نقيب الزبالين: أعرف الإرهابيين من مخلفاتهم.. وجامعو القمامة اتخرجوا من كليات قمة | حوار
جامعو القمامة مهنة تتحدى طوابير البطالة وترحب بالجميع دون شروط أو مؤهلات، فبالرغم من كونها مهنة شاقة إلا أن العاملين بها متعلمين وخريجي كليات قمة، ويتوارثون المهنة أبًا عن جد.
التقت القاهرة 24 نقيب زبالين القاهرة شحاتة المقدس الذي طالب باستبدال لقب زبال بلقب المنظف والذي حكى لنا أسرار عديدة من هذا العالم؛ إليكم نص الحوار
- أود أن أعرف خطتكم القادمة لتطوير أحياء القاهرة؟
تم شراء عددًا من المعدات الجديدة لنظافة وتجميل القاهرة بتكلفة تقارب 100 مليون جنيه من موازنة الدولة، وذلك ضمن منظومة تحسين مستوى النظافة بهدف الحفاظ على صحة المواطنين.
كما تم استحداث الأساليب الرقمية لرفع كفاءة النظافة المتكاملة التي تتم على مستوى الجمهورية تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، لذلك أبشر مواطني القاهرة بأنها قريبًا ستبقى أنظف مدن العالم، فتلك المعدات بدأت بالفعل في العمل منذ بداية شهر سبتمبر وستغطي جميع أحياء القاهرة تباعًا.
فنحن الآن بصدد استرجاع سلوك أخذ القمامة من باب المنزل من قبل التزام عامل النظافة بذلك، إضافة إلى سيارات كنس الشوارع ورش المياه التي ستجوب الشوارع لجمع المستجدات، فخطتنا هي أن يتم ذلك كل ساعتين باستخدام التكنولوجيا.
- إلى أين تذهب القمامة التي يتم تجميعها؟
في اليوم الواحد نرفع من محافظة القاهرة 16 ألف طن مخلفات قمامة ونتخلص منها بيئيًا، حيث يخرج منها 8 آلاف طن مواد صلبة يتم إعادة تدويرها مرة أخرى كالبلاستيك والزجاج وزجاجات المياه المعدنية والكرتون، وهناك 6 آلاف طن بقايا طعام رخوة نستعملها كغذاء للخنازير، وألفين طن غير قابلين لإعادة التدوير كحفاضات الأطفال والفوط الصحية والقفازات المطاطية والتي تذهب بدورها للمقالب العمومية التي خصصتها الدولة، ففي الجيزة تذهب لمقلب شبرامنت، وفي القاهرة لمقلب 15 مايو وبلبيس.
نحن نوفر للدولة ملايين الدولارات لاستيراد المواد الصلبة من الخارج كوننا خبراء في هذا المجال لأننا نعمل منذ عام 1948 حتى الآن بالوراثة وأبناؤنا مستمرون بتكملة مسيرة الآباء، فالعمل كجامع قمامة مهنة متوارثة فنحن لا نتقن أي مهنة غيرها، لأننا نعمل منذ ولادتنا وحتى الموت بالرغم من كونها مهنة شاقة.
- صرحت بأنك تستطيع معرفة هوية الأشخاص من خلال نفاياتهم.. اشرح لي أكثر
بالضبط، أؤمن تمامًا بمبدأ "زبالتك عنوانك" فهو شعار رفعته منذ عملي في تلك المهنة، فيوجد على كل باب وحدة سكنية لوحة باسم مالكها ووظيفته، أقوم بقراءتها وأضع متوسط لراتبه وأقارن القمامة بالراتب فعلى سبيل المثال موظف في شركة بترول راتبه لا يزيد عن 4 آلاف جنيه بالحوافز وبدل الانتقال وغيره، عندما أجد في قمامته زجاجات عطر مستوردة، زجاجات الويسكي، الهيكل العظمي الخاص بالديك الرومي، قشر التفاح، إذن هناك احتمالان إما أن هذا الموظف مُرتشٍ أو غني ويملك إرثًا يصرف منه لأن راتبة لا يتوافق مع قمامته.
أما الموظف البسيط الذي لا يتجاوز راتبه ألفين جنيه يتضح ذلك من قمامته، التي يمكن أن تكون علبة سجائر من النوع الرخيص لا يوجد فيها زجاجات مياه معدنية، لا يوجد تفاح إلا في الأعياد ولا يقشره، وكذلك هياكل الدجاج لا نجد إلا العظام.
- هل من اختصاصك أن تبلغ الشرطة إذا شكيت في حد؟
لا طبعا، موظف غني أو ورث من أحد أقاربه لماذا أبلغ عنه أنا أعرفه لنفسي فقط من قمامته، ولكن لو الشقة بها إرهابيين هنا يختلف الأمر وسنجد قمامتهم بها بارود أو أحزمة ناسفة، وغيرها من المواد المستخدمة في التفجيرات، وكذلك الشقق المنافية للآداب أيضا نعرفها، وفي هذه الحالة نبلغ عنها الشرطة لاتخاذ اللازم.
- هل جامعو القمامة متعلمون أم لا؟
الجيل السابق لنا جميعهم كانوا "بصمجية" أما جيلنا والجيل الذي بعدنا به متعلمين، فأولادنا صيادلة ومحامين وخريجي سياحة وفنادق، ويوجد شهادات متوسطة وفوق المتوسطة، وأيضا يساعدون آباءهم لأن طابور البطالة ممتد من المقطم إلي مدينة الإنتاج الإعلامي.
- معني ذلك أن هناك جامعي قمامة خريجي كليات القمة؟
بالطبع، فأنا كنقيب زبالين مواليد 59 حصلت على الثانوية العامة سنة 70 والتحقت بكلية الحقوق كان يدرس لي رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور، ومكثت أربعة أشهر بجامعة القاهرة، وعندما توفي والدي لم أستطع استكمال دراستي الجامعية، فالثقافة شيء والعمل شيء آخر، فكلمة زبال ليست موجودة في قاموس اللغة العربية ولكن نحن المنظفون، فالزبال الحقيقي هو من يزبل مكانه، فجامع القمامة أو المنظف هو أكثر شخص يشعر المواطنون بغيابه عن منازلهم.
- أفهم من ذلك أنك ترفض إطلاق لقب زبال على جامعي القمامة؟
من باب الاحترام، فمن ضمن سلبيات المجتمع عندما يسب أحد شخص يقول له يا زبال، يا حقير، فلسنا زبالين، نحن ناس محترمة ننظف بيوت الناس والبلد، ففي الخارج يقيمون تماثيل لعاملي النظافة ويطلقون عليه مهندس النظافة وراتبهم كبير، لذلك أرجو أن تتغير نظرة الناس إلينا لنكون المنظفين ولسنا الزبالين.
