علي جمعة: تعدد الزوجات تكريم للمرأة.. وقِصر النظر على واحدة ليس إنصافًا
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية سابقًا، إنّ الإسلام جاء بالحد من تعدد الزوجات، ولم يأتِ بالدعوة أصالة إلى هذا التعدد كما يظن من وصفهم بـ«غير المتخصصين»، معتبرًا هذا الأمر بمثابة التكريم للمرأة.
أضاف في منشور عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، اليوم السبت، إنّ نظام تعدّد الزوجات كان شائعًا قبل الإسلام بين العرب، وكذلك بين اليهود والفرس، وأن التاريخ يحكي عن الملوك والسلاطين بأنّهم كانوا يبنون بيوتًا كبيرة تسع أحيانًا أكثر من ألف شخص، لسكن نسائهم من الجواري، وفى بعض الأحيان، يقدمونهن كهدايا إلى ملوك آخرين، ويأتون بنساء جديدات.
جمعة اعتبر أنَّه من الغريب أنّ الذين يحاربون نظام الإسلام في السماح للرجل بالزواج مرة أخرى في ظروف معينة، يعانون من التفكُّك الأسري وانتشار الفاحشة وإباحة تعدد الخليلات (العشيقات) بلا عدد ولا حد، فالخليلة لا تتمتع بحقوق الزوجة، إضافة لما يترتب على الأمر من خيانة الزوجة، وإسقاط حقوقها، فضلًا عن عدم الاعتراف بتلك الخليلة وبأولادها، موضحًا أنها وحدها التي تتحمل ثمن أجرة الإجهاض أو تعيش غير متزوجة «الأم العازبة»، لترعى طفلها غير الشرعي.
المفتي السابق أكّد أن العديد من المفكرين من الحضارات الأخرى، أيّدوا إباحة الإسلام لتعدد الزوجات تحت الشروط السابق ذكرها، بينهم الفيلسوف الألماني الشهير شوبنهور، الذي قال في هذا الشأن: «إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى، بمساواتها المرأة بالرجل، فقد جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا، وضاعفت علينا واجباتنا».
شوبنهور أضاف: «لا تعدم امرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجًا يتكفل بشؤونها، والمتزوجات عندنا قليل، وغيرهن لا يحصين عددًا، تَرَاهُن بغير كفيل: بين بكر من الطبقات العليا قد شاخت وهى هائمة متحسرة، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلى، يتجشمن الصعاب، ويتحملن مشاق الأعمال، وربما ابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي والعار، ففي مدينة لندن وحدها ثمانون ألف بنت عمومية، سُفك دم شرفهن على مذبح الزواج، ضحية الاقتصار على زوجة واحدة، ونتيجة تعنت السيدة الأوروبية، وما تدعيه لنفسها من الأباطيل، أما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حقيقة لنوع النساء بأسره».
جمعة ينقل في هذا الصدد أيضًا عن إني بيزانت زعيمة الصوفية العالمية في كتابها «الأديان المنتشرة في الهند»: «ومتى وزنَّا الأمور بقسطاس العدل المستقيم، ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي الذي يحفظ ويحمى ويغذى ويكسو النساء، أرجح وزنًا من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره».
وتذكر جوستاف لوبون: «إن نظام تعدد الزوجات نظام حسن يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تمارسه، ويزيد الأسر ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تجدهما في أوروبا» (حضارة العرب، ص397).
جمعة اختتم بالقول: «ما سبق يؤكد لنا أن نظام تعدد الزوجات أو إباحة التزوج بأكثر من واحدة، تحقيقًا لمقاصد الشريعة التي نص عليها الشرع الإسلامي، ليس منقوضًا عند معظم المفكرين، وقد رأينا شهادة بعضهم، بل هو في حقيقته تكريم للمرأة؛ لأن الإنسان لا بد أن تكون نظرته متكاملة، فقصر النظر على المرأة التي يتزوج الرجل عليها ليس إنصافًا، فإن التي سوف يتزوجها الرجل هي امرأة كذلك، وكرَّمها الشرع بأن سمح للرجل بأن يتزوج منها لعلاج ما يعانيه المجتمع من مشكلات اجتماعية واقتصادية».