كبير الأثريين: المصري القديم عرف الانتحار.. وهناك بردية باسم اليأس من الحياة
تُعد ظاهرة الانتحار منشرة في ربوع مصر منذ الزمن القديم، ومنذ مساء أمس تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لانتحار فتاة في العشرينات من عمرها من الطابق السادس بمول سيتي ستارز، وانتشر الفيديو في كافة المنصات بسرعة البرق، وعلمنا من الأثريين بوزارة السياحة والآثار أن ظاهرة الانتحار منتشرة منذ القدم.
ويقول مجدي شاكر، كبير الأثريين، إن المصريين القدماء عرفوا ظاهرة الانتحار، وهناك بردية تسمى اليأس من الحياة، ومحفوظة الآن بمتحف برلين، وترجع إلى عصر الملك سنوسرت الثاني من الأسرة 12 بالدولة الوسطى ومكتوبة بالخط الهيراطيقي.
ويضيف كبير الأثريين خلال حديثه لـ القاهرة 24، أن بردية اليأس من الحياة تشتمل على حوار أدبي ذي مغزى فكري وديني وسياسي، وهذا الحوار دار بين اليائس من الحياة وروحه، وهو حوار فلسفي ظهر بسبب انتشار الظلم والفساد في العالم، ويُحاول فيه اليائس إقناع ذاته على الانتحار لكي تتخلص من مساوئ هذا العالم المليء بالأزمات والفوضى، وتعد بردية اليأس من الحياة، واحدة من أجمل البرديات المصرية القديمة.
والبردية كُتبت في أربع قصائد تصف اليأس من الحياة، موضحًا أن الملكة نيت أيقرت، في نهاية الدولة القديمة انتحرت، بعد أن انتقمت من قتلة أخيها خوفًا من الانتقام منها، وهناك الأمير بنتا ور أبن الملك رمسيس الثالث الذي تُعرف موميائه باسم «المومياء الصارخة»، والذي انتحر بعد أن كشف المؤامرة التي قامت بها والداته لتوليته ولاية العهد، وعرفت ببردية مُؤامرة الحريم.
وأيضا ماركوس أنطونيوس الذي كلفته علاقته الغرامية مع الملكة كليوباترا فُقدان خطواته في روما، والذي انتهى أمره بالانتحار إثر الهزيمة التي أنزلها له أوكتافيوس في معركة أكتيوم سنة 31ق. م، ولحقت كليوباترا به وقامت بالانتحار خشية الوقوع في الذل والرق لـ ـوكتافيوس، واختارت أن تموت بلدغة الكوبرا أو بتناول نوع من السم، وهناك شهيدة الحب أيزادورا الإغريقية، التي أحبت ضابطا مصريًا، وعندما رفض والدها ذلك الحب ألقت نفسها في النيل.
من جهته، قال الدكتور حسين عبدالبصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إنه لا توجد أي شواهد أثرية ودلائل على وجود حالات انتحار في الحضارة المصرية القديمة، ولكن يوجد نص أدبى خلال عصر الحضارة المصرية القديمة بعنوان اليائس من الحياة، وهو من النصوص الأدبية الجميلة والمهمة التي جاءت لنا من مصر القديمة، يتحدث عن اليأس ولإقناع الذات بالانتحار، مما قد يشير إلى وجود حالات انتحار بالفعل آنذاك، ولكن دون شواهد أو دليلي أثرى على ذلك.