باحث مصري يؤسس عائلة الماكسينات ويصبح من أهم علماء النانو بالعالم
مهندس مصري، تخصص في مجال هندسة وعلوم المواد، عشق تخصصه وكان شغوفًا به، لم ينهم شغفه بتعيينه مُعيدًا بقسم هندسة الفلزات جامعة القاهرة، ولا بحصوله على الماجستير من نفس الجامعة عام 2009، بل لازمه الشغف في رحلته البحثية لأمريكيا 2010، وامتد معه إلى أن أصبح من أهم الباحثين في علوم المواد عالميا، وأسس لعائلة مواد جديدة، ونشر أكثر من 90 ورقة بحثية في مجلات علمية مرموقة، ويتم الاستشهاد بأبحاثه أكثر من 24 ألف و600 مرة، وحصل على العديد من الجوائز الدولية.
«الماكسينات».. كانت كلمة السر في مسار امتد 4 سنوات دراسية وبحثية عميقة، أسس فيها مايكل نجيب، عائلة كاملة من المواد النانونية على مستوى العالم، كانت فكرة الدكتوراه الخاصة به، اختار الماكسينات، كموضوع بحثي وأشرف عليه مشرفان؛ ميشيل برسوم ويوري جوجوتسي، عاد فيما بعد تسجيل اختراع الماكسينات إليهم الثلاثة، كعائلة كربيدات ونيتريدات المعادن الانتقالية في حالة ثنائية الأبعاد، حتى حصلوا فيها على براءة اختراع باسمهم.
يضيف المخترع مايكل: كل المواد في الحياة ثلاثية الأبعاد، طول وعرض وارتفاع أو سمك، يحدث أن يكون أحد هذه الأبعاد صغيرا جدا (عدة ذرات)، أو الطول والعرض كبيران مقارنة بالسمك، هنا تمسى المواد مجازا ثنائية الأبعاد، وتتميز بخواص فريدة مقارنة بالمواد التقليدية”.
الدكتور مايكل نجيب أوضح أن الجرافين هو أشهر مثال للمواد ثنائية الأبعاد أو هو عبارة عن ذرات الكربون مُرتبة على شكل سداسيات، كأنها ورقة سمكها ذرة واحدة، بينما الماكسينات ليست كذلك، إنما أكثر تنوعا من حيث العناصر الكيميائية المكونة للكربيدات ونيتريدات المعادن الانتقالية، وهي في حالة ثنائية الأبعاد، كورقة سمكها من ثلاث لتسع ذرات، فالماكسينات هي عائلة من المواد تضم نحو أكثر من 40 مادة من هذه العائلة تم تصنيعها حتى الآن.
بدأ الدكتور المصري البالغ من العمر 36 عاما رسالة الدكتوراه بعمل 13 مادة مختلفة من عائلة الماكسينات، كمؤسس لها على مستوى العالم، ثم بدأ الباحثون من مختلف بلدان العالم كالصين وأوروبا وأمريكا وأستراليا وإفريقيا وآسيا، بالعمل على تلك العائلة، حتى وصلوا لنحو 40 مادة من هذه العائلة، أكثر من 600 جامعة ومركز بحثي حول العالم يعملون على بحث ودراسة تلك العائلة الجديدة من المواد ثنائية الأبعاد.
أكد المخترع المصري لـ القاهرة 24، أن الماكسينات أصبحت مجالا في المواد النانونية، وباتت مجالا بحد ذاتها، لها مؤتمرات علمية تنظم بصفة دورية، لم تعد محدودة على مخترعيها، بل تم إجراء آلاف الأبحاث عليها، كما أن تطبيقاتها متعددة؛ بداية من تخزين الطاقة، والغسيل الكلوي، وتحلية المياه، ومضاد للإشعاع الإلكترومغناطيسي، وكذلك في صناعة مركبات قوية متعددة الوظائف.
