الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

معاناة بدر طفل القناطر لا تنتهي.. من السجن إلى التسول وصولا إلى الهرب | صور وفيديو

محرر القاهرة 24 مع
حوادث
محرر القاهرة 24 مع بدر طفل القناطر
الأربعاء 08/سبتمبر/2021 - 05:03 م

لم يكن طفل القناطر يعلم أن هناك حياة أخرى خارج سجن القناطر للنساء، فقاده ظنه أن الحياة ما هي إلا سجن كبير، كما وصفها براين دراموند، ولكن من منظور طفل لم يبلغ الرابعة من عمره، تجسدت هذه العبارة بمعناها التجريدي بعيدًا عن الفلسفة، فهو يتذكر بعض اللقطات غير المكتملة لصغر سنة، فأسوار السجن هي نهاية الدنيا بالنسبة إليه، فتمثلت أمامه كسياج القصب أمام منزل طه حسين، عندما تحسسه بيديه ووصفه بأنه يمتد إلى نهاية الدنيا، أما سور السجن فهو أمام ناظري الطفل.

طفل القناطر

فيلم جسد قصته

 

كأن فيلم روم (Room) الذي عبر عن قصة جاك، الطفل الذي  يبلغ من العمر 5 أعوام ترعاه والدته لارسون، في مكان لا تتجاوز مساحته أمتارًا قليلة، والذي تشير إليه والدة جاك، دائمًا باسم الغرفة، بعد اختطافها من قبل شخص ومضاجعتها وحملها بـ جاك، الذي ولد داخل هذه الغرفة التي ظنها عالمه، حتى سنت والدته خطة محفوفة بالمخاطر من أجل الفرار، وتمكنت من ذلك وهرب جاك ليجد أن هناك عالمًا آخر غير عالم غرفته، قد تجسدت أحداثه في قصة طفل القناطر.

 

آخر ذكريات طفل القناطر

 

يذكر طفل القناطر أنه لم ير ذكرًا قط، فسجن القناطر من حوله، تملأه النسوة من كل جانب، فخُيِّل إليه أن الله لم يخلق ذكرًا في الدنيا سواه إن كان قد علم أنه مختلف عن البقية، وأن ثياب الدنيا انطوت على الأبيض والأزرق والرمادي، فلا ألوان غيرها داخل سجنه، وإن صح التعبير داخل عالمه الخاص، وأن قادة هذا العالم يتمثل في الضابطات والسجانات.

العالم الآخر

 

بدأ الطفل في تعلم الكلام وتمييز الأصوات، وفهم الأحداث شيئًا فشيئًا، حتى تعقدت مفاهيمه ومعتقداته، فلاحظ أن هناك بوابة لهذا العالم، تنفتح على عالم آخر يبدو أنه أكثر اتساعًا من عالمه، بعد ظنه أن لا عالم سوى سجنه الكبير، لاحظ الطفل قدوم بعض النساء من العالم الكبير إلى عالمه، وعلى العكس تغادر أخريات، بعد ظنه بانتفاء البشر بعيدًا عن هذا العالم.


لحظة التنوير

 

كثرت التعقيدات داخل عقل الصغير، وزادت حدتها، واشتاقت نفسه، أن ترى ما خلف بوابة السجن التي تمثّل بوابة الانتقال عبر الزمن، ولكن ما يحدث أمام ناظريه ليس أسطوريًّا، حتى جاءت لحظة التنوير عندما أتيحت لطفل القناطر فرصة الخروج من السجن تصحبه إحدى سجاناته لإلحاقه بأحد دور الرعاية.

 

طفل القناطر


لحظة الخروج من السجن

 

لحظة انتظرها طفل القناطر كثيرًا، كاد قلبه ينفطر من أجلها، فها هو يخرج إلى العالم الآخر، وما أن وقع بصره إلى خارج بوابة السجن، حتى كاد قلبه يتوقف عن النبض وعقله عن التفكير، ونظره عن الإبصار، فمقلتا عينيه انحسرت عن آخرها، حتى تستوعب ما تراه من اتساع لم يعهده الصغير من قبل، وآلاف الأسئلة يطرحها عقله المحدود، وتسارعت دقات قلبه، رهبة بهذا المشهد العظيم، فآلات تنبيه السيارات كادت تثقب طبلة أذنه، ورأى أشباحا تمر أعلى الطريق، وداخل السيارات المجاورة، وكانت عبارة عن رجال لم يعلم الطفل أنهم موجودون على وجه الأرض، فما رأى سوى النساء طيلة أعوامه الأربعة، وبدأت تنهدم المعتقدات شيئًا فشيئًا، فهناك مبانٍ شاهقة، وسيارات متعددة الأحجام، بل هناك مجرى مائي لا نهاية له ولا بداية، وهذا النوع الجديد من البشر، يتجول في كل الأمكنة، وهنا علم الطفل أن عالمه القديم ليس سوى قطرة في بحر الاتساع المهول.

