رفض توريث الحكم وعارض إطلاق النار في ثورة يناير.. المشير حسين طنطاوي في عيون محمد حسنين هيكل
المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع الأسبق، رفض توريث الحكم في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، فضلًا عن أنه عارض قرار الرئيس الراحل بتدخل القوات المسلحة في شئون البلاد الداخلية.. عبارة تجدها ظاهرة في ثنايا كتاب محمد حسنين هيكل مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان الذي تناول تلك الفترة برصد دقيق للحدث ولمسؤولي المرحلة.
ويستعرض القاهرة 24، أبرز المواقف التي تصدى فيها الراحل المشير محمد حسين طنطاوي لقرارات الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك:
في خلال ثورة يناير 2011 وحسب شهادته حول توقيت تدخل القوات المسلحة في أحداث يناير، قال المشير محمد حسن طنطاوي، إن القوات المسلحة لم تتدخل في ذلك الوقت لحد يوم 28 يناير 2011، لكن لا أعرف ماذا دار بين الرئيس الأسبق وحبيب العادلي، لافتًا إلى أنه في 28 يناير 2011 الساعة 3 و30 دقيقة، صدر الأمر للقائد الأعلى للقوات المسلحة من رئيس الجمهورية للتدخل، وسبب ذلك المظاهرات وتطورها والاشتباكات والهجوم على الأجهزة الشرطية والأقسام وغيرها، والقوات المسلحة نزلت للميادين في تمام الساعة الرابعة لتدعيم الناحية الأمنية وللتأمين، واستغرقت الفترة حوالى يومين.
عارض التوريث ورفض زج القوات المسلحة في مشاكل داخلية
في كتابه مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان يقول الكاتب محمد حسنين هيكل مستندًا إلى برقيات ويكيليكس ونقلًا عن السفارة الأمريكية في القاهرة أيام كان مسؤولها الأول السفير ريتشاردوني راحت تتابع جهود التوريث في القاهرة، وتنقل في برقياتها، تكهنات متزايدة حوله، بما فى ذلك أحاديث منقولة عن أصدقاء لـ مبارك الابن، وكانت أحاديث هؤلاء الأصدقاء صريحة في أن التوريث قادم لا محالة، ولن يوقفه شيء، ولا حتى ما يبدو من تحفظ المؤسسة العسكرية حياله.
وأضاف هيكل، أن بين هؤلاء الأصدقاء.. وقد حذف القائمون على نشر الوثائق السرية أسماءهم عندما نشروها حفاظًا عليهم، وإن كانت أسماؤهم قد تسربت فيما بعد، أنه عندما ألح السفير الأمريكي ريتشاردون على بعضهم بقوله: إنه سمع أن المشير طنطاوي شخصيًا يعارض التوريث لأسباب كثيرة لدى المؤسسة العسكرية في مصر كان ردهم وبثقة زائدة أن مبارك يستطيع إعفاء طنطاوي من منصبه فى خمس دقائق.
محمد حسنين هيكل أشار إلى أن أحدهم ذكر السفير الأمريكي: طنطاوي ليس أقوى من أبو غزالة، وقد رأيتم بأعينكم كيف تمكن مبارك من إعادة أبو غزالة إلى بيته عندما أراد ذلك، ولم يستغرق منه القرار جهدًا، ولا ترتبت عليه متاعب فى القوات المسلحة - كما يردد المتشككون فى المعادين للابن الآن.
كما أكد أن الأنباء راحت تتسرب من محيط الرئاسة ذاته، بأن الرئيس أفصح لمن زاد إلحاحهم عليه أنه لا يستطيع مجاراة ما يطلبون منه، وأن عليهم تخفيف الضغط لأن المؤسسة العسكرية ليست راضية عن التوريث، وهو يؤدي كل ما يستطيع من جهد للإقناع وللتحضير، لكن المقاومة مستعصية، والمسألة ليست بالسهولة التى يتصورها من يلحون عليه.
ويشير هيكل: صحيح أن المؤسسة العسكرية بالفعل كانت تعارض، وقد أرادت أن تجعل معارضتها معروفة لدى الرئىس مبارك. إلا أن الصحيح أيضًا أن مبارك استخدم ما بدا له من معارضة المؤسسة العسكرية وكرره وضغط عليه، لأنه وجد فيه ما يوافق شعورًا غامضًا فى أعماقه ينفر من حديث التوريث.
هيكل تابع: في الحقيقة فإن تحفظ المؤسسة العسكرية على التوريث ورد ضمنًا أثناء الاستفتاء على تعديلات دستورية جرى تفصيلها خصيصًا على مقاس الوريث سنة 2006، وجرى إقرارها وسط معارضة متزايدة، ورفض شعبي واضح، جعل المشير محمد حسين طنطاوي يبدي رأيا، مؤداه أنه وكل القادة يرجون الرئيس مراعاة قاعدة مستقرة في السياسة المصرية تنأى بالقوات المسلحة عن أي دور يفرض عليها احتكاكًا بالداخل السياسي. (وذلك تعهد وقع تخطيه مرة واحدة من قبل أثناء مظاهرات الطعام 17 و18 يناير 1977، اتسع نطاقها وخرجت عن سيطرة البوليس، ويومها وكان المشير محمد عبد الغنى الجمسي وزيرًا للدفاع.
وحسب هيكل: الآن كانت الرسالة الواضحة فيما قاله المشير طنطاوي أن القوات المسلحة لا تريد أن يزج بها فى مشاكل داخلية قد تنشأ من رفض شعبي لقبول التوريث.
ويتناول هيكل واقع التحذيرات التي تلقاها مبارك حول موضوع التوريث من المؤسسة العسكرية دون أن يبدى ضيقًا من هذا، فيتحدث الكاتب الكبير، قائلًا: لكن الغريب أن الرئيس مبارك لم يظهر منه ضيق بهذا التحذير، وكانت كثرة إشارته دليل على أنه لقي شيئًا من القبول عنده، وتلك قضية تحتاج إلى بحث نفسى يصل إلى العمق البعيد عما هو كامن ومكبوت.