«إن كنت غالي عليّا»
● مهما كان الموضوع يبان تافه بس العين المطروفة دون مبالغة هي نهاية الكون.. أو بدايته!.. كتب "Roy trakin" في سنة 1995 إن مدام "كاثلين" لما لقت ابنها "جيم" اللي عنده 12 سنة بيبربش افتكرت في الأول إن فيه رمش أو حباية رمل دخلت في عينه دون قصد.. حتى لما لقت الموضوع مستمر لمدة نصف ساعة؛ جابت فوطة بيضا وحطتها فوق عينه ونفخت له فيها زي ما بيحصل عندنا بالظبط وخلّته يغسلها لكن برضه فضلت البربشة مستمرة!.. سألته حاسس بإيه قال لها مش عارف بس عندي رغبة ملحة إني أرمش بعيني وكل ما أحاول معملش كده غصب عني بيحصل.. لما ظهرت الحيرة على وش أمه؛ حاول "جيم" يشرح أكتر ويقرب لها الصورة فقال لها الموضوع شبه لما تكوني عايزة تعطسي وتحاولي تكتميها بس ماتقدريش.. ولإن "كاثلين" مش دكتورة وعشان برضه ماتسيبش نفسها للاحتمالات والتفسيرات المحدودة بتاعتها أخدت الولد ولفت بيه على كذا دكتور أمراض عيون وعصبية.. لحد ما حصل إجماع بين الكل.. الولد عنده "متلازمة توريت".. يعني؟.. تقلصات لا إرادية.. طيب تمام فيه علاج؟.. أكيد فيه؛ بس مش علاج دائم لكن مجرد مهدئ للحركة العصبية للعين لإن الحركة هتستمر معاه للأبد.. أخد العلاج وبدأت حركة العين العصبية تقل لكن ظهر بدالها تشنجات تانية في الوش والبُق وراسه بقت تميل على كتفه بشكل ملحوظ.. الموضوع بقى مزعج لما بتحصل الحالة دي وبقى منظر الأسرة كلها مُلفت في أى مكان بيتواجدوا فيه وعيون الناس بتشبط فيهم من حركات الولد اللي تكسف.. قبل الإصابة دي "جيم" كان بيحب "ميليسيا".. جارتهم البنوتة الصغيرة اللي كانت شايفة فيه فارس أحلامها وهو كان شايف فيها إختصار لجمال كل بنات المدرسة.. حب أخضر على الفطرة زي اللي كلنا مرينا عليه كان لسه في بدايته ويادوب كانوا لسه معترفين لبعض بيه.. بدأ أصحاب "جيم" يبعدوا عنه تدريجيًا وحرفيًا مابقاش فيه حواليه غير أمه وصديقته "ميليسيا".. حتى هو قرر بينه وبين نفسه يبعد عن "ميليسيا" عشان مايحطهاش في موقف محرج بوجوده جنبها.. قرر يبعد هو بدل ما هي تاخد القرار وساعتها الوجع هيبقى وجعين.. بس استغرب من موقفها وقربها اللي زادوا عن الأول.. ولما واجهته قال لها إنه تعمد يبعد عشانها هي.. "ميليسيا" مسكت إيده وقالت له: (اخترتك كما أنت وحتى إن تغير مظهرك؛ فقد أحببت قلبك!، كنا سويًا قبل الإصابة وسنكون كذلك بعدها!).. رجعت العلاقة بينهم أقوى من الأول وزي ما بيقولوا إن الأزمات بتفلتر الناس حصل كده بالظبط مع "جيم" اللي استكفى بـ أمه وصديقته عن الكل.. خروجه وقعداته بقت مع الاتنين دول بس اللي ماشفوش في إصابته ومرضه عيب.. لحد ما جه عيد ميلاد "ميليسيا" وصممت إنه يحضره!.. بس "جيم" لسه عنده الحاجز النفسي بتاع مواجهة الناس اللي خلّاه مع الوقت بيبقى مكسوف من التواجد في الأماكن العامة عشان مايحرجش نفسه وكان شايف إن تواجده في عيد الميلاد هيخليه مسخرة القعدة مش أكتر.. هي ضغطت وهو رفض.. ضغطت أكتر وهو صمم على الرفض أكتر.. اختلفوا.. هو شافها مش مقدرة ظروفه.. هي شافته مش بيحبها.. النتيجة؟.. هي قاعدة في عيد ميلادها مش مركزة ووشها متضايق والكل ملاحظ ده.. هو قاعد في بيته بيتفرج على التليفزيون وبيقلب في القنوات بشكل إعتيادي وعينه مش شايفة اللي بيتعرض أصلًا.. بص في الساعة بتاعته لقاها الساعة 9 بالليل وفاضل على إنتهاء عيد الميلاد ساعتين.. خد قراره بسرعة.. فتح التلاجة بتاعتهم وأخد كيكة شيكولاتة كان فاضل نصها بس، وحطها جوه صينية ألمونيوم وثبتها فوق العجلة بتاعته وركبها واتحرك ناحية بيتها.. وهو في الطريق سايق حس إن الحالة العصبية هتجيله وهو نسي ياخد الدوا أساسًا.. بدأ يبدل على البدال أسرع وأسرع عشان يوصل قبل ما الحالة تبقى أسوأ!.. بدّل بدّل بدّل وشاف قدامه نور جامد جاى في وشه لخبطه لحد ما رجليه مع سرعة الحركة بتاعته اتشنكلت في الجنزير ووقع على الأرض.. في نفس اللحظة لما النور قرب اكتشف إن النور اللي جاى وقع على الأرض!.. النور ده كان نور عجلة "ميليسيا" اللي كانت جاية في الإتجاه المقابل برضه!..