طفل القناطر

بدر طفل بلغ الرابعة عشرة من عمره، لحظات السعادة فيها محدودة، ولد في سجن القناطر بعد أن سُجنت فيه والدته في أثناء حملها فيه، بتهمة الاشتراك مع زوجها في الاتجار بالمواد المخدرة، لتقضي المحكمة بالسجن 11 عامًا لكليهما، وتشاء الأقدار أن يولد بدر في كنف سجن القناطر، وتوصي إدارة السجن بالإبقاء عليه حتى ترضعه والدته، وتنتهي فترة حضانته.

 

ولد بدر وسط عناية من مستشفى السجن، ورعاية من والدته، وحنان من المسجونات اللاتي رغم ارتكابهن للجرائم، فلم تزل عاطفة الأمومة بداخلهن، حتى كبر ونطق وفهم بعض الأشياء وزادت تساؤلاته ولكن بلا مجيب، فقد رفضن الاعتراف له بما هو فيه، وفضلن اكتشاف ذلك بنفسه.

الإيداع في دور الرعاية

مضت أكثر من سنوات، وقررت إدارة سجن، إيداع طفل القناطر في إحدى دور الرعاية، وفور خروجه تكشفت أمامه الحقائق، وعلم أنه كان برفقة والدته المجرمة، وأن عالمه كان سجنًا للمذنبين والمجرمين.

وقضى طفل القناطر 7 سنوات داخل دور الرعاية، فلم يجد معاملة تعوضه عن خسارته، فظل يعاني ويتحمل قسوة أصحاب الدار وزملائه بها، إلا أن هناك بعض اللقطات السعيدة التي يتذكرها الطفل، لحظة لهوه ولعبه وعزفه على بعض الآلات الموسيقية.

طفل القناطر

خروج والديه من السجن

خرج والدا طفل القناطر من السجن، بعد أداء العقوبة، وهنا توجه والده إلى دور الرعاية وأخرجه منها، مما لاقى سعادة عارمة في نفس الطفل، أن له أبًا سيحميه ويأويه بعيدًا عن هذه الدار، لكنه لم يعلم أنه مقبل على الفصل الثالث من المعاناة.

أجبره والده على التسول

التقى القاهرة 24 طفل القناطر ليروي كواليس قصته أملًا في محاولة لإنقاذه، وقال إن والده تجرد من مشاعر الأبوة، وأجبره على التسول، ليس وحده، وإنما برفقة 6 من أشقائه، فوزّعهم في الشوارع والميادين، يتسولون من العامة، وفي نهاية اليوم، يكون الثواب والعقاب، وكثيرًا ما تعدى عليه والده بالضرب مسببًا جروحًا عميقه في رأسه، ليخرج من فيلم رووم ويعيش فيلم العفاريت.


محاولة الهروب

ضاق الطفل ذرعًا بالتسول وبمعاملة والده، فهرب إلى والدته، ولكن لاحقه والده وأعاده، فقرر الهروب إلى أبعد مكان عن والده، وتوجه إلى محطة مصر، واستقل قطار الإسماعيلية، لا يعلم أين ولا أي مقصد يقصده، إنما ينتوي الهروب فقط.

طفل القناطر أثناء تسوله


محاولة إنقاذه

لم تكن هيئة طفل القناطر رثة إلى حد كبير، إنما كان طفلًا عاديًّا تظهر عليه ملامح التعب والمشقة، مختلطة بملامح الخوف والقلق، ولم يكن هذا خفيًّا على المارة من حوله، فالكل يستفهم عن حالة طفل جالس على أحد مقاعد القطار، رأسه متكئ على حافة النافذة، وبصره ملقى إلى الخارج، لا يعبأ بما حوله أو يبالي، فقطع عليه أحد الأشخاص يدعى مصطفى شروده، وهدأ من روعه وتحدث معه فعلم قصته، فقرر اصطحابه إلى منزله، ثم سلمه إلى عضو جمعية أطفال مطمئنة يدعى خالد شعبان عله يجد من يساعده.

https://fb.watch/7Uo6QbyU1u/
تابع مواقعنا