انتخابات مهددة ومستقبل على المحك.. كيف تعالج ليبيا أزمتها للوصول إلى ديسمبر بسلام؟
تتزايد التحديات أمام ليبيا في طريقها للوصول إلى انتخابات ديسمبر المقبل، التي يتأرجح مصيرها بين تأكيدات من الجميع على ضرورة إقامتها في موعدها دون تأخير، لاستعادة الاستقرار ودولة المؤسسات، لكن على أرض الواقع تتزايد التحديات التي تهدد إجراء الانتخابات في موعدها واستكمال خارطة الطريق.
وكانت العاصمة الليبية طرابلس، أمس الجمعة مع تحد جديد قديم، يتمثل في العناصر المسلحة التي باتت أداة لتحقيق الأطراف المتصارعة لمصالحها وفرض كلمتها، والتحكم في مصير ليبيا بعيدا عن تطلعات الشعب، فيما يُعد التهديد الأخطر الآن هو تعريض خارطة الطريق للانهيار، وعرقلة إجراء الانتخابات القادمة المزمع عقدها في 24 ديسمبر القادم، والتي يرى الكثيرون أنها تحدد مستقبل البلاد بعد أعوام من التخبط وعدم الاستقرار.
وتعاني العاصمة طرابلس من انتشار معسكرات الجيش وعناصر الأجهزة الأمنية والمسلحين، وتقاطع الأدوار فيما بينها، خاصة في منطقة جنوب طرابلس الهشة التي كانت محل نزاع مستمر، ما يخلق على الدوام بيئة متوترة قابلة للاشتعال في أي وقت وتهديد مصير البلاد وخارطة طريقها.
ويقول الباحث السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، إن طرابلس بحاجة إلى تغيير هذا الواقع بإبعاد المعسكرات عن المناطق السكنية، وتطبيق القرارات السابقة سواء من المجلس الرئاسي السابق أو البرلمان، القاضية بإنهاء المظاهر المسلحة داخل العاصمة.
وقف استغلال المسلحين
وأضاف لـ«القاهرة 24»، أن الأوضاع تحتاج لمعالجة شاملة، سواء فيما يتعلق بالمجموعات المسلحة وتفعيل عملية دمجها بالأجهزة الأمنية وتسريحها وإعادة الهيكلة، بالإضافة إلى ما يتعلق بالأطراف السياسية، من حاجة ملحة للحوار والاتفاق، لأنها تعد الدافع الرئيسي للاشتباكات المسلحة، وتستغل العناصر المسلحة لفرض نفسها كطرف سياسي، بسبب الهواجس من تغير قواعد اللعبة بعد الانتخابات وغياب دورها وتلاشي مصالحها ونفوذها.
وأكد أن الوضع في ليبيا اليوم جيد ومهيأ للذهاب إلى معالجة شاملة بما يضمن استقرار الوضع في ليبيا، وذلك فضلا عن الموقف على المستوى الدولي، حيث أبدت جميع الدول التي شاركت في اجتماع دول الجوار بالجزائر نهاية أغسطس الماضي، رغبة جادة في استدامة السلام في ليبيا.
وفي اجتماع الجزائر، أكدت الدول الـ7 المشاركة، وبينهم مصر، رفضها القاطع لاستمرار توريد السلاح والمرتزقة للتشكيلات المسلحة في ليبيا، والمحاولات المتعمدة لبث الفرقة بين الليبيين لتقويض جميع الجهود الرامية إلى حل الأزمة، مؤكدين ضرورة تعزيز تدابير بناء الثقة وتهيئة المناخ الملائم لإجراء الانتخابات، بالإضافة إلى الأهمية البالغة لإجراء مصالحة وطنية شاملة وذات مصداقية.
أما البعثة الأممية في ليبيا، فقد دعت أمس عقب اندلاع الاشتباكات، إلى ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2570 والشروع بشكل شامل ومفصل في عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج وإصلاح قطاع الأمن، بهدف وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
الحوار الوطني وإزالة الهواجس
وتكمن المشكلة حاليا في ليبيا قبل الوصول إلى الانتخابات، في تخوف الأطراف السياسية من تلاشي دورها سواء بالإقصاء من الانتخابات أو الاستبعاد وتلاشي النفوذ والمصالح بعدها، لذلك يكمن الحل في حوار مجتمعي جاد يستهدف الوصول إلى توافق وإزالة المخاوف وطمأنة الهواجس، والتأكيد على تساوي فرص الجميع أمام صندوق الاقتراع، وفقا لـ«بلقاسم».
وتابع قائلا: «ما نحتاجه هو الاتفاق على قواعد دستورية في المنتدى السياسي تضمن المشاركة السياسية الواسعة، حتى لا يشعر أحد أنه معرض للإقصاء.. نحتاج حوارا مجتمعيا يُشعر كل الأطراف التي ستدخل الانتخابات بتساوي فرصها في الصندوق»، مشيرا إلى ضرورة اقتناع كل الأطراف السياسية بنتائج الانتخابات قبل الذهاب إليها.
إلى ذلك أكد السفير الأمريكي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، أن الزعماء السياسيين من جميع الأطراف يتحملون مسؤولية الاتفاق الفوري على حل وسط يسمح بإجراء تلك الانتخابات في موعدها المحدد، مضيفا أن الليبيين لا يرغبون في رؤية الصراع الأهلي يتكرر، وأن أفضل أمل للاستقرار يكمن في الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر.
وذكرت الخارجية الأمريكية في تصريحات سابقة مع «القاهرة 24»، أن الوقت قد حان لجلوس كل الأطراف الليبية على طاولة الحوار للتوافق بما يدعم إجراء الانتخابات، مشيرة إلى الإجماع الكبير الذي أبدته كل الدول، لتقدم الدعم اللازم لليبيين في سبيل تمهيد الطريق لإجراء الانتخابات بديسمبر القادم.
وأكدت أنه يجب على كل القوات العسكرية الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة الانسحاب فورا من ليبيا دون تأخير، وفقا لرغبة الشعب الليبي ولتحقيق تقدم وإنجاح العملية السياسية، مشيرة إلى أن وجود المرتزقة في ليبيا، لا يمثل خطرا على ليبيا فحسب، بل على المنطقة بأسرها، ويجب احترام السيادة الليبية لأن هذه التدخلات تطيل أمد الصراع وتعرقل كل المساعي لتقدم العملية السياسية.