ذاكرة الأمثال 54.. بعد ما راح المقبرة بقى في حنكه سكره
الأمثال ذاكرة تحفظ تراث الشعوب من عادات ومعتقدات والأمثال أيضا، فهي ليست كلاما يقال لمجرد تسلية الوقت أو اللهو، بل قد تعبر عن الطبقة الاجتماعية التي يتحدث بها قائلوها وما يؤمنون به.
والحالات التي تستدعي ضرب الأمثال كثيرة جدا ومتعددة، ومن الأمثال الشائعة بين الناس منذ القدم قولهم بعد ما راح المقبرة بقى في حنكه سكره.
في تفسير المثل، يوضح أحمد تيمور باشا في كتابه معجم الأمثال العامية، أن المقصود أنه مات وذهب أصبح وفي فمه سكرة عندكم. فبعد كنتم لا تهتمون به ولا تأبهون له، وهو كان بينكم وتذمونه، فلما ذهب عنكم مدحتموه ونسبتم له المناقب.
يضرب المثل لمدح الشيء والتعلق به بعد ذهابه من اليد، وقريب منه قولهم: يموت الجبان يبقى فارس خيل.
من الأمثال أيضا قولهم: البلاد بلاد الله والخلق عبيد الله، ويضرب للمتجبر المغرور الذي يحاول استعباد الناس وتسخيرهم له تذكيرا له بأنه عبد من عبيد الله.
ومن الأمثال القريبة من ذلك أيضا قولهم بلاد الله لخلق الله وهو مثل يقوله من ينوي التغرب والرحيل عن بلده؛ أي: أنا عبد من عبيده، تعالى، والبلاد جميعها له لخلقه يعيشون فيها، فبلدي كغيرها في ذلك لا يمنعني عنها مانع.
