قصائد عربية| قصيدة «ماريا» أمل دنقل
ماريّا ؛ يا ساقية المشرب
اللّيلة عيد
لكنّا نخفي جمرات التنهيد!
صبى النشوة نخًبا.. نخًبا
صبى حبّا
قد جئنا اللّيلة من أجلك
لنريح العمر المتشرّد خلف الغيب المهلك
في ظلّ الأهداب الإغريقيّة !
ما أحلى استرخاءه حزن في ظلّك
في ظلّ الهدب الأسود
ماذا يا ماريّا ؟
الناس هنا كالناس هنالك في اليونان
بسطاء العيشة، محبوبون
لا يا ماريّا
الناس هنا – في المدن الكبرى – ساعات
لا تتخلّف
لا تتوقّف
لا تتصرّف
آلات، آلات، آلات
كفى يا ماريّا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان !
ــــــــــــــــــــ
ماذا يا سيّدة البهجة ؟
العام القادم في بيتي زوجة ؟ !
قد ضاعت يا ماريّا من كنت أودّ
ماتت في حضن آخر
لكن ما فائدة الذكرى
ما جدوى الحزن المقعد
نحن جميعا نحجب ضوء الشمس ونهرب
كفى يا ماريّا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان
ــــــــــــــــــــ
قولي يا ماريّا
أوما كنت زمانا طفلة
يلقي الشعر على جبهتها ظلّه
من أوّل رجل دخل الجنّة واستلقى فوق الشطآن
علقت في جبهته من ليلك خصله
فضّ الثغر بأوّل قبله
أو ما غنّيت لأوّل حبّ
غنّينا يا ماريّا
أغنية من سنوات الحبّ العذب
ــــــــــــــــــــ
ما أحلى النغمة
لتكاد تترجّم معناها كلمة.. كلمة
غنّيها ثانية... غنّي
( أوف، لا تتجهّم
ما دمت جواري، فلتتبسم
بين يديك وجودي كنز الحبّ
عيناي اللّيل.. ووجهي النور
شفتاي نبيذ معصور
صدري جنّتك الموعودة
و ذراعي وساد الربّ
فينسّم للحبّ، تبسّم
لا تتجهّم
لا تتجهّم )
ــــــــــــــــــــ
ما دمت جوارك يا ماريّا لن أتجهّم
حتّى لو كنت الآن شبابا كان
فأنا مثلك كنت صغيرا
أرفع عيني نحو الشمس كثيرا
لكنّي منذ هجرت بلادي
و الأشواق
تمضغني، وعرفت الأطراق
مثلك منذ هجرت بلادك
و أنا أشتاق
أن أرجع يوما ما للشمس
أن يورق في جدبي فيضان الأمس
ــــــــــــــــــــ
قولي يا ماريّا
العام القادم يبصر كلّ منّا أهله
كي أرجع طفلا.. وتعودي طفله
لكنّا اللّيلة محرومون
صبى أشجانك نخبا.. نخبا
صبى حبّا
فأنا ورفاقي
قد جئنا اللّيلة من أجلك !
من هو أمل دنقل؟
أمل دنقل هو الشاعر المصري الكبير، ولد في أسرة صعيدية في عام 1940 بقرية القلعة، مركز قفط بمحافظة قنا في صعيد مصر، وتوفي في 21 مايو عام 1983 عن عمر 43 سنة، عرف بمجهوداته الكبيرة في تجديده الشعر العربي الحديث، اشتهر بقصائده القومية، الناقمة والناقدة للأوضاع التي لا تعجبه، وعرف بمعاداته لدولة إسرائيل، وكت إحدى أشهر القصائد له في معاهدة كامب ديفيد، «لا تصالح»، تزوج من الصحفية عبلة الرويني، لكن لم يكد يسعد في حياته حتى أصابه المرض، قضى أمل نحو عام ونصف العام في المعهد القومي للأورام، تحديدًا في الطابق السابع غرفة رقم «8» وكتب هناك آخر أعماله ديوانه الذي حمل رقم غرفته.