قصائد عربية | «أهجُرِ النَومَ في طِلابِ العَلاءِ» إسماعيل صبري
أهجُرِ النَومَ في طِلابِ العَلاءِ
وَصلِ الصُبحَ دائِبًا بِالمَساءِ
وَالتَمِس بِالمسير في كل قُطرٍ
رُتبةَ العارِفين وَالحُكماءِ
إِن غَضَّ الشَباب فَقَّهَهُ التَر
حالُ شَيخٌ في أَعيُنِ العُقَلاءِ
وَمُقامُ الحُسامِ في الغِمدِ يُزري
بِالذي حازَ مَتنُه من جَلاءِ
فَدَعِ الغِمدَ يَبدُ لِلعَينِ مِن فَض
لِكَ ما كانَ في زَوايا الخَفاءِ
إِنَّ أَمضى الرِجال مَن كانَ سهمًا
نافِذًا في حُشاشَةِ الغَبراءِ
وَاللَبيبُ اللَبيبُ مَن دارَ في الأَر
ضِ لِعلمٍ يناله أَو ثَراء
إِنما الأَرضُ وَالفَضاءُ كِتابٌ
فَاِقرَأوهُ معاشِرَ الأَذكِياءِ
وَاِقرِنوا العِلمَ بِالسُرى رُبَّ علمٍ
لم تَحُزهُ قَرائِحُ العُلَماءِ
وَأَطيلوا ما كانَ من قِصَرِ العَي
شِ بحَثِّ الرِكابِ في الأَنحاءِ
وَطَنُ المَرءِ مَهدُه وَبَقايا ال
كَونِ بَيتٌ له رَفيعُ البِناءِ
وَمَعيبٌ أَن تَصرِفَ العُمرَ في المَه
دِ وَتَنسى البَيتَ الوَسيعَ الفِناءِ
هذه الفُلكُ يَستَحِثُّ خُطاها
هَزَجُ الريحِ في صحارى الماء
كَم أَطالَت مدى الرَحيل وَوالَت
هُ فعادَت بِالخَير وَالسَرّاءِ
وَهلالُ السَماءِ يَزدادُ نورًا
كلَّما خاضَ لُجَّة الظُلماء
لَو وَنى عَزمهُ لما فازَ بِالقِد
حِ المُعَلّى في القُبَّةِ الزَرقاء
خُلِقَ المرءُ لِلتَنَقُّلِ في الأَر
ضِ وَلِلسَعيِ لا لِمَحضِ الثَواء
فَتَحَرَّك بِحُكم طَبعِك أَو كُن
حَجرا في مَجاهلِ البَيداء
حَبَّذا رِحلةٌ تُمَثِّلُ تَمثي
لًا مزايا الأَسفارِ لِلقُرّاء
قد أَجادَت فيها يَراعةُ مُنشي
ها اِختِيارَ الأَخبارِ وَالأَنباء
فَأَجِل في جَمالِها نَظراتٍ
فهيَ بِكرُ الآدابِ وَالإِنشاء
وَتَفَهَّم حديثَها ثم سافِر
ليس مَن يَسمعُ الحديثَ كرائي
إسماعيل صبري، أحد رواد مدرسة البعث والإحياء في مصر، ومن اكبر وأشهر شعراء عصره، ولد في 1854، ونشأ يتيمًا، تميز برقة ألفاظه الشعرية، ومعانيه النبيلة، ولم ينشر له ديوانه إلا بعد وفاته بخمسة عشر عام، وكتب له المقدمة الدكتور طه حسين، كان إسماعيل صبري رجل قانون، واشتغل بالقضاء المصري وتدرج فيه حتى أصبح نائبًا عموميًا، لدى المحاكم الأهلية، كما تم تعيينه محافظًا للإسكندرية في 1896، ثم وكيلا لوزارة الحقانية 1899.