مفيش مُستحيل على أبطال أكتوبر.. قصة مُسن يبلغ 73عامًا يحصل على الثانوية العامة بنسبة 60٪ .. بعد تجربتين من الفشل:«حُلمي كلية الحقوق» |صور وفيديو
قصة مُسن يبلغ 73عامًا يحصل على الثانوية العامة بنسبة 60٪: «حُلمي كلية الحقوق فالحياة قوانين واللي يفهمها يعيش مرتاح»
استقبلني استقبال الأب لابنته، رغم أنِّ كُل ما يُربطني به كان مُجرّد اتصال هاتفي عنّ طريق أحد مُدرسيه في الثانوية العامة لتحديد موعد لإجراء مُقابلة صحفية معه، كان حريص على الاستقبال الحَسِن، شعرت حقًا أنه والدي وأبًا للجميع وليس مجرّد لقاءً صحفيًا فحسب، رجل مُفعم بالأحلام والآمال والمُستقبل المُضِيء، لديه ثقة في النفس لاتراها في عشريني، وإصرار شديد على استكمال مسيرة علمه والتي لم يُحدد لها سنة دراسية مُعينة، ومثله في الحياة «هتسيب العلم هيسبك، والإنسان لازم يكون عنده هدف يامعيش».
لديه منبع طاقات كامنة لا تُرى، كأنها مُنحت له دون غيره، لم يَكُن طموحه الحصول على الثانوية العامة فحسب، بل حُلمه الالتحاق بكلية الحقوق وحتى الدراسات العليا وتسجيل رسائل الماجستير والدكتوراه، كان أول ما سمعته منه بعد تحية استقبالي بعزبته التي يعيش فيها، وبعد أنَّ باركت له، «الإنسان لازم يكون عنده هدف يا ميعش».
إنه قُرني محمد شعبان بُرعي، مواليد 1948م، 73عامًا، ابن عزبة الغُريب التابعة لمركز سنورس بمحافظة الفيوم، أول سبعيني يحصل على الثانوية العامة - شعبة أدبية، في مصر بمجموع 229 درجة بما يُعادل 58 %، بنظام المنازل، وذلك بعد تجربتين سابقتين على مدار سنوات مُتفرقة، فشل فيهما في الحصول على الثانوية العامة بسبب 3 درجات فقط في نظام السبعينات القديم، ولكن لم ييأس ولم يستسلم، ليس مجرّد رجل سبعيني حصل على الثانوية العامة فحسب، بل أصر إصرارًا كبيرًا بعد التجربتين أنِّ يخوض التجربة الثالثة في هذا السن وهذه المسؤولية الكبيرة لتربية أولاده والإلتزام في عمله، وهُنا يُحضرنا المثل الشعبي، «الثالثة تابته»، حيثُ مرَ بالأنظمة القديمة والجديدة في الثانوية بداية من نظام السبعينات وحتى البوكليت والبابل شيت.
قُرني محمد شعبان، لديه 4 من الأبناء، 3 بنات وولد، منهن اثنين حصلن على بكالوريوس الزراعة، والثالثة تخرجت من بكالوريوس التجارة، والرابعة في الثانوية العامة - الشعبة الأدبية، حيثُ نجحت هذا العام بمجموع269، حيثُ الصُدفة جمعت دراستها بالثانوية العامة مع ووالدها في نفس العام 2021.
حرب أكتوبر وتحقيق النصر، كان حافزًا قويًا لتحقيق حُلم قُرني، فهو أحد أبطال حرب أكتوبر، والذي كان له دورًا عظيمًا، حتى أخذ إصرار السادات على النصر في الحرب قدوة ومثالًا لإصراره في خوض تجربة الثانوية العامة للمرة الثالثة وبالفعل نجح بها، في ظل نظام البابل شيت الجديد، فكان يعمل بالنهار ويسهرحتى اقتراب أذان الفجر من أجل تحقيق طموحه.
قُرني محمد شعبان بُرعي، عمل موظفًا بالوحدة المحلية بمجلس مدينة سنورس، في الفترة من 1075-1998، ثم موظفًا بالوحدة المحلية لقرية بيهمو في الفترة من 1998-2008، بقسم حماية الأراضي، ورفض في ظل فترة عمله الفساد وحاربه حفاظًا على حقوق أملاك الدولة والأراضي الزراعية، رغم أنِّ الحياة لم تَكُن وردية تمامًا معه، بل فضّل أنِّ يعيش حياة بسيطة بمنزل تملئُه البساطة والجمال دون أنّ يقبل مالًا ليس من عرق جبينه، ثم تقاعد للمعاش وقرر أنِّ يفتح منحل بسنورس ليكون مشروعه ومدخل رزقه، وبعد أنِّ التحق أولاده بالتعليم الجامعي قررأنِّ يُكرر تجارب الثانوية العامة للمرة الثالثة رفقة أصغرأولاده التي درست معه في نفس العام.
