقلت: أخذ الناس وقتلها غيلةً وغدرًا ليس من السياسة الراشدة وتلك المحاكم التي تحكم بهذا ليست شرعية وأشكك بها.. ولما قلتُ هذا غضبوا وأرعدوا وأزبدوا وقالوا: كيف تطعن بمحاكم الدولة التي من الساحل وحتى الرقة؟ لا يمكن أن نجلس معكم ونتفق حتى يعتذر عن طعنه بمحاكمنا (يقصدونني).. ثم قاموا من المجلس وخرجوا فأخذ الإخوة يكلمونهم ويذكرونهم بالله فرفضوا، ثم أتى إليّ الإخوة وقالوا: لا تكن حجرة عثرة دون حقن الدماء وإنهاء الخلاف؛ ولا بد أن تعتذر ولك بالنبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية أسوة وقدوة، فأتى شرعي الحسكة واسمه أبو محمد التونسي فقال: لا بد تعتذر فهذه محاكم شرعية تحكم بما أنزل الله.. فقلت له: وانتبه يرعاك الله.. محاكم الدولة التي تحكم بما أنزل الله أعتذر عن التشكيك بها.. حينها أبو محمد التونسي غضب واشتد غضبه وقال: لا تستثني... اعتذر منها كلها.. وقد كان ذلك اللقاء مشهود من أمير الحسكة والعسكري العام».
لفت المقاتل في جبهة النصرة خلال شهادته إلى ملاحقة داعش للمنشقين عنه والتوعد بالقتل، متابعًا: «التقيت بأحد الإخوة المهاجرين من الجزيرة وهو من جنود الدولة واسمه أبو عمر وذلك في أحد حواجزهم في مدينة الشدادي، فسلمت عليه ودعوته لزيارتي، ومن الغد حضر وجلسنا وبدأنا نتناقش ثم تطرقنا للخلاف بين الدولة والجبهة، وقبل خروجه قال لي: أريد أترك الدولة.. فقلت له: تبشر وسأرتب لك ذلك، فرتبت له، ثم خرج من المقر الذي كان يجلس فيه تسللًا وخفية الساعة 12 ليلًا، وكان خائف منهم جدًا، وبات عندي تلك الليلة في المضافة ومن الغد وبعد صلاة الفجر خرجنا مع مرافقة سيارة أخرى لدير الزور، وانضم للجبهة هناك وجلس مع الإخوة المهاجرين في مقرهم ثم أرسل بعد ذلك لحمص، ولمّا رجعت وجدت جنود الدولة مستنفرين في مدينة الشدادي وقد حضر ثلاثة منهم مسلحين للهيئة الشرعية وسألوا عني وتوعدوا وهددوا، وفي أحد المقرات أتى اثنين من عناصر الدولة وسألوني عن أبي عمر الجزراوي.. فقلت لهم: لا يريد الرجوع الدولة وقد انضم للجبهة.. ثم انصرفوا، وبعد تلك الحادثة صاروا يهددون بقتلي ويتوعدون؛ ويحذرون عناصرهم من الجلوس معنا أو السماع لما نقول؛ ومع ذلك فقد انشق منهم خلال تلك الفترة مجموعة من المهاجرين وكذلك من الأنصار، والذي وجدته ممن ترك الدولة تغييبهم عن حقيقة الخلاف وتدليس الوقائع وخصوصًا كلمة الفصل من الشيخ أيمن الظواهري والتشكيك بصحتها، وما إن نبين لهم ونوضح حتى يرجعوا ويتركوا بفضل الله، وأبو عمر الجزراوي مثالٌ لذلك».