قصائد عربية | «أتظعَنُ يا قلبُ مع من ظعَنْ» أبو الطيب الممتنبي
أتظعَنُ يا قلبُ مع من ظعَنْ
حَبيبَينِ أندُبُ نفسي إذَنْ
ولم لا أصابُ وحربُ البسو
سِ بينَ جفوني وبينَ الوسَن
وهل أنا بعدَكُم عائشٌ
وقد بنتَ عنّي وبانَ السكَن
فدى ذلكَ الوجه بدرُ الدجى
وذاك التثنّي تثنّي الغُصُن
فما للفراق وما للجميع
وما للرياح وما للدِمَن
كأنْ لم يكن بعد أن كان لي
كما كان لي بعد أن لم يكُن
ولم يسقني الراح ممزوجَةً
بماءِ اللِّثَى لا بماءِ المُزَن
لها لونُ خدّيهِ في كفِّهِ
وريحُكَ يا أحمدَ بنَ الحسَن
ألَم يُلفِكَ الشرفُ اليعرُبيّ
وأنتَ غريبَةُ أهل الزَمَن
كأنَّ المحاسنَ غارَت عليكَ
فسَلَّت لدَيكَ سُيوفَ الفِتَن
لَذِكرُكَ أطيبُ من نشرِها
ومدحُكَ أحلى سماعِ الأُذُن
فَلَم يَرَكَ الناسُ إلا غنوا
برُؤياكَ عن قولِ هذا ابنُ مَن
ولو قُصِدَ الطفلُ من طَيّئٍ
لشاركَ قاصِدُهُ في اللبَن
فما البَحرُ في البرِّ إلا نداكَ
وما الناسُ في الباسِ إلا اليمَن
من هو أبو الطيب المتنبي؟
أبو الطيب المتنبي، أحمد بن الحسين بن الحسن، المولود في عام 915، ولد بمدينة الكوفة، وتلقى بها تعليمه، حيث كانت قبلة طالبي العلم في ذلك العصر، تميز المتنبي بإتقانه الكامل للغة، يقال أنه أفضل من استعمل العربية في شعره، وكان المتنبي محبا لنفسه، حتى أنك لو نظرت لأشهر قصائده التي كتبها في مدح أحد كمدحه سيف الدولة مثلًا ستجده مادحًا نفسه أكثر من ممدوحه، نال المتنبي شهرة واسعة في عصره، فكان مطلب الحكام والأمراء أن ينالوا رضاه ليمدحه.
توفي المتنبي مقتولًا بسبب هجائه لأحدهم، ويُقال أنه كان في طريقه للهرب والنجاة، فقال له أحد قتلته، وقال له أوليس أنت من قال: الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم، فعاد المتنبي بغروره الذي عرف عنه، ليواجه قاتله، فقُتل، عام 965.