القاهرة 24 التقى قُرني محمد شعبان بُرعي، صاحب أكبر نجاح تعليمي في مصر في سن الـ 73عبرَ بثًا مًباشرًا على الهواء.
قال قُرني محمد، حصلت على الشهادة الإعدادية عام 1975، بعدما حصلت على الدبلوم، حينها في ذاك النظام ثم التحقت بالثانوية عام 1981 ولم أوفق فيها، بسبب عجز 3 درجات في النظام القديم، ثم حاولت لم استسلم لليأس، لم تكن هذه المحاولة الأخيرة ففي التسعينات بدأ مرة ثانية خوض تجربة الثانوية العامة، بداية من سنة أولى إلى السنة الثالثة ولكن لم يوفق أيضًا بسبب عجز 3درجات في مجموع اللغات، إلى أنِّ وصل لهيئة التدريس بمدرسة الشهيد أحمدعبد العاطي الثانوية بنين بسنورس، وقدموا له تحفيز لم يجده على الإطلاق، وقرر خوض التجربة للمرة الثالثة، وحضر الحصص المدرسية دون أي مقابل، من الصف الأول للثالث حتى نجح بمجموع 229درجة.
قُرني محمد شعبان، كان أحد أبطال حرب أكتوبر أيضًا، واستخدم سلاح الإصرار في الحرب في تجربة الثانوية العامة، قال، كان لديّ إصرار في الثانوية العامة، مثل إسلوب واصرار السادات في حرب 73، دخلت الحرب وكنت لديّ إصرارشديد بعبور القناة حتى هزيمة العدو، وهذا هو من أعطاني الدفعة والحافز أنِّ أكون مُصرًا على تنفيذ وتحقيق هدفي في الثانوية العامة في هذا السن،:اللي شاف الانتصار في الحرب والإصرار بيكون عاوز يطبقه على حياته الشخصية بإصرار وعزيمة هكذا اتبعت ذلك لتحقيق حُلمي.
ويكمل: «مرينا بمواقف صعبة كثيرة في الحرب، وأصعب الموقف عندما عبرّنا القناة كأننا انتصرنا حينها، فكان من أصعب المواقف، لأننا تخوفنا من عدم عبور القناة بسبب ما رأيناه أمامنا من النابلم وخط بارليف والقناة، والنقاط القوية، والأسلاك الشائكة والغام، وخطي دفاع أول وثانِ، فاعتقدنا حينها عدم الاستطاعة والتمكن من العبور، ولكن بالإصرار تحقق، فلحظة عبور القناة للناحية الأخرى كان أفضل وأحلى لحظة وكأننا انتصرنا بالفعل، وهذا كان انتصار لوحده».
ومن انتصار حرب أكتوبر عُدنا نتحدث عن الانتصار الآخر في حياة قُرني، وهو انتصار الثانوية العامة، وماذا بعد، وماذا فعلت، أساله فَيُجيب:لم نذاكر معًا أنا وابنتي، كانت تذاكر في مكان وأنا في مكان، كان صاحبة أهداف أكثر مني، تذاكر نهارًا وليلًا، بينما كنت أذاكر ليلًا فقط لظروف عملي بالمنحل، ابنتي مجتهدة أكثر مني، وكنت أشجعها وأقول لها «خلي بالك من المادة دي»، وكانت تستجيب لكلامي، صُدفة حلوة جمعت دراستنا معًا، وحققت جزء من هدفي للوصول لكلية الحقوق، لإن كلية الحقوق تُقدم للدارس معلومة واسعة، وأنا أُفضل ذلك،كما تُقدم قوانين عن الحياة، كما أنِّ الثانوية العامة تضم مواد واسعة جدًا وقيمة في جميع المراحل، وسأكمل المسيرة في كلية الحقوق، لأنها ستعطيني مجالًا أوسع مابين قوانين وأساليب حياة، و«الحياة قوانين واللي يفهم القوانين يعيش مرتاح».
وتابع، إذا أعطاني اللّه العُمر سأكمل الماجستير طول ما أملك صحة وأمل، لا يمنعني شئ من تحقيق حُلمي، العلم ليس له حدود وليس له سن مُحدد، العلم من المهد للحد، العلم سيبقى ما دام الإنسان على قيد الحياة ومهما يتعلم لن يصل للدرجة الأخيرة في العلم، «هتسيب العلم العلم يسيبك».
