الأغذية المعدلة وراثيًا.. جدل لا ينتهي حول مخاطرها على صحة المستهلكين
جدل لا ينتهي حول استخدام الأغذية المعدلة وراثيًا سواء على مستوى العالم أو محليًا في مصر، وحسب الموقع الرسمي للهيئة القومية لسلامة الغذاء المصرية فإن مصر ستنشئ إطارًا تنظيميًا تكون الهيئة القومية لسلامة الغذاء (NFSA) سلطة مختصة لإجراء تقييم سلامة الأغذية المحورة وراثيًا ووفقًا للمادة (3) من القانون رقم 1/2017، والهدف الرئيسي لـ(NFSA) هو تلبية متطلبات سلامة الغذاء للحفاظ على صحة وسلامة البشر.
يشير موقع الهيئة القومية لسلامة الغذاء المصرية الذي يرأسها الدكتور حسين منصور إلى أن تحدد إجراءات وقواعد تسجيل وترخيص وتداول الأغذية المحورة وراثيًا (GMOs) والأغذية التي تحتوي على مكونات محورة وراثيًا فيما يتعلق بسلامة الغذاء، وفقًا لهيئة الدستور الغذائي (CAC) والمعايير المعتمدة من قبل الهيئات الدولية، كما أن (NFSA) مسؤولة عن وضع الإجراءات اللازمة لتقييم المخاطر وتحليلها واستخدامها وإدارتها والتواصل بما في ذلك تحديد أولويات التفتيش وفقًا لمعايير المنظمات الدولية ذات الصلة.
علاوة على ذلك اقتراح وإبداء الرأي في مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية ذات الصلة المتعلقة بسلامة الغذاء وتنظيم تداول الأغذية. كذلك إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بسلامة الأغذية من أجل جمع البيانات العلمية والتقنية ذات الصلة.
وكما هو موضح بالموقع فإنه الهيئة القومية لسلامة الغذاء هي المسئولة عن إجراءات وقواعد تسجيل وترخيص وتداول الأغذية المحورة وراثيًا.
الدكتور سعيد خليل، مستشار وزير الزراعة السابق، أستاذ الهندسة الوراثية بمركز البحوث الزراعية، يحذَّر من خطورة الأغذية المهندسة وراثيًّا على الصحة العامة للمواطنين، خاصةً أنَّها تُصيب الإنسان بأمراض خطيرة، مشدِّدًا على أنَّه لا بد من إنشاء معامل بوزارة الزراعة؛ للتعرُّف على مخاطر هذه الأغذية على صحة الإنسان والحيوان.
لا توجد معامل للكشف عنها
لفت إلى أنَّ هذه المعامل غير متوافرة حاليًّا في مصر، وأنَّ الإقبال على صدور قانون الأمان الحيوي الذي تتبناه وزارة الزراعة حاليًّا دون إنشاء هذه المعامل يُعد خطوة خطيرة لها تأثيرات بالغة على صحة الإنسان والحيوان في مصر.
أضاف، في تصريحات لـ«القاهرة 24»، أنَّ هناك أغذية مهندسة وراثيًّا تدخل مهربة إلى مصر عبر دول مجاورة، مشيرًا إلى أنَّ أهم الأغذية المهندسة وراثيًا التي تدخل إلى مصر هي الخيار والفاصوليا والطماطم والكانتلوب، فضلًا عن الذرة الصفراء، لافتًا إلى أنَّ هذه الأغذية والمنتجات الزراعية لم يتم تسجيلها في مصر وغير مسموح بتداولها نتيجة التلاعب في المادة الوراثية لهذه المنتجات، مطالبًا بضرورة أن يكون للمستهلك حق معرفة طبيعة هذه المنتجات وأن يكتب عليها ما إذا كانت محورة وراثيًا من عدمه حتى يكون هو صاحب الاختيار في تناولها أم لا.
من جانبه، حذَّر الدكتور سرحان عبد اللطيف، أستاذ الاقتصاد الزراعي، الباحث بمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، من خطورة تطبيق الهندسة الوراثية على الأغذية في مصر.
أكَّد سرحان، في تصريحاتٍ لـ«القاهرة 24»، أنَّ الأغذية المهندسة وراثيًّا لها خطورة كبيرة على صحة المصريين، وأنَّ هناك عددًا من الدراسات العلمية الصينية التي تحذر من إصابة هذه الأغذية للإنسان بالسرطان والعقم وتشوه الأجنة والشيخوخة وفقد المناعة خلال خمسة سنوات.
أوضح أنَّ هذه المنتجات الغذائية تدخل مصر حاليًّا بطرق غير شرعية، متابعًا: «للأسف ليست لدينا أجهزة تكشف نوع الأغذية وما إذا كانت معدلة وراثيًّا أم لا، ونتيجة النقص الحاد في المحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح والذرة، فإنَّ هذه المنتجات تهرب إلى مصر».
