من أعجب المباني.. قبة الصخرة في عيون الرحالة ابن بطوطة
في عام 1325، انطلق الرحالة ابن بطوطة في رحلاته من طنجة في طريقه إلى الحج، لكنه ظل ثلاثين عاما يرحل ويتنقل حول العالم ويسجل مشاهداته عن البلاد التي مر بها ويصفها وصفًا دقيقا ويدونها ويسجل معمارها وأنهارها وطباع أهلها في كتابه: «تُحْفة النُّظَّارِ في غرائبِ الأَمْصارِ وعجائبِ الأَسْفار»، ومن بين ما ذكر ابن بطوطة كان قبة الصخرة عندما نزل بأرض فلسطين.
يقول ابن بطوطة عن قبة الصخرة:
وهي من أعجب المباني وأَتْقَنها وأَغْرَبها شكلًا، قد توفر حظها من المحاسن، وأَخَذَتْ من كل بديعة بطرف، وهي قائمة على نشز في وسط المسجد، يُصْعَد إليها في دَرَج رخام، ولها أربعة أبواب، والدائر بها مفروش بالرخام أيضًا مُحْكَم الصنعة وكذلك داخلها، وفي ظاهرها وباطنها من أنواع الزواقة ورائق الصنعة ما يُعْجِز الواصف، وأكثر ذلك مغشى بالذهب، فهي تتلألأ نورًا وتلمع لمعان البرق.
يضيف ابن بطوطة: يَحَارُ بصر متأملها في محاسنها، ويقصر لسان رائيها عن تمثيلها، وفي وَسَطِ القبةِ الصخرةُ الكريمةُ التي جاء ذِكْرها في الآثار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عرج منها إلى السماء، وهي صخرة صماء، ارتفاعها نحو قامة، وتحتها مغارة في مقدار بيت صغير، ارتفاعها نحو قامة أيضًا، يُنْزَل إليها على دَرَج، وهنالك شَكْل محراب، وعلى الصخرة شباكان اثنان مُحْكَما العمل يُغْلِقان عليها أحدهما، وهو الذي يلي الصخرة من حديد بديع الصنعة، والثاني من خشب، وفي القبة درقة كبيرة من حديد معلقة هنالك، والناس يزعمون أنها درقة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.