الخطيب أم صلاح.. الأسطورة الحقيقي
في المرحلة الابتدائية بإحدى مدارس محافظة البحيرة كنت أحد التلاميذ وقتها الذين ينتظرون غياب أحد المدرسين عن الحصص الأساسية، من أجل النزول إلى حوش المدرسة للعب الكرة، أو على الأقل أن يأتي لنا أحد المدرسين المرهقين من العمل ليكون بديلًا للمدرس الأساسي، ووقتها تتحول الحصة إلى حصة ترفيهية ما بين الغناء والنكت والمداعبات والتقليد، لكن دائمًا ما كان هناك أسئلة ثابتة من المدرسين لاختبار قدراتنا كتلاميذ كان أبرزها: «يا ترى مين الأول البيضة ولا الفرخة؟»، وكثير من مثل هذه الأسئلة، بالإضافة لجمل التكرار واللخبطة مثل: «أنور أرنب في منورنا»، وغيرها من تلك الأشياء التي لا يمكن نسيانها مهما مرت السنوات.
تذكرت هذه الأمور وأنا بين الحين والآخر أتابع خناقة الفراغ المعتادة في السنوات الأخيرة، وهي الخناقة التي يخترعها هواة الترافيك والباحثون عن اللقطات، عن من هو الأسطورة الأبرز في كرة القدم المصرية: يا ترى محمود الخطيب أم محمد صلاح أم شيكابالا أم محمد أبو تريكة أم فلان أم علان؟
في البداية يجب أن نطرح سؤالًا هامًا: هل من ينصب شخصًا ليكون الأسطورة الحقيقي للكرة المصرية هو المفوض بمنح حقوق اللقب أو رئيس مجلس إدارة كتاب التاريخ مثلًا أو حاصل على شهادة دكتوراة في منح لقب الأساطير أو مندوب وكالة الأساطير في الشرق الأوسط لتوزيع الألقاب؟! فما بين الحين والآخر نستيقظ على فلان يُصرح بأن فلانًا هو الأسطورة الأهم أو الأسطورة الوحيد فقط، لتبدأ الخناقة المعتادة، وبالطبع الأمر لا يخلو من تراشق لفظي بين المشجعين ليدافع كل مشجع عن أسطورته، ويتصدر صاحب التصريح عناوين الصفحات والمواقع وهو الهدف الأساسي الذي سعى ونجح فيه.
نعم هناك أساطير في الكرة المصرية وليس أسطورة وحيد، أيها الباحث عن الشو كل لاعب أمتع مشجعيه وأخلص لناديه هو أسطورة في عين جماهيره، فالخطيب أسطورة أهلاوية وحسن شحاتة أسطورة زملكاوية وعلي أبو جريشة أسطورة إسمعلاوية وحسن الشاذلي في الترسانة، ومسعد نور في بورسعيد، وبوبو في الاتحاد السكندري، وغيرهم من النجوم الذين سطروا تاريخ ومجد أنديتهم، فلا أنا ولا هؤلاء يملكون التقليل من تاريخ هؤلاء أو منحهم وتجريدهم من تلك الألقاب، وليس من المعقول أن نقارن محمد صلاح مثلًا بمحمود الخطيب، فهذا في زمان ومكان وهذا في زمان ومكان، فمحمد صلاح اللاعب الأهم في إنجازات الكرة المصرية والعربية قال يومًا ما إن الخطيب مثل أعلى ومُلهم له أمام مرأى ومسمع من الجميع.
نصيحة لهواة النفخ في النار.. كفاكم تغذية لعقول الصغار بالتعصب، فالأمور أصبحت ملتهبة، فلا تسكبوا المزيد من الوقود على تلك النيران المشتعلة، ولتقولوا خيرًا أو لتصمتوا يرحمكم ويرحمنا الله.