حصار وتهجير وأسلاك مكهربة.. كيف قبضت إيطاليا على عمر المختار؟
عمر المختار، شيخ المجاهدين، ورمز المقاومة الليبية، الذي وهب حياته في سبيل أن ينال وطنه الحرية، ففي مثل هذا اليوم 16 سبتمبر من العام 1931، سيق عمر المختار وهو مُكبل بالسلاسل، أمام 20 ألف ليبي، ووسط بنادق الطليان، وتحت طائرتهم المحلقة، تم إعدام الشيخ، بعد رحلة طويلة من الكفاح صارت من بعده رمزًا وأملًا لكل وطن مغتصب.
دارت في أواخر أيام حياة عمر المختار العديد من المفاوضات بينه وبيت الطليان، فوصل إلى ليبيا القائد الإيطالي بادوليو، بأمر مباشر من موسوليني، وأخذ يجمع القبائل الليبية ليدعوهم إلى سلام مع إيطاليا، بشروط إيطالية، تقيد من دور الليبيين داخل بلادهم، وتحجم من المقاومة المسلحة، حتى تصفوا لهم الأجواء.
وجاء رد الليبيين بتوجيه الهجمات على مختلف المعسكرات الإيطالية، بالأخص في الجبل الأخضر، وفي الجنوب، وفي 13 يونيو، نجح الإيطاليون في عقد جلسة، بين عمر المختار وبين بادوليو، ودارت فيها المفاوضات بين الطرفين، وعندما سأل بادوليو المختار، ما الداعي لتلك الحروب، أجاب، بأنه لولا الحروب، لما كان هناك عربي واحد يسير على أرض ليبيا، وانتهى اليوم بعقد هدنة لشهرين، يتوقف فيهما القتال، على أن تستمر المفاوضات في تلك الفترة.
خرق الهدنة ووصول الجنرال غراتسياني بهدف القبض على عمر المختار
لكن إيطاليا لم تحترم العهود، وقامت بخرق تلك الهدنة ودارت عجلة القتال بين الطرفين مرة أخرى، وفي تلك الفترة، وصل إلى بني غازي الجنرال غراتسياني، في مارس 1930، والذي تم إسناد إليه مهمة قيادة القوات للقضاء على المقاومة الليبية، والقبض على عمر المختار.
باشر غراتسياني عمله بنزع السلاح من المدنيين، وفصل المناطق السكنية عن المجاهدين قدر الإمكان بترحيلهم من بلادهم، وأنشأ محكمة متنقلة، تحكم على أي مشتبه به بالإعدام فورًا، وغير نوع السلاح الذي يحمله المجاهدين، ومنع الاتصال مع مصر، وخصص فرقة من أكفأ جنوده، زودهم بالسلاح الحديث مع دعم من الطائرات المقاتلة.
ولزيادة حصار جنود عمر المختار، تم مد أسلاك شائكة مكهربة، على الحدود المصرية الليبية من أول البحر المتوسط وبطول 280 كيلومتر، ثم بعد ذلك تم تفريغ الجبل الأخضر من سكانه، وفرض حصار من 13 ألف جندي إيطالي مدعوم بالأسلحة الحديثة، تغطيه الطائرات الحربية، وفي 25 أغسطس 1931، ألقي القبض على قافلة، حاولت الوصول إلى مصر، ووجدوا معهم رسائل من عمر المختار، إلى أمراء مصريين وأشخاص مسؤولين لطلب المساعدة.
وفي 11 سبتمبر في معركة غير متكافئة، بين الطليان وجنود عمر المختار، أصيب جواد المختار بطلقة في رأسه فسقط على الأرض وتحته المختار، الذي وجد الجنود يطوقونه في لحظات ويكبلونه بالسلاسل، ليقع بين أيديهم الرجل الأول في المقاومة الليبية، والأسطورة التي أرقتهم طوال أعوام تواجدهم في ليبيا.
قامت قوات إيطاليا في 15 سبتمبر 1931، بتخصيص عراباتها وقطاراتها، لنقل 20 ألف مواطن ليبي، كلهم من المعتقلين، والمقاتلين المأسورين، وسط حراسة الطائرات والبنادق الليبية، ليشاهدوا عمر المختار وهو معلقًا على المشنقة، من أجل ترويعهم، والعمل على تثبيط عزيمتهم، وصعد البطل عمر المختار على منصة الإعدام مرفوع الرأس، دون أي تراجع أو اهتزاز، وذلك في 16 سبتمبر، ليلقى ربه، وتعيش فكرته للأبد.