«معنديش مواد صعبة مقابلتش مواد صعبة مفيش مادة وقفت أمامي، ومن المواد التي كُنت أذاكرها بشغف، المواد الفلسفية والجغرافيا، ومواد الثانوية العامة جميعها كل ما أقرأ فيها أستفيد، ولا يوجد مُفاضلة بين مادة وأخرى».. هكذا تحدث قُرني محمد.
الدروس الخصوصية في حياة عم قُرني
وعن الدروس الخصوصية، قال عم قُرني، لم أحصل على دروس خصوصية في الثانوية العامة، حافظت على حضور الحصص المدرسية مع المدرسين فقط ولم استعين بالإنترنت «محبش الإنترنت ولم أملك لي حساب على السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي»، كنت ملتزمًا استيقظ مُبكرًا وأحضر الحصص وأستاذن المدرسين لأحضر مُستمعًا فقط، «عُمر ما مدرس عارض حضوري بالمدرسة وعندما كانت تستوقفني معلومة، كنت أتصل هاتفيًا بمدرس المادة، قدموا لي مساعدة لا تُقدر بثمن».
ووجه رسالة للطلاب المعتمدين على الدروس الخصوصية، قائلًا: «الطالب الذي لديه إصرار النجاح يستطيع الاعتماد على الكتاب المدؤسي والحصص المدرسيية دون الدروس الخصوصية ويرجع ذلك لدرجة استجابة الطالب ممكن طالب يكون محتاج لدروس وهذا شئ غير سلبي بالتأكيد لإضافة معلومات أو معرفة نقاط معينه لم يركز فيها أكثر أو يرغب في زيادة الاستيعاب، وكل طالب يختلف عن الأخر من ناحية درجة استقبال المعلومات، كل طالب له عقلية معينه ويرجع للمدرس يشرحها له مرة واخرى حتى استعابها».
ومازال العم قُرني أساله فَيُجيب عن قصته المُلهمة،:شعوري عند إعلان نتيجتي كان لديّ شعور بعد الانتهاء من آخر الامتحانات بنجاحي وبنسبة أكبر من التي حصلت عليها، فحصلت على مجموع229 درجة، بنسبة تقدر 58% وكنت متوقع 65%، حصلت على 30 في مادة الفلسفة، وكنت أتمنى 50 درجة، فقررت أتظلم في الفلسفة، وفي انتظار نتيجة التظلم ولديّ أمل في الحصول على 10% في نتيجة التظلم، وأشعر بالرضا في باقي نتائج المواد، وأتمنى الحصول على درجات أخرى بعد التظلم حتى ألتحق بكلية الحقوق في تنسيق العام 2021.
أسرار تأجيل ما وراء الثانوية العامة:
روى العم قُرني، ظروف تأجيل تجربة الثانوية العامة حتى سن الـ73: أجلت تجارب الثانوية العامة لظروف أولادي وظروف حياتي كان وقتها أولادي يدروسوا في الجامعة فقررت انتظر لحين الانتهاء من دراستهم، وقدمت بعدهم، لأن هم أولى أعوّلهم وأصرف عليهم، «أهم حاجة أولادي، فلم تواجهني أية معوقات في الثانوية العامة سوى أنَّ هذا التوقيت توفيت دراسة أولادي، وبع ما التحقوا بالجامعة بدأت دراستي في الثانوية العامة، كنت أنظم بين عملي ودراستي كنت بذاكر لحد الساعة الثانية صباحًا».
البابل شيت
قال قُرني، إنَّ نظام البابل شيت نوع من البوكليت، نظام جيد «عاوز اللي فاهم اللي يطلع الإجابة الأدق والأشمل من وسط 4 إجابات متشابهين، ولم أُدرب على البابل شيت لكن قرأت التعليمات والإرشادات في اللجنة، ووفقت فيه واستوعبت المطلوب ولم أستعين بالمراقبين، قرأت ونفذت وطبيعي تحدث لغبطة لكن تجاوزت سريعًا».
وفي ختامه، قال:«جربت في تجارب الثانوية العامة النظامين البوكليت والبابل شيت، ولكن البابل أفضل لأنه نظام يجمع بين النظامين، ولكن عاوز فهم واستيعاب للمنهج والدرس، «اللي مستوعب دول هيجيب الإجابة الصح».
ووجه قُرني، رسالة شكر للمدرسين: المدرسين بمدرسة الشهيد أحمد عبد العاطي بنين الثانوية العامة بسنوىس، أعطوني الدافع الأكبر والدافع الأقوى».