تابع: «بعض الدول الأوروبية تصدر لنا هذه الأغذية، فيما تحظرها على مواطنيها»، موضحًا أن مخاطر هذه الأغذية تظهر مع الوقت، وعلى المدى الطويل، نتيجة تراكمها داخل جسم الإنسان.
عالميًا تزرع المحاصيل المحورة وراثيًا على نطاق واسع في الأمريكتين وقارة آسيا انقسم الرأي بشأنها في أوروبا، إذ تعارضها عدة دول منها فرنسا وألمانيا فيما تؤيدها دول أخرى مثل بريطانيا.
تخوض جماعات الدفاع عن البيئة حاليًا جولة جديدة من الصراع في أعقاب قرار الاتحاد الأوروبي السماح للدول الأعضاء بأن تضع بنفسها القواعد الخاصة بزراعة المحاصيل المعدلة وراثيًا.
ويقول أنصار حماية البيئة ممن يحبذون حظر المنتجات المحورة وراثيًا إن المحاصيل لم تختبر بدرجة كافية؛ ما يشكل مخاطر صحية على المستهلكين، وما يتيح لمجموعة من الشركات قدرًا كبيرًا من السيطرة على الإمدادات الغذائية.
وبدأت ألمانيا باتخاذ إجراءات نحو حظر استخدام المحاصيل المعدلة وراثيًا، في خطوة سبقتها إليها اسكتلندا، من أجل حماية البيئة والمحافظة على نظافتها وخضرتها.
معارضة دولية للأغذية المعدلة وراثيًا
ستسمح القوانين الجديدة لكل ولاية ألمانية، على حدة، بمنع مزارعيها من استخدام البذور والمحاصيل المعدلة وراثيًا، حتى وإن حصلت هذه المحاصيل المعدلة على موافقة الاتحاد الأوروبي من حيث مطابقتها لمواصفات الصحة والسلامة.
أن المحاصيل المعدلة وراثيًا تنتشر في الولايات المتحدة ودول آسيا بشكل واسع النطاق، غير أن الدول الأوروبية منقسمة حيالها، فبريطانيا تؤيد استخدامها، وتعارضها فرنسا وألمانيا.
وشارك ناشطون من 673 مدينة حول العالم في مسيرة عالمية بشكل متزامن بالتشارك مع الناشطين الأمريكيين المنظمين لهذه المسيرة في عديد من الولايات الأمريكية ضد شركة مونسانتو العملاقة المسيطرة على البذور المعدلة جينيًا التي تفرض محاصيلها على العالم.
انطلقت الحملة على إثر إقرار الكونجرس الأمريكي لما يسمى “قانون حماية مونسانتو” وهو القانون الذي يحظر على المحاكم إدانة شركة مونسانتو وسحب البذور المعدلة وراثيًا من السوق.
واشتعل الجدل من جديد بعد تهديدات شركة مونسانتو بإقامة دعوى قضائية ضد ولاية فيرمونت الأميركية بسبب سعيها لفرض ملصق المنتجات المصنعة من الأغذية المعدلة جينيًا، ووضع العلامات أو ملصق الكائنات المعدلة وراثيًا.
والمشكلة، حسب خبراء في علم النبات، فإن الشركات التي تقود تطوير هذه المنتجات في العالم أجمع، لا يهمها سوى الربح، ولها قوة كبيرة قد تؤدي إلى التدخل في مسار البحث العلمي في هذا المجال، والحجر على الاكتشافات العلمية، وأن قوة هذه الشركات وصلت إلى أنها قد طالبت عن طريق علمائها بسحب مقال علمي من دورية نيتشر نُشر في سبتمبر 2012 أشار إلى أن الذرة المعدلة وراثيًا تسببت في إصابة فئران التجارب بالأورام.
وأثارت المقالة العلمية الصاعقة كثيرًا من الجدل حول سلامة الأغذية المعدلة وراثيًا، كما أثارت مخاوف من تسلل جماعات ضغط لصالح الشركات المنتجة للأغذية المعدلة إلى الصحافة العلمية العالمية بعد أن تعرضت لكثير من الانتقادات والتحقيقات التي استمرت عامًا، كاملًا، وخلصت في النهاية إلى أن مضمون الدراسة دون المستوى العلمي. واعتبر الكثيرون أن سحب هذه الدراسة جاء نتيجة لتخوف الشركات المنتجة للأغذية المحورة وراثيًا من فقد مكاسبها الكبيرة، وآثار آخرون مخاوف من تسلل جماعات ضغط لصالح المنتجات المعدلة وراثيًا إلى الصحافة العلمية فلا يخفى على أحد تأثير هذا البحث على المستهلكين بالذات في وقت تندر فيه مثل هذه الدراسات.
أغذية الهندسة الوراثية هي أغذية الرعب كما يسمونها في أوروبا، وظهرت للمرة الأولى في الأسواق في عام 1996، وكان من بينها فول الصويا والذرة وزيت الشلجم والأرز وزيت بذرة القطن، ثمَّ دخلت عديد من هذه المنتجات إلى الأسواق العربية كفاكهة وخضراوات غريبة الشكل وغير تقليدية.