جريت عليه وفي إيدها لفة كبيرة وسندته.. استغرب لما شافها وماصدقش ولقاها بتطلع من جيبها القرص اللي المفروض ياخده واكتشف إنها مش بتمشي من غير شريط الدوا بتاعه!.. مفيش وقت ضاع في العتاب بينهم.. قعدوا الاتنين على الأرض وضحكوا كده من غير سبب.. قالتله إنها سابت عيد الميلاد وهربت ومحدش في البيت ولا الضيوف يعرف إنها كانت جاياله وسرقت معاها وهي جاية تورتاية عشان ياكلوها مع بعض.. بص على يمينه هو كمان وناولها صينية النص كيكة وحكالها إنه سرقها برضه من البيت.. الضحك جاب ضحك والهزار جاب هزار جاب لحظة صمت.. بعد الصمت "ميليسيا" قالتله إنها كانت عارفة إنه هييجي.. سألها: ولو لم يكن حدث!.. ردت: كنت سأنتظرك.. سألها: افترضى!.. ردت: (وقتها سأكون قد اخترت الشخص الخطأ، وأنت لا يمكن أن تسمح أن أكون على خطأ أبدًا).. الاتنين بيقرروا يروحوا لـ بيت "ميليسيا" عشان يكملوا عيد الميلاد هناك.. الروح المعنوية بتاعت "جيم" كانت في السما.. نسي الناس ونظراتهم ودخل الحفلة ماسك إيدها كإنها كل إنتصاراته.. فرفش وغنى ورقص وهزر.. ولما جه وقت تصوير الفيديو قعد يمثل اسكتشات كوميدية و"ميليسيا" معاه.. كان يوم مميز في حياة الاتنين.. بعد الحفلة بأسبوع و"كاثلين" والدة "جيم" بتتفرج على فيديو الحفلة لاحظت إن الحركات العصبية اللي في وش "جيم" ماظهرتش ولا مرة رغم إن مدة الفيديو كانت تقريبًا ساعتين على كذا مقطع ودي مدة طويلة إن الحالة ماتظهرش فيها نهائي!.. قررت تحسم الموضوع وكررت العملية في البيت عندهم.. استلفت كاميرا فيديو من جارهم وخلّت "جيم" يمثل لها مشهد تمثيلي من دماغه قدام الكاميرا.. لما دارت الكاميرا اختفت تشنجات "جيم" نهائي وبالعكس بقى يقدر يتحكم فيها بالشكل اللي يخدم اللي بيمثله.. مسكت" كاثلين" طرف الخيط وبدأت تمشي وراه وبعد مشاورات مع دكاترة مخ وأعصاب ونفسيين أجمع الكل للمرة التانية إن التحسن ده سببه "نفسي" مش أكتر وإن الولد بيحب التمثيل وبينسى لا إراديًا وضعه الصحى وهو قدام الكاميرا.. بتقرر "كاثلين" إنها تقدم له في ورشة تمثيل رغم ظروف أسرتهم البسيطة.. بيروح "جيم" وبتصمم "ميليسيا" تروح معاه!.. شوية بـ شوية بتكبر موهبة الولد وبيكبر معاها إسمه.. "جيم كاري".. أهم ممثل كوميدي في تاريخ السينما بيعرف يعمل تعبيرات بملامح وشه واللي مش كتير يعرفوه إن كان أصلها مرض!.. بالمناسبة "جيم" و"ميليسيا" إتجوزوا وكملت قصتهم بالجواز.. النهاية المنطقية لـ حدوتة بدأت بـ السند والتصديق في التاني.. صحيح إنهم وبعد سنين جواز كتيرة سعيدة حصل إنفصال بينهم بس ولإن البداية كانت صح من الأساس؛ ده حصل بشياكة منقطة النظير من الطرفين والإنفصال تم لأسباب إنسانية بحتة مالهاش علاقة نهائي لا بمحبة ولا احترام الطرفين لـ بعض.. بالعكس.. ده الاحترام ده هو اللي خلاّهم حتى بعد الطلاق على تواصل دائم ومستمر كأصدقاء بيدعموا، ويسندوا، ويضللوا، ويراعوا بعض.
● الغاليين على بعض مفيش في قاموسهم كلمات من نوعية "صعب"، "مش هينفع"، و"مش وقته".. الغاليين ليهم عند بعض استثناء مالوش مدة صلاحية.. دورهم في حياة بعض إن في أي لحظة وقت ما يعوزوا يلاقوا.. يقعوا يتسندوا.. يتجرحوا يتداووا.. إن كنت غالي عليا هعمل عشانك اللي لو غيرك شافه هيقول عليه مستحيل بس هو بالنسبالي "ممكن" مادام اللي طلبه غالي.