والتقى عدسة القاهرة 24، طارق سيد علي حسن، وكيل شئوون الطلبة بمدرسة الشهيد أحمد عبد العاطي بسنورس الثانوية بنين إدارة سنورس التعليمية، ومُدرس أول أحياء بالمدرسة، ليُطلعنا على تفاصيل أكثر عن قصة عم قُرني، وكيف بدأت حياته السبعينية مع الثانوية العامة قال:«أعرف عم قُرني مُنذ نحو 20 سنة كان يحاول دائمًا الحصول على الثانوية العامة، وعندما جاء إلى المدرسة في المرة الأولى لتقديم ثانوية عامة منازل، سألناه، لأن فرق السن كبير وكانت حكاية مُلفتة للنظر، ووجدنا إصرار شديد، وعلمنا أنَّه كان لديه تجربتين ماضيين قبل الحصول على الثانوية العامة الأخيرة، التجربة الأولى كانت في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وقتما كان النجاح في اللغات بدمج مجموع الإنجليزي مع الفرنساوي، فكانت الدرجة للمادتين من 100درجة، 40 درجة في للفرنساوي، و60 للإنجليزي، وكان ممكن الطالب ينجح مادة منهم ويكون راسب في أخرى، ولكن درجات المادة الذي ينجح فيها تشيل الثانية في المجموع الكُلي لمجموعة اللغات، عم قُرني في هذه المرحلة نجح في سنة أولى وثانية وفي ثالثة عاد السنة بسبب نقص في 3 درجات من مجموعة اللغات فرنساوي وإنجليزي، ولكن القصة لم تنتهي».
وأستكمل مُدرس أول أحياء، قصة عم قُرنبءي لم تنتهي، فقدم مرة ثانية من سنة أولى ونجح في أولى وثانية، ووصل لثالثة في ظل نظام جديد في التسعينات وكان مُضطر يُدخل لغات مرة أخرى وكانت اتلغت فكرة تكميم مجموعة اللغات فرسب مرة أخرى في مادة اللغة الإنجليزية بفرق بسيط جدًا 3 درجات.
وتابع، من الطبيعي أي شخص ييأس بعد محاولتين من الفشل، خاصةً في هذا السن ومسؤولية الأبناء ومسؤولية العمل الوظيفي، واقتراب دخول الأولاد الجامعة، مع ضغوط الحياة العادية، ولكن لديه إصرار وأمل ورغبة في التعلم، فقرر يقدم مرة ثالثة في ظل نظام تعليمي جديد، ونجح في سنتين أولى وثانية، وبدأ في الشهادة ونجح وحصل على الثانوية العامة بمجموع 229درجة.
وأضاف، كنا نتعامل مع عم قُرني، كوالدنا وأخ أكبر، احترام بالغ للسن، حيث ما زالنا في الريف نقدس السن: «أي حاجة كان بيطلبها محدش من المدرسين أتأخر عليه خاصةً كنا نعلم اجتهاده بمذاكرته دون الاعتماد على الدروس الخصوصية أو الكتب الخارجية، اعتمد على الحصص والمدرسية والكتاب المدرسي أو أوراق بها معلومات من مدرسين، ولم يتعامل مع المنصات التعليمية، فقط تعامل مع إصراره والكتاب وشغفه بالتعليم».
وأردف، قابلت نماذج كثيرة من الطلاب المجتهدين واستطاعوا بالاعتماد على أنفسهم دون الاعتماد على الدروس الخصوصية، أو الكتب تحقيق أهدافهم، ومن خلال 29 من العمل المتصل التعليمي لا يوجد مطلق أنَّ الدرس الخصوصي أو الكتاب الخارجي هو الطريق للتفوق والنجاح، في النهاية الكتاب المدرسي يدونه خُبراء في التعليم ولكن في بعض المراحل يحتاج أحيانًا الطالب لتوجيه وممكن يحصل عليه من خلال المدرسة وحضوره اليومي.
واختتم وكيل شئوون الطلبة بمدرسة الشهيد أحمد عبد العاطي بنين الثانوية العامة، حديثه مع القاهرة 24، قائلًا:«قُرني نموذح مُهم ومُلهم، وإذا توفرت الفرصة سنقابل أكبر شخص يُقدم على دراسات عليا، أصبح قدوتنا في الإصرار، فمُنذ سنتين واجهتني مشكلة صحية، وألزمت بالامتناع عن التدخين، فاستنعت بنموذج إصرار عم قُرني، وبالفعل امتنعت عنه.
واختتم قائلًا: دار حديث بيني وبين أحد الأصدقاء لا هذا الحديث عم قُرني، فقد سألني صديق، هتقدر تبطل تدخين؟، قولتله هبطل عم قُرني بيدرس ثانوية عامة، أنا مش هقدر أبطل تدخين!.