تولستوي.. إقطاعي دافع عن الفلاحين ونادى بالمحبة والمساواة
تولستوي، الأديب والمفكر الروسي العملاق، أحد أهم الروائيين الروس على مر التاريخ، والذي تحل اليوم ذكرى ميلاده التي توافق 9 سبتمبر من العام 1828، جابت أعماله جميع بلدان العالم، وترجمت لمعظم لغاته، وصفه لينين، بالفنان العظيم والكاتب الأصيل، والعبقري.
كان الكونت ليو تولستوي إقطاعيًا، من أصحاب الأملاك، فهو ينحدر من عائلة من النبلاء، لكنه كان رغم ذلك يدافع عن الفلاحين والفقراء، ويعدد فضائلهم، وينادي بالمحبة والعدل بين البشر، فمن رسائله المتبادلة بينه وبين غاندي، يقول في إحداها قبل وفاته بشهرين: كلما شعرت بدنو الموت، ازددت رغبة في التعبير عما أشعر به بقوة، وهو نبذ جميع أشكال المجابهة بالقوة، وهذا يعني في الواقع مبدأ المحبة، أو بمعنى آخر، توق أرواح بني البشر إلى التلاقي والوحدة، ويضيف: إن أي استخدام للقوة لا يتوافق مع مبدأ المحبة، ولو سُمح باستخدام القوة ولو في حالة واحدة، فإن هذا سينسف قانون المحبة من جذوره.
ظل تولستوي رغم أفكاره يتعامل في حياته الواقعية كأي إقطاعي، يفكر في زيادة الأملاك، وتنمية المحاصيل، فكان كمن ينظر من أعلى ولا ينزل للأرض أبدًا، يكتب للفقراء من وجهة نظر الغني، ففي الواقع هو طبقي، وأرستقراطي، وفي الناحية الأخرى هو يصادق الفلاحين، ويطمح بأن يحقق في يوم ما قيم الإنسانية المثالية التي ما دام حلم بها.
المراحل الأولى من حياة تولستوي
ذاق تولستوي مرارة اليتم في طفولته، وكان لذلك تأثير كبير على حياته ونمط تفكيره، فقد ماتت أمه وعمره سنة ونصف، ووالده مات وهو في الثامنة، ثم أخذته جدته لترعاه، فماتت بعد أشهر قليلة هي الأخرى، ليذهب بعد ذلك مع عمته وزوجها إلى مدينة قازان، والتحق هناك بالمدرسة الثانوية وعمر 12 عامًا، وفي عام 1844 دخل الجامعة، جرب فيها دراسة اللغات الشرقية، ثم القانون، لكنه تركها بعد عامين، ولم يستطيع أن يستمر فيها لوقت أطول، وقرر العودة إلى ضيعته.
عاد إلى ضيعته ببعض الأفكار الجديدة، فقام بمساعدة الفلاحين على بناء بيوت جديدة، وأنشأ لهم مدرسة، لكن لم يطل الأمر حتى تغير مزاجه، فترك ضيعته وذهب إلى سان بطرسبرغ، وأخذ يتردد هناك على نوادي القمار، ومصاحبة النساء، وهكذا لازمه هذا التقلب في جميع أمور حياته، فلم يستقر أبدًا.
