هل تنجح الجهود الدبلوماسية في إطلاق جولة مفاوضات فلسطينية إسرائيلية جديدة؟
تستضيف القاهرة، اليوم الخميس، قمة ثلاثية مصرية أردنية فلسطينية مشتركة، لا تخرج عن سياق التحركات الدبلوماسية المكثفة التي شهدتها المنطقة مؤخرا للدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط ومحاولة إحيائها وإعادة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى، سعيا لحل القضية بناء على أسس مستمدة من القانون الدولي والقرارات ذات الصلة.
شرارة التطورات انطلقت من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة ورد الفصائل الفلسطينية، في شهر مايو الماضي، والتي أنذرت بتدهور الأمور إلى منحدر قد تنجم عنه عواقب كارثية، ما دفع الإدارة المصرية إلى التحرك العاجل لتهدئة الأمور واحتواء التصعيد الخطير، لكن مع التشديد على ضرورة التوصل إلى حل دائم وجذري يضمن الاستقرار في المنطقة.
وعقب أيام من نجاح الجهود المصرية في التهدئة بقطاع غزة، والتي تمت بدعم أمريكي، بحث الرئيسان عبدالفتاح السيسي، والأمريكي جو بايدن، في اتصال هاتفي بينهما، سبل إحياء عملية السلام في أعقاب التطورات الأخيرة، ودعم تثبيت هدنة وقف إطلاق النار وجهود إعادة إعمار غزة، وفق بيان الرئاسة المصرية.
وإلى ذلك صرح الرئيس السيسي، خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أواخر مايو الماضي، بأن تطورات الأحداث الأخيرة تؤكد أهمية العمل بشكل فوري لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بانخراط أمريكي فاعل لعودة الطرفین مجددا إلى طاولة الحوار، مشددا على أن موقف مصر ثابت من هذه القضية وهو ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وفق المرجعيات الدولية.
وفي هذا الإطار شهدت المنطقة تحركات مكثفة مؤخرا، حيث زار وزير الخارجية الأمريكي إسرائيل للقاء المسؤولين هناك ثم توجه إلى الضفة الغربية حيث التقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثم أجرى ويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، جولة جديدة للمنطقة شملت مصر وفلسطين وإسرائيل.
ترميم جسور التواصل
التحركات الأمريكية لإعادة بناء جسور الثقة والتواصل مع السلطة الفلسطينية، بعد تأزم العلاقة في ظل الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، لم تقتصر على زيارات مسؤوليها فقط، لكن واكب ذلك خطوات وتصريحات تؤكد التزام الإدارة الجديدة بحل الدولتين وتقديم المساعدة للشعب الفلسطيني، حيث تعهدت الخارجية الأمريكية بتقديم 360 مليون دولار إلى الشعب الفلسطيني وعودة مساعدة منظمة الأونروا، والتأكيد على أن مقاربة ترامب، غير ناجحة في حل الصراع.
وجاءت التحركات الدبلوماسية المكثفة جاءت بالتزامن مع تغير الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، اليميني المتطرف، وقدوم حكومة جديدة مختلطة تضم أطيافا عدة، لكنها فتحت بالفعل قنوات التواصل مع الفلسطينيين.
ومساء الأحد الماضي، استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني جانتس، في رام الله، في أول لقاء رفيع المستوى بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ تولي الحكومة الجديدة، وبحث الطرفين العلاقات بينهما من كافة الجوانب.
وقبل ذلك زار رئيس المخابرات العامة المصرية، الوزير عباس كامل، مدينة رام الله الفلسطينية، حيث التقى بالرئيس محمود عباس، كما التقى في تل أبيب برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، وذلك لمتابعة الجهود المصرية في إطار عملية السلام بين الطرفين.
ولا تنفصل هذه التحركات عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى واشنطن مؤخرا ولقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن، ومن قبله العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي زار الولايات المتحدة في يوليو الماضي.
ماذا نتوقع من القمة الثلاثية؟
ومع انعقاد القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية في القاهرة اليوم، يتوقع الخبراء أن تنجح في سعيها إلى دفع الإدارة الأمريكية للانخراط في عملية جديدة للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى إجبار الحكومة الإسرائيلية على التجاوب مع عملية السلام.
وتأتي القمة قبل أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي سيلقي فيها الرئيس الفلسطيني كلمة بلاده، وستكون كلمة هامة، وهو ما يستلزم تنسيق المواقف مع الدول المعنية مصر والأردن، فضلا عن تأكيد التضامن والدعم لفلسطين في هذا التوقيت، وفقا للدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية.
وأضاف فهمي لـ القاهرة 24، أن القمة تهدف إلى إعادة تقديم القضية الفلسطينية للمجتمع الدولي، وإدخال الولايات المتحدة للمفاوضات، والتأكيد على حل الدولتين بالتزامن مع استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعد التطورات الأخيرة التي شهدتها القضية.