وزير الأوقاف: نهدف إلى تدريب 60 ألف إمام ومعلم على مواجهة التطرف الفكري
نظمت وزارة الأوقاف، اليوم السبت، ندوة بعنوان «بناء الوعي وأثره في استقرار الدول»، بالقاعة الرئيسية بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين بمدينة السادس من أكتوبر، وذلك في إطـار التعاون والتنسيق المـستمر بين الوزارة، والـمجلس الأعلى للإعلام، ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، في ملـف تجـديـد الخطـاب الديـني.
ففي ظل مراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي، شارك في الندوة الوزير الدكتور محمد مختار جمعة، وصالح الصالحي وكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام نائبًا عن كرم جبر رئيس المجلس، وماهر عباس مدير تحرير صحيفة الجمهورية نائبًا عن رئيس تحريرها عبد الرازق توفيق، والدكتور محمود فؤاد مستشار التربية الدينية بوزارة التربية والتعليم، والدكتور أيمن أبو عمر وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة، وعدد من الأئمة والإعلاميين.
من جانبه، أعرب جمعة عن سعادته وترحيبه بالحضور في هذا اللقاء الوطني التوعوي التثقيفي، وهو بناء الوعي وأثره في بناء واستقرار الدول، وقال إنَّ ما يُميِّز هذا اللقاء أنّه تطبيق عملي لما ينادي به كثيرٌ من المتخصصين والمفكرين والأكاديميين والعلماء، من أهمية تضافر جميع جهود مؤسسات الدولة في قضية بناء الوعي من أهم القضايا والتحديات المعاصرة.
هذه الندوة - وفق جمعة - تمثل تضافر مؤسسات الدولة، حيث تمَّ عقد عدد من الدورات التدريبية مع التربية والتعليم في تنمية مهارات معلمي التربية الدينية، إضافة إلى التعاون المثمر مع المجلس الأعلى للإعلام والمؤسسات المعنية ببناء الوعي، إذ يتم تنظيم ثلاث مسابقات سنويًا في هذا الإطار، والعمل مع وزارات الثقافة والشباب والرياضة والتعليم العالي يدًا بيد في بناء الوعي.
بالإضافة إلى ذلك، أشار الوزير إلى عقد دورات مشتركة لمعلمي التربية الدينية لرفع الوعي الديني الرشيد، من خلال تدريب 30 ألف معلم تربية إسلامية خلال العام الحالي في الدورات المشتركة بين الأوقاف والتربية والتعليم، إضافة إلى برامج تدريب 30 ألف معلم، بينما المستهدف هذا العام تدريب 60 ألف إمام ومعلم على مواجهة التطرف الفكري.
جمعة أشار أيضًا إلى ضرورة تكثيف الدورات التدريبية المتخصصة، وبخاصة في مجال السوشيال ميديا وتكنولوجيا المعلومات، مؤكدًا أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، فيمكن أن تستخدم لبناء الوعي من قبل أبناء الوطن المخلصين، في مواجهة أهل الباطل الذين لا يعملون إلا في غياب أهل الحق، وفق تعبيره.
الوزير أكّد عقد دورات إقليمية ودورات مركزية رئيسة، وقال إنَّ منهج بناء الوعي لدى الإمام هو نفس المنهج الذي يتم تطبيقه لبناء وعي المعلم، وذلك لبناء ثقافة الأخلاق والقيم الإنسانية في المجتمع، لنشر ثقافة الدين الصحيح، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، مبينًا أن مهمة الإمام والمعلم هي رسالة، ولكن يسبقها حاله بين الناس، مستدلًا بالقول «حال رجل في ألف، خير من كلام ألف رجل لرجل»، إذ يقول الشاعر:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيْرَهُ.. هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى.. كَيْمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
وَأَرَاكَ تُصْلِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا.. أَبَدًا وَأَنْتَ مِنَ الرَّشَادِ عَقِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ.. عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا * فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقْبَلُ مَا تَقُولُ وَيُقْتَدَى.. بِالعِلْمِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
ويقول الآخر:
أَعَـلِـمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَـبـنـي وَيُـنشِئُ أَنفُسًا وَعُقولا
الوزير أشار إلى إعداد الأئمة والمعلمين لينهضوا بحمل هذه الرسالة، وحذّر من السلبية المقيتة، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يكُنْ أحَدُكمْ إمَّعَة، يقول: أنا مع الناس، إن أحْسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساؤوا أن تجتنبوا إساءتهم"، فعلينا أن نخلص النية لله سبحانه، قال تعالى: "إن أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».
بدوره، قدّم صالح الصالحي وكيل المجلس الأعلى للإعلام الشكر لوزير الأوقاف على إتاحته الفرصة للمشاركة في هذا اللقاء، الذي يأتي ضمن سلسلة لقاءات مثمرة تهدف لتعظيم المشاركة المجتمعية في مختلف المجالات، والتواصل بين الأئمة والواعظات والجهات الإعلامية لتعزيز التواصل الفعال في بناء وعي المواطن المصري وخدمة المجتمع وتحقق الأمن الفكري والوطني والثقافي، ومواجهة التحديات، مؤكدًا أنّ رسالة الإسلام جاءت لتحفظ للبشرية أمنها وثقافتها ووسطيتها التي فطر الله تبارك وتعالى البشر عليها.