تابع: بعد تخرجي تم تعيين في مركز أوكريدج البحثي التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، كزميل يوجين ويجنر لما بعد الدكتوراه.. ويجنر الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1963، وعملت هناك قرابة الـ 3.5 سنوات على عدة أبحاث في مجال مواد تخزين الطاقة، وتوجت الأبحاث ببراءتين اختراع وأكثر من 20 ورقة علمية، وتم ترقيتي خلال تلك المدة وتعييني كباحث بالمركز بعد الزمالة، ثم قررت بعدها أن اتجه للمجال الأكاديمي، حيث العمل البحثي مع الطلبة مُتاح، بجانب التدريس لطلبة البكالوريوس والدراسات العليا، وبالفعل التحقت بجامعة تولين بأمريكا، وعينت أستاذا مساعدا بها ثم أستاذ المقتبل الوظيفي كين وروث أرنولد في العلوم والهندسة بنفس الجامعة.
الباحث المصري يطمح إلى أن يوفر موادا رخيصة تستطيع أن تحل مشكلات الأفراد بطريقة آمنة، لتجعل حياة البشر أفضل، علم المواد غني للغاية، ومهم لحياة البشر فقد سميت العصور بأسماء المواد المستخدمة فيها كالعصر الحجري والعصر البرونزي والعصر الحديدي.
أكد مايكل نجيب، أن الماكسينات كأي مادة جديدة تحتاج بعض الوقت ليتم إنتاجها بكميات كبيرة، وتكلفة قليلة أيضا، فهناك شركة يابانية تنتج كيلوجرامات من الماكسينات بصفة دورية لاستخدامها في مختلف التطبيقات، في أول العام الحالي نشر الباحث المصري بحثا أوضح فيه أنه من الممكن تدوير إطارات السيارات وخردة الألومنيوم، وأكسيد التيتانيوم لصناعة المواد الأولية لتصنيع الماكسينات، وتكلفة كل هذا بسيطة.
استكمل: لا أعرف أي بحث مصري عن الماكسينات، وأنا حاليا في محاولة تعاون مع جامعة مصرية لتصنيعها ودراستها، مصر تمتلك بنية تحتية معقولة لعمل أبحاث، لكن الظروف لا تسمح بمعدل إنتاج بحثي أكبر، وقد تم رفدي من جامعة القاهرة قانونيا لأني سافرت منحة خاصة للدكتوراه في إجازة دراسية، بعدها تمنح الجامعات المصرية فرصة إجازة سنتين لدراسة ما بعد الدكتوراه، لكن زمالة ويجنر كانت مدتها 3 سنوات، فرفضوا منحي إجازة سنة أخرى لإنهاء الزمالة، لم يكن الأمر شخصي لكنها أمور إدارية.
وصف الدكتور مايكل حالته مع أبحاث علم المواد، بفضول الأطفال، حيث دائما يريد التطوير والتنقيب عن مواد جديدة، أو البحث عن تطبيقات جديدة لمواد قديمة، فالمحرك لديه يكون عبارة عن "شغف طفل يستكشف لعبة جديدة"، لذلك فإن استمتاعه بالشغل يلغي التعب.
كأي باحث، يرى المهندس المصري أن العائق الأساسي الذي يقف أمامه هو تمويل الأبحاث، العائق يمثل في إقناع محكمين الجهات المانحة للتمويل بالفكرة البحثية ومن ثم تمويلها، خاصة أن علم المواد التجريبي هو من المجالات التطبيقية وليس النظرية، فيه خامات وماكينات وأجهزة معقدة وأدوات مكلفة، لكن قامت مؤسسات أمريكية بتمويل أبحاثه بما يزيد عن 2 مليون دولار، هذه المؤسسات هي وزارة الطاقة الأمريكية، وجامعة تولين التي يعمل بها، ووكالة ناسا، ومؤسسة العلوم القومية الأمريكية.
العائق الأخير من وجهة نظر الدكتور مايكل، تمثل في العنصر البشري، فوجود باحثين أذكياء لديهم فضول وشغف لاستكمال الأبحاث في المجال هو عائق كبير، إلا أنه تداركه بعمله في جامعة تولين مع طلبة مجتهدين.