هل يجوز قضاء الصيام عن المتوفى؟.. دار الإفتاء تجيب
كشفت الأمانة العامة لدار الإفتاء المصرية، حكم الدين في قضاء الصيام عن المتوفى، وذلك ردًا على سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي.
استقبلت دار الإفتاء سؤالًا يقول صاحبه: «توفيت أمي ولم تكن قد قضت أيام إفطارها في رمضان بسبب حيضها في سائر عمرها، وكل أولادها يعلمون هذا، وقد تركت مالًا، فهل نكفر عنها من هذا المال؟».
وقالت دار الإفتاء، إذا أفطر الصائم بعذر واستمر العذر إلى الموت فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يصام عنه ولا فدية عليه؛ لعدم تقصيره، ولا يلحقه إثم؛ لأنه فرض لم يتمكّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه، كالحج، مؤكدة أنه إذا زال العذر وتمكن من القضاء ولكنه لم يقض حتى مات فللفقهاء فيه قولان: فالجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة، يرون أنه لا يُصام عنه بعد مماته، بل يُطعم عنه عن كل يوم مد؛ لأن الصوم لا تدخله النيابة في الحياة، فكذلك بعد الوفاة؛ كالصلاة.
وأضافت أن أصحاب الحديث وجماعة من السلف كطاوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور، والإمام الشافعي في القديم، وقول أبي الخطاب من الحنابلة، ذهبوا إلى أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه، وزاد الشافعية: ويجزئه ذلك عن الإطعام، وتبرأ به ذمة الميت، ولا يلزم الولي الصوم بل هو إلى اختياره وإن كان أَولى من الإطعام؛ مستشهدة بما رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّه»، ورويا أيضًا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».
تابعت «أما الإمام أحمد والليث وإسحاق وأبو عبيد فقالوا: لا يُصام عن الميت إلا النذر فقط؛ حملًا للعموم في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها على خصوص حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي بينت رواياته أنه صوم نذر»، مشيرة إلى أن المراد بالولي الذي له أن يصوم عن الميت: القريب مطلَقًا، ويجوز للأجنبي عن الميت أن يصوم عنه بإذن ولِيه.
وأوضحت أن الإمام النووي قال في «شرح مسلم»: «وهذا القول -يعني جواز قضاء الصوم الواجب عن الميت مطلَقًا- هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحدِيث؛ لهذه الأحادِيث الصحيحة الصرِيحة».
وأشارت دار الإفتاء إلى أن الحدِيث الوَارِد: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ أُطْعِمَ عَنْهُ» فليس بثابت، وَلو ثبت أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث بأن يُحمل على جواز الأمرين؛ فإن من يقول بالصيام جوز عنده الإطعام، فثبت أن الصواب المُتعين تجويز الصيام وتجويز الإطعام، والولي مُخير ينهما، والمُراد بالولي: القَرِيب، سواء كان عصبة أو وارثًا أو غيرهما، وقبل: المُراد الوارث، وقيل: العصبة، والصحيح الأول، ولو صام عنه أجنبي إِنْ كان بإذن الولي صح وإِلا فلا في الأصح، ولا يجب على الولي الصوم عنه، لكن يُستحب».
وأضافت: «بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فأنتم مخيرون بين الصيام عن أمكم وبين أن تطعموا عن كل يوم أفطرته ولم تقضه مسكينًا، ومقداره مد عند الشافعية، وهو نحو نصف كجم من بر أو قمح أو تمر أو غير ذلك من قوت أهل البلد، فيمكنكم حساب عدد الأيام وتقسيمها عليكم صومًا أو إطعامًا، ولا مانع من إخراج القيمة في الإطعام».