أعلام الأدب 3.. الفرزدق شاعر الهجاء في العصر الأموي
نواصل اليوم، الحديث عن أهم أعلام الأدب على مر العصور وملامح حول حياتهم وأعمالهم، وبدأ الحديث أمس حول زهير ابن أبي سلمى شاعر السلام، واليوم يدور الحديث حول الشاعر الأموي الفرزدق.
الفرزدق اسمه همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، وكنيته أبو فراس وقد سمي بالفرزدق لضخامة وتجهم وجهه، وهو مولود في عام 38 للهجرة.
كتب الشعر في جميع الفنون المعروفة في عصره من فخر ومديح لكن الفرزدق عُرفَ بكثرة شعره في الهجاء، واشتهر بالنقائض التي بينه وبين جرير، حيث تبادلا الهجا على مدار نصف قرن حتى توفي فرثاه جرير.
تنقل بين الأمراء والولاة يمدحهم ثم يهجوهم ثم يمدحه، حيث مدح الخلفاء الأمويين بالشام، ولكنه مدح أيضا آل البيت من العلويين.
من المواقف الشهيرة للفرزدق أنه عندما جاء هشم بن عبد الملك إلى الحج برفقة حاشيته وكان بصحبتهم الشاعر الفرزدق وكان البيت الحرام مكتظًا بالحجيج في تلك السنة، ولم يُفسح له المجال للطواف فجلب له متكأ ينتظر دوره، وعندما قدم الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن بي طالب انشقت له صفوف الناس حتى أدرك الحجر الأسود، فثارت حفيظة هشام وأغاظه ما فعلته الحجيج لعلي بن الحسين فسأل هشام ابن عبد الملك من هذا، فأجابه الشاعر الفرزدق في قصيدة من أروع ما قاله ومطلعها:
هذا الذي تعرف البطحاء طلعته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
فخر الفرزدق بنسبه
وكان الفرزدق معروفًا بفخره زكان دائم الفخر بنسبه، ومن أشهر قصائده في هذا السياق عندما يخاطبُ الشاعرَ جرير
إن الذي سمك السماء بنا لنا
بيتا دعائمه أغر وأطول
بيتا بناه لنا المليك وما بنى
حكم السماء فإنه لا ينقل
ورد عليه جرير في قصيدة مطلعها:
إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنـى لَنـا
عِزَّا عَلاكَ فَما لَهُ مِـن مَنقَلِ
بيتًا زرارة محتبٍ بفنائه
ومجاشعٌ وأبو الفوارس نهشل
لا يحتبى بفناء بيتك مثلهم
أبدًا إذا عُد الفعال الأفضل
فيرد عليه الشاعر جرير بقصيدة هجاء يقول فيها مخاطبا الفرزدق:
أخزى الذي سمك السماء مجاشعا
وبنى بناءك في الحضيض الأسفل
بيتٌ يُحمم قينكم بفنائه
دنسًامقاعدهُ خبيثُ المدخل