قصائد عربية.. «من أرض بلقيس» عبد الله البردوني
من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر
من جوها هذه الأنسام والسحر
من صدرها هذه الآهات، من فمها
هذي اللحون. ومن تاريخها الذكر
من «السعيدة» هذي الأغنيات ومن
ظلالها هذه الأطياف والصور
أطيافها حول مسرى خاطري زمر
من الترانيم تشدو حولها زمر
من خاطر «اليمن» الخضرا ومهجتها
هذي الأغاريد والأصداء والفكر
هذا القصيد أغانيها ودمعتها
وسحرها وصباها الأغيد النضر
يكاد من طول ما غنى خمائلها
يفوح من كل حرف جوها العطر
يكاد من كثر ما ضمته أغصنها
يرف من وجنتيها الورد والزهر
كأنه من تشكي جرحها مقل
يلح منها البكا الدامي وينحدر
يا أمي اليمن الخضرا وفاتنتي
منك الفتون ومني العشق والسهر
ها أنت في كل ذراتي وملء دمي
شعر «تعنقده» الذكرى وتعتصر
وأنت في حضن هذا الشعر فاتنة
تطل منه، وحينًا فيه تستتر
وحسب شاعرها منها إذا احتجبت
عن اللقا أنه يهوى ويدكر
وأنها في مآقي شعره حلم
وأنها في دجاه اللهو والسمر
فلا تلم كبرياها فهي غانية
حسنا، وطبع الحسان الكبر والخفر
من هذه الأرض هذي الأغنيات، ومن
رياضها هذه الأنغام تنتثر
من هذه الأرض حيث الضوء يلثمها
وحيث تعتنق الأنسام والشجر
ما ذلك الشدو؟ من شاديه؟ إنهما
من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر
من هو عبد الله البردوني؟
عبد الله صالح حسن الشحف البردوني، شاعر وناقد يمني، من مواليد 1929، وسمي البردوني، نسبة لقريته البردون، فقد البصر وهو في الخامسة من العمر، وعندما نضج شعره وعرف، لقب بمعري اليمن، لتتشابه الشعري مع حالة فقدان النظر، كما عرف عن البردوني أنه من المجددين في الشعر العربي، ومن أنصار الحداثة، كما اتبع في شعره المذهب الرومانتيكي، وناقش في شعر تاريخ وطنه اليمن، وأمجادها، وتاريخها الشعري، من أعماله الشعرية: من أرض بلقيس، عيني أم بلقيس، زمان بلا نوعية، جواب العصور، ورحل عن عالمنا في أغسطس من العام 1999.