رضيت بالهم والهم مرضيش بيا.. ابن قرية ميت عنتر يؤكد ضياع حقه بسبب المعاشات
حتشتغل أيه يا حاج بوزنك ده.. مواطن يهدد بالانتحار بعد تأخر صرف المعاش وتجاهل المسؤولين: مش عارف أعيش
رضيت بالهم والهم مرضيش بي.. بهذه الكلمات بدأ عمر سميط، ابن قرية ميت عنتر بالدقهلية، يروي مأساته التي كادت تدفعه إلى الانتحار، بسبب تأخر صرف معاشه بعد أن ظل قرابة خمسة وعشرين عامًا يعمل بالقطاع الخاص.
وقال عمر سميط، إنه كثيرًا ما كان يستيقظ من نومه في منتصف الليل ويتوجه للسماء، أحيانا للدعاء وأحيانا أخرى تراوده أفكار للإلقاء بنفسه عسى أن يرحمه ربه بعد قضائه أكثر من 20 عامًا من القهر المتواصل وإذلال النفس.
عمر وصف حالته بعد صدور قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد رقم 148 لسنة 2019: لفترة تزيد عن 20 سنة وأنا أعمل في القطاع الخاص طبقًا لقانون التأمينات رقم 79 لعام 1975، والذي يقر للعامل أن من حقه التقاعد بعد عشرين عامًا من الخدمة بناءً على الاشتراكات التأمينية الشهرية، وفي عام 2018 ذهبت لتسوية معاشي نظرًا لظروفي الصحية الصعبة ليستريح هذا الجسد الذي أوشك على الانهيار، وأجلوه لـ 14 شهرًا، وقبل انتهاء المدة المحددة بشهور قليلة فوجئت بصدور قانون جديد يحمل رقم 148، وإلغاء مجلس النواب للقانون القديم وضياع حقي المشروع .
الرجل الذي هدد بإنهاء حياته بالانتحار استنكر بقرار إلغاء قانون المعاش القديم الذي ظل يطبق لأكثر من 20 عامًا والانتقال لقانون جديد دون مرحلة انتقالية؟، متسائلًا: « وأين أنا من الاشتراكات التأمينية والأقساط الذي أدفعها شهريا لمدة تزيد عن عقدين دون انقطاع طبقا للاتفاق، على أمل أن يحق لي التقاعد بعد عشرين عام؟.
فيما أكد أنه كان من الأفضل له أن يدخر ما دفعه للاشتراكات التأمينية وأقساط شهرية، موضحًا أنه أفنى عمره في عناء وشقاء والإصابة بأمراض مزمنة في أجزاء جسده وكأنه حكم عليه بالمؤبد أو أنه لا يخرج من هذه المنظومة إلا وهو في طريقه للقبر ».
وتابع المسن حديثه: رضيت بالهم والهم مرضاش بيا، اضطررت للخضوع للقانون فأنا لا أملك أي مصدر دخل آخر، حتى تهالك جسدي من كثرة الأمراض وفصلي تعسفيًا، بحجة أنه لا فرصة جديدة أمامي بحكم السن والمرض فأين مدخراتي ومعاشي وبطاقاتي التأمينية، مضيت حياتي في عذاب العمل بالقطاع الخاص 20 عامًا، ليأتي القانون الجديد ويخضعني لـ 20 أخرى، وكأن العمر به مزيد من عشرات السنوات، قانون أشبه بذبح غير رحيم لم يضع في الحسبان رجل مثلي فقد عائلته بالكامل ولم يتزوج حتى الآن وهو في عقده الرابع، ليس لديه أي مصدر رزق أن يكمل حياته »؛ ليكون الجواب « اخبطوا دماغكم في الحيطة ملكوش مدخرات اشتراكية ولا معاش مبكر عندي .
بعد انقطاع كل السبل توجه سميط إلى الشركة التي أفنى بها عمره، حسب قوله، عارضًا عليهم العمل باليومية، ولكن الاقتراح قابلته الشركة بالرفض بحجة حالته الصحية الضعيفة، والتي تدهورت بسبب الشركة نفسها ولم ينعم بمكافأة نهاية الخدمة.
وتساءل: أين أنا في ظل رفع شعار حياة كريمة، وأنا لم أرى الشعار ذاته، ولكن كل ما رأيته إذلال وقهر، فلم تكفل الدولة لي توفير خدمات التأمين الصحي ولم تضمن لي حياة كريمة، خضعت لعمليات استئصال بجانب مشاكل في جدار المعدة وانزلاق غضروفي ونزيف في المخ، وعندما أذهب للبحث عن العمل يكون الجواب: هتشتغل إيه يا حج بوزنك دا.
سميط، شدد على أنه لم يطلب بأكثر من حقه إما تسوية معاشه وحصوله على مبلغ 900 جنيه شهريا ليتمكن من شراء رغيف عيش وطعمية، فهذا المبلغ لا يكفي لأكثر من ذلك بجانب بطاقاته الصحية لعلاج الأمراض التي تزداد يوما بعد يوم، أو استرداد حقه في مدخراته الاشتراكية التي دفعتها طوال أكثر من عشرين عامًا.
ابن قرية ميت عنتر تابع: حرمت من إكمال نصف ديني، ولم اتزوج ولن أرى جزء مني يحمل اسمي من بعدي، حتى أنني أحيانا أخاف الموت لأنه لن يعلم أحد حتى يتعفن جسدي وتفوح رائحتي فأنا ليس لي أنيس سوى جدران غرفتي، وكل ذلك بسبب الفقر والمرض، عشت سنين عمري في إذلال وقهر وأريد أن أعيش المتبقي منه بكرامة.
رقبتي أد السمسمة
المسن الذي أقبل على الانتحار أكد: حينما تشتد وطأة الفقر علي، لا أجد سبيل سوى اللجوء إلى صديقى الأستاذ محمد، لأطلب منه مبلغا ماديا يساعدني على شراء قوت يومه، واحتياجاتي اليومية البسيطة التي أصبحت عاجزًا على شرائها، حتى أصبحت أشعر بالخجل من كثرة الديون في حين أن حقي في أموال التأمينات التي اقتطعت على مدار سنوات طويلة من راتبي وقوتي ضاعت مع هذا القانون الذي لم يأخذ في الاعتبار عدم قدرة العامل على العمل في سن مبكر خاصة وإن ضاقت به الدنيا ولم يتبقى له سوى جدران منازله، التي من الممكن أن يغادرها هي الأخرى قريبا بسبب ديون الإيجار التي لم أعد أقدر على دفعها، ولا أطالب سوى بشيء من الرحمة.. شيء من الإنسانية.
واختتم حديثه بقوله: كيف لعمال أنفقوا من جهدهم وطاقتهم ويتم حرمانهم من صرف المعاشات ومزايا التأمين الصحي من جهة ووفقا لقانون التأمينات الاجتماعية من جهة، وعدم القدرة على الاستفادة من خدمة العلاج على نفقة الدولة من جهة أخرى باعتبارهم من المؤمن عليهم .