كيف نجحت مصر في تأمين عبور ملايين الطيور المهاجرة إلى إفريقيا؟
تقع مصر في ثاني أهم مسار لهجرة الطيور الحوامة في العالم، وهو مسار هجرة البحر الأحمر، يعبر كل عام نحو 2 مليون طائر في موسمي الربيع والخريف من أوروبا وآسيا إلى إفريقيا، والعكس عند العودة إلى مواطنها الأصلية أو أماكن التعشيش.
كشف الدكتور أسامة الجبالي، مدير مشروع صون الطيور الحوامة التابع لقطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، عن الإجراءات التي تتخذها مصر لحماية الطيور المهاجرة، وكيف طبقّت أعلى المعايير الدولية لتأمين مسار هجرتها كل عام؟.
أضاف الجبالي في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن هناك ملايين الطيور التي تعبر كل عام عبر الجسر المصري في أعداد كبيرة تصل إلى عشرات الآلاف، حيث يبدأ موسم هجرة الربيع من شهر فبراير حتى مايو، وفي الخريف من أغسطس إلى شهر نوفمبر.
تابع: تتعرض الطيور في مسار هجرتها لمخاطر كبيرة للغاية من صنع البشر مثل محطات طاقة الرياح وخطوط نقل الكهرباء والتلوث بأشكاله المختلفة، بالإضافة إلى الصيد الجائر أو باستخدام وسائل محظورة قانونًا، أو التسمم الذي يتسبب في قتل أعداد كبيرة من الطيور.
الغلق عند الطلب
من أجل حماية ملايين الطيور التي تهاجر إلى إفريقيا من خلال مصر، تم إنشاء مشروع صون الطيور الحوامة على عدة محاور منها: التعاون مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وإنشاء برامج للغلق الجزئي لمحطات طاقة الرياح المنتشرة بخليج السويس وجبل الزيت التي تقع في مسار هجرة الطيور بعض الوقت، حسب الدكتور أسامة الجبالي.
أوضح أن الغلق الجزئي لتلك المحطات ساهمت في حماية الطيور إلى جانب توفير الكهرباء، مؤكدا أن هناك خبراء يراقبون حركة الطيور المهاجرة ومعرفة أنواعها وأعدادها، وبمجرد تحقيق معيار الغلق، يعطون أمرًا بإعادة تشغيل توربينات الهواء مرة أخرى، مشيرًا إلى أن مدة الغلق تعتمد على الفترة التي يهبط فيها الطيور إلى المحطات سواء للاستراحة أو للغذاء.
مدير مشروع صون الطيور الحوامة، أكد أن برنامج الغلق الجزئي يعمل منذ عام 2015 وحتى الآن، ونجح في حماية الطيور خلال عبورها الأجواء المصرية، خصوصًا أن هناك بعض الأنواع تأخذ محطات الرياح كمحطات للاستراحة والتزود بالغذاء، فكان لا بد من اتخاذ إجراءات حاسمة لصون الأنواع المختلفة.
استكمل: مصر طبقّت أعلى المعايير الدولية لتأمين مسار هجرة الطيور على مستوى العالم، في عملية الغلق عند الطلب لمحطات طاقة الرياح، ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة عبّرت عن سعادتها لفقدها كهرباء قليلة، وهو ما فتح مجال عمل جديد للشباب.
أبراج الضغط العالي والصعق الكهربائي
تنتشر خطوط نقل الكهرباء المرتبطة بمحطات طاقة الرياح على ساحل خليج السويس، وتُشكل خطرًا على الطيور المهاجرة عن طريق إما الاصطدام المباشر بالخطوط، أو التعرض للصعق الكهربائي وبالتالي موتها.
الجبالي أشار إلى إبرام بروتوكول تعاون مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء المسؤولة عن إنشاء أبراج التيار العالي، لحماية الطيور الحوامة خلال مسار هجرتها من المخاطر التي تواجهها نتيجة خطوط الكهرباء، بعدة إجراءات وهي، أولًا: الابتعاد عن المناطق شديدة الحساسية للطيور ذات الكثافات المرتفعة، ثانيا: تمييز خطوط الكهرباء بعواكس تتعرف عليها الطيور مثل الكرات الملونة أو عواكس ضوئية.
مدير مشروع صون الطيور الحوامة بوزارة البيئة، لفت إلى أن وزارة البيئة ومشروع صون الطيور عقد سلسلة اجتماعات مع الشركة المصرية لنقل خطوط الكهرباء، بعيدًا عن مسار رحلة الطيور، وبالفعل وافق مسؤولي الشركة، مؤكدًا نجاح الإجراءات المتبعة مع قطاع الكهرباء لتوفير مسار آمن لهجرة الطيور التي تمثل مصر أهمية كبرى لها.
أضاف أن مشروعات طاقة الرياح وغيرها تمول أغلبها من بنوك دولية، وتضع الأخيرة إرشادات ومعايير ملزمة لحماية الحياة البرية، لكن تلك البنوك أكدت أن مصر تُطبق معايير أقوى وأكثر كفاءة لحماية الطيور المهاجرة على مُستوى العالم، وفقًا للمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها.
تدريب الشباب
خلال حديثه، نوه أسامة الجبالي، بتدريب الشباب والكوادر الطبية من السكان المحليين برأس غارب، وطلاب وخريجي الجامعات من كليات الطب البيطري والعلوم والزراعة على مراقبة الطيور وتصنيفها وتعريفها لسدة الفجوة ونقص الخبرات في هذا المجال، بالإضافة إلى تدريب على معايير الغلق عند الطلب.
مدير مشروع صون الطيور الحوامة، أوضح أنه تم إنشاء مركز بجبل الزيت بمحطات الرياح التابعة لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة؛ من أجل تدريب أعداد كبيرة من الشباب كل موسم هجرة وتأهيلهم لسوق العمل.