أضاف: «كان الرسول صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على بناء وعي الإنسان ومحاربة الشائعات من خلال القصص والوعظ الذي يحدد للمجتمع السبيل القويم لمواجهة الأزمات والتحديات ومواجهة الشائعات والفكر المتطرف، لأن الوعي درع وقاية ضد الأهداف الخبيثة لأعداء الوطن، قال تعالى.. هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ».
الصالحي شدد أيضًا على أهمية دور الأئمة والواعظات بالتشارك مع مؤسسة الإعلام في التعليم المُوجَّه لمواجهة كل المحاولات لتشتيت وهدم المجتمع، وقال إن الإعلام يلعب دورًا حيويًّا في تذليل العقبات التي تواجه التنمية ومواجهة الشائعات، ومن هنا يأتي الدور الآخر المشترك للأئمة والواعظات والإعلام لمواجهة خطر الشائعات التي تحدق بالمجتمع وتعيق التقدم وتحقيق الأهداف المنشودة ومواجهة الأفكار المغلوطة، ومحاولة التشويه والتشكيك والأفكار الهدامة، لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي لوطننا الحبيب.
أوضح أنَّ دور الأئمة والواعظات ووسائل الإعلام يتكامل أيضًا في العمل على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أغنى وسائل التنشئة الاجتماعية في العصر الحاضر وتحقيق الاستخدام الآمن لها لمواجهة الصفحات المشبوهة والتي تحمل فكرًا خبيثًا هدامًا مخربًا للمجتمع، ومن هنا يتحتم تغليظ العقوبات على مروجي الشائعات والأكاذيب، وهذا يجعل من دور الأئمة والواعظات محوري في مواجهة الفكر المتطرف، إلى جانب دور وسائل الإعلام، وكذلك دعم التكامل والتواصل مع جميع المؤسسات.
في غضون ذلك، ألقى الدكتور محمود فؤاد مستشار التربية الدينية بوزارة التربية والتعليم، كلمة أشاد خلالها بالدور الذي تؤديه الوزارة في مجال نشر الفكر الوسطي المستنير وتنمية مهارات معلمي التربية الدينية، وأكّد أنَّ وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تسعى بالتعاون مع وزارة الأوقاف لتحقيق الاستراتيجية والتنمية الشاملة المستدامة؛ لبناء الكيان المصري وتزويده بالقيم اللائقة.
فؤاد لفت إلى البدء بالفعل في التعاون مع جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها وزارة الأوقاف، في إقامة المسابقة الثقافية المشتركة لنشر الثقافة الدينية الصحيحة وبخاصة أنّ الشباب والطلاب هم لبنة المجتمع، وقد أحدثت هذه المسابقة نشاطًا ووعيًا، إلى جانب إقامة الدورات المشتركة بين وزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني لمعلمي التربية الدينية.
في كلمته، قدّم ماهر عباس، مدير تحرير صحيفة الجمهورية، الشكر لوزير الأوقاف على هذه الدعوة، وقال إن جمعة دخل معركة الوعي بكل قوة لكي تصل رسالة المسجد الحقيقية بعد أن اختطفت خفافيش الظلام هذه الرسالة لفترة ما، وهو ما كان واضحًا جليًا، حيث كانت هناك جماعات ضالة ومتطرفة تسيطر على الزوايا، إلى أن استطاعت مدرسة الدعاة بقيادة وزير الأوقاف تطهير المنابر من هذه الجماعات المتطرفة، وبناء الوعي المستنير.
عباس أكّد أن وزارة الأوقاف تتحلى بالوعي واليقظة لا سيّما في ظل الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن الوزارة استطاعت مواجهة خفافيش الظلام على وإفساد مخططاتها في استهداف الشباب كما نجحت من قبل في إفشال هذه الجماعات في السيطرة على المنابر.
كما أشار إلى أن الوعي هو الذي يستطيع أن يجعل المواطن يدافع عن الدولة وإنجازاتها وتحدياتها ويواجه العقليات الإرهابية بفكر واع مستنير، مشيدًا بجهود وزارة الأوقاف في مشروع صكوك الأضاحي الذي كانت تدخل منه الجماعات الإرهابية للناس فجاءت وزارة الأوقاف لتنظم هذه العملية ونجحت في ذلك نجاحًا مبهرًا، وهذا وعي جديد في مواجهة الجماعات المتطرفة، وفق تأكيده، وأشاد بأئمة الأوقاف الذين لديهم رؤية مستنيرة ولديهم انتماء للدولة الوطنية وقياداتها.
وفي ختام الحفل، قدّم طلاب التربية والتعليم هدية تذكارية لوزير الأوقاف تقديرًا لجهوده في رفع ثقافة الوعي ونشر الدين